تحل يوم غد الثلاثاء الذكرى الرابعة لإعدام الرئيس الشهيد صدام حسين المجيد، ولعل هذه الذكرى ستكون أكثر من حاضرة في أذهان العرب والمسلمين يوم غد. حيث نجد أنه رغم التخبط الكبير الذي تشهده الساحة السياسية العراقية منذ الغزو الأمريكي. فإن الصفويين لم يتركوا أي فرصة للتعبير عن عدائهم لكل ما هو عربي تمر مرور الكرام، بل أصبحت مسألة سلخ بلاد الرافدين عن أصولها العربية أولويتهم القصوى. وفي ظل هذه الذكرى والظروف الأليمة التي يمر بها بلد الرشيد. سلطت «الشروق» الضوء على هذه القضية وآخر تطوراتها التي تستهدف محو وإبادة الانتماء العراقي التاريخي للأمة العربية. أدخلت الولاياتالمتحدة العراق منذ غزوه الى بؤرة للصراعات الطائفية وجعلت منها نموذجا للدول التي تحمل في داخلها أدوات تفتيتها ولم تكد أمريكا تسحب عددا من جنودها من هناك وسلمت الحكومة المنصبة من قبلها مقاليد الحكم حتى تبين للعالم من أصبح الحاكم في العراق «الديمقراطي». وكنا تحدثنا في عدد سابق عن أزمة تشكيل الحكومة في العراق وعن الأمراض التي ظهرت على خلفية الصراع الايراني الأمريكي على تشكيل حكومة موالية لأحدهما. وربما من الأفضل أن نلتزم في هذا العدد بحدثين هامين وهما الحكم بإعدام نائب الرئيس العراقي السابق طارق عزيز وعدد من كبار معاوني الرئيس الشهيد صدام حسين والاجماع الدولي على طائفية الحكم. كما سنحاول التركيز على المبادرة السعودية وكيفية الرد عليها من قبل رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. أصدرت ما تسمى بالمحكمة العليا العراقية يوم 25 أكتوبر الماضي حكما باعدام طارق عزيز وسبعاوي ابراهيم الحسن شقيق الشهيد صدام حسين ووزير الداخلية والقيادي في حزب البعث سعدون شاكر وعبد حميد محمود السكرتير الشخصي للرئيس الراحل وعبد الغني عبد الغفور القيادي في البعث بالاعدام شنقا حتى الموت. وبعملية حسابية بسيطة قد ندرك الهدف من اصدار هذا الحكم حيث ينص الدستور الذي وضعه الاحتلال الأمريكي في العراق على ضرورة تنفيذ أحكام الاعدام في أجل لا يتعدى 36 يوما وهو ما يعني أنه وفي كل الأحوال سيقع تنفيذ الحكم قبل نهاية شهر «ذي الحجة» الحرام. وفي إشارة الى امكانية التنفيذ خلال أيام عيد الاضحى المبارك، كشف أحد قضاة المحكمة العليا العراقية أن الدعوات الدولية لوقف تنفيذه قد تعجل به وهو ما يشير الى نوايا أتباع الملالي الانتقامية كما اعتبرته معظم المواقف الدولية. وذهب المحللون الى أن مسألة الاعدامات جاء بها المالكي لاخراج زبانية الاحتلال من المأزق الذي وجدوا فيه أنفسهم بعد الوثائق التي كشفها موقع «ويكيليكس». والتي أظهرت للعالم مدى وحشية الجرائم التي تعرض لها الشعب العراقي منذ الغزو. وتعدّ الأطراف التي قامت بها والتي تراوحت بين مناصرين للنفوذ الايراني في بلاد الرافدين وأعوان وأذناب الاحتلال الأمريكي الصهيوني. كلّما حاولت وسائل الاعلام العالمية والعربية العودة الى دراسة هذه الوثائق إلا وظهر أحد ساسة «العراق الجديد» ليثير مسألة الاعدامات ويفتح مجالا جديدا أمام الانتقام الطائفي والصهيوني من النظام السابق ومن العالم العربي والاسلامي. وفي النقطة الثانية لم يكن الأمر أقل سوءا أو دموية، حيث وما ان أعلن الملك عبد اللّه بن عبد العزيز عن مبادرة سعودية للتوفيق بين مختلف الأطراف والقوائم والطوائف العراقية من أجل الخروج من مأزق تشكيل الحكومة حتى انتفض أتباع طهران وأطلقوا أجهزة الانذار من بغداد الى طهران. وبعد ساعات قليلة هزت العراق سلسلةمن التفجيرات كان نصيب بغداد منها وفي توقيت واحد 22 تفجيرا وراح ضحية هذه الجريمة 424 شخصا بين قتيل وجريح. ليطل أحد أتباع المالكي ويعلن لصحيفة «الأخبار» اللبنانية أن التفجيرات كانت «رسالة واضحة من السعودية لا لبس فيها» زاعما أنه «يريد السعوديون العودة الى العراق عودة كاملة مهما كان الثمن وهم يريدون مقايضة الأمن بالسياسة». ولم يمض وقت طويل حتى أطل المالكي متوعدا بالضرب بيد من حديد تلك اليد هي ذاتها التي قامت بالتفجيرات وهي ما يقارب 150 عنصرا من عناصر فرق الموت التابعة للتيار الصدري وما يسمى «بعصائب أهل الحق» التابعةللتيار الصدري أيضا. وقد تم الافراج عن هذه العناصر قبل أسبوعين تقريبا من التفجيرات، ولا يخفى على أحد الدور الاجرامي الذي قام به هؤلاء و«جيش المهدي» من قتل وتنكيل بالمواطنين الأبرياء من أبناء الشعب العراقي. ولعلّ ما يؤكد ذلك التقارب الكبير الذي حصل بين نوري المالكي ومقتدى الصدر في الآونة الأخيرة بعد تنافر يعلمه الجميع. وفي الجزء الأخير من هذه الرواية نجد أن التفجيرات وقعت بتنسيق مع الأجهزة الأمنية التي يسيطر عليها رئيس الوزراء المنتهية ولايته. حيث كيف يمكن أن تجتاز أكثر من عشرين سيارة مفخخة وهي محملة بأطنان من المتفجرات والعبوات الناسفة كل حواجز التفتيش والمراكز الأمنية المجهزة كما يُقال بأحدث أجهزة الكشف عن المتفجرات، إن لم تكن دخلت عبر عناصر تابعة لحزب الدعوة الصدري. والأغرب أن السيارات تمكنت من دخول الكاظمية التي لا يوجد بها سوى منفذين وأجهزة حماية متعدّدة، فكيف تم ذلك؟ ثالثا يمكن أن نسأل أين كانت يد المالكي «القوية» التي يتوعد بها اليوم محاولة المملكة السعودية اعادة الدور العربي في العراق.