شيّعت أول أمس جماهير غفيرة الطفل عزمي الى مثواه الأخير بمقبرة منطقة طغزار من معتمدية طبرقة بعد أن اختطفته مياه طوفانية من فوق ظهر أمه في مجرى قريب من منزلها. ففي جو خيّم عليه الحزن المطبق حمل الاهالي جثمان الطفل عزمي (4 سنوات) ليوارى الثرى بمقبرة المكان، بعدما تمكنت الامطار الغزيرة أو الطوفانية التي تهاطلت على المنطقة وعلى معتمدية طبرقة من افتكاكه من فوق ظهر أمه وجرّه على بعد مائة متر بينما كانت الأم الملتاعة «حليمة» تهم بقطع المجرى القريب من مقر سكناها. هذا المجرى تحوّل بسرعة البرق الى واد يجر كل ما كان أمامه من أشجار وحجارة وكل من يعترض سبيله ليجد أمامه فجأة الأم حليمة (35 سنة) وهي تحمل على ظهرها ابنها الوحيد عزمي أربع سنوات (4) وتمسك بيدها اليمنى ابنتها نوال (13 سنة) تدرس بالسابعة من التعليم الاساسي في حين كانت تمسك باليد اليسرى شقيقتها عبير (11 سنة) تدرس بالسنة الخامسة من التعليم الابتدائي حين كانت عائدة من منزل والديها الى منزلها الذي لا يبعد عن مقر سكناها سوى مئات من الامتار. وجدت حليمة نفسها في لحظات تاريخية وحاسمة مع التيار المائي الذي أخذ في جرها مع أبنائها الثلاثة ليرمي بهم جميعا في اتجاه سد سيدي البرّاق. كانت الأم حليمة أقوى من المياه المتدفقة فتمكنت من إنقاذ بنتيها حيث رمت بهما على حافة الوادي وبقيت هي وعلى ظهرها ابنها الصغير تصارع قوة تدفق المياه الجارفة لينتبه اليها بعض الاجوار الذين هبّوا لانقاذها لكن بعدما افتك منها التيار ابنها عزمي من فوق ظهرها. تمكن الاجوار من إنقاذ الأم ليبدؤوا رحلة البحث عن الطفل الصغير حيث عثر عليه بعيدا مشدودا الى احدى الشجيرات من معطفه وهو جثة هامدة، فتم الاتصال بمركز الحرس الوطني بعين الصبح من منطقة طبرقة فهب أعوانه مع رجال الحماية المدنية الى مكان الواقعة (مع العلم أن منطقة طغزار تبعد قرابة 40 كيلومترا عن طبرقةالمدينة يؤدي إليها مسلك معبّد في حاجة أكيدة الى العناية) ناهيك أن أعوان الحرس والحماية وجدوا صعوبة كبرى في الوصول الى المنطقة بعدما انقطعت الطريق من جراء المياه الجارفة. «الشروق» تحوّلت الى مقر الاسرة المنكوبة حيث حاولنا التحدث الى الأم «حليمة» الملتاعة فنطقت بعبارة واحدة: «كبدي احترق» وأغمي عليها. أما الأب فرغم الحزن العميق فقال: «ضاع مني ابني الوحيد ليجهش بالبكاء»، ثم عاد بعد التخفيف عنه ليشكر أهالي المنطقة على التفافهم حوله بعدما كادت تحل به كارثة كبرى. أما شقيقة المرحوم «نوال» فقالت: «أخي الوحيد ضاع منا». للاشارة فإن السلطات المحلية سارعت بتقديم المساعدات (مواد غذائية وأغطية صوفية) الى العائلة المنكوبة أملا في التخفيف من محنتها فيما رابط الاهالي حولها ليشاركوها لوعتها.