تبدأ اليوم الأحد والى غاية الثامن والعشرين من الشهر الجاري الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في ساحل العاج، بعد ان أفرزت الدورة الأولى 3 مرشحين أولهما الرئيس المنتهية ولايته لوران كودو غباغبو (65 عاما)بحصوله على 38٪ من أصوات الناخبين، وثانيهما رئيس الوزراء الأسبق الحسن وتارا (68 عاما) بحصوله على 32٪ من الأصوات، وحلّ في المرتبة الثالثة الرئيس السابق هنري كونان بحصوله على 25٪ من الأصوات، لتكون المنافسة على أشدها بين غباغبو ووتارا. ويأمل الشارع الايفواري ان تنهي هذه الانتخابات التجاذبات السياسية وحالة عدم الاستقرار التي يبدو انها أصبحت مرضا عضالا في عدد من الدول الافريقية. وتشير الأنباء الأولية الى عودة الهدوء نسبيا الى مدينة أبيدجان بعد اشتباكات جدّت الليلة قبل الماضية بين أنصار المتنافسين على عرش ساحل العاج لكن حالة الهدوء التي سادت الشارع لا تعكس بالضرورة هدوء المعركة الانتخابية ولا تعني بالضرورة أيضا عدم تفجر الاوضاع مجددا خلال الايام القليلة المتبقية لإعلان النتائج النهائية وتحديد هوية الرئيس القادم. غباغبو الذي وصل الى الحكم في 26 أكتوبر 2000 وظل متربعا على عرشه الى اليوم، يعرف بشدة دهائه السياسي وقدرته على المناورة وكسب الأنصار، لكن كل تلك الميزات لم تمنع حدوث قلاقل خلال فترة حكمه لتندلع الحرب الأهلية في 19 سبتمبر 2002. معركة متجددة واللافت في المنافسة الحالية أيّا كانت وسائلها أنها معركة متجددة بين وتارا وغباغبو فالمشهد السياسي الايفواري المتقلب لا يخلو من الصراعات السياسية التي أخذت في معظمها نزعة عرقية ودينية وعلى وجه الدقة تم توظيف هذه العوامل من أطراف الصراع على السلطة في مسعى الى إقصاء المنافس الأشد. وقد سبق لغباغبو ان أزاح وتارا بعد الانقلاب العسكري عام 1999 حين أوقع بينه وبين الرئيس الجنرال روبرت غي وقتها، مستغلا مسألة الجنسية والدين. والمشهد السياسي ذاته تكرر حين تولى غباغبو السلطة في عام 2000، فقد أزاح منافسه وتارا الذي كان زعيما لأقوى الأحزاب الايفوارية: «حزب تجمع الجمهوريين» وأغلب أعضائه وأنصاره مسلمون وأجبر الرجل (أي الحسن وتارا) على الهجرة لكنه لم ينقطع عن السياسة بل أعاد ترتيب أوراق حزبه من الخارج مستثمرا علاقاته الخارجية فقد كان في السابق نائب رئيس صندوق النقد الدولي. تصحيح ويعتقد الحسن وتارا أنه تعرض للظلم منذ تسعينات القرن الماضي، حيث تعثرت مسيرته السياسية وأقصي من الترشح للانتخابات الرئاسية بدعوى أنه يحمل جنسية بوركينا فاسو. ورغم شعبيته وقوة حزبه، لم يفلح وتارا في الوصول الى سدة الحكم لأكثر من سبب لعل أهمها الأساليب الملتوية التي اتبعها غباغبو قبل توليه الرئاسة وبعدها. ويأمل وتارا في أن يصحح الوضع ويعيد الأمور الى نصابها بوصفه إيفواريا وليس بوركينيا، لكن الطريق الى رئاسة ساحل العاج لم تكن يوما ما مفروشة بالورود، بل طريق معبدة بالأشواك. وحسب التقديرات لن يترك غباغبو السلطة، فالرجل الذي ربط علاقات وطيدة مع الولاياتالمتحدة يفترض ان رئاسته انتهت منذ عام 2005 لكنه لا يزال في «حصنه» قابضا على الحكم بيد من حديد، أما خصمه ومنافسه التقليدي فمستمر في سيره على طريق معبدة بالأشواك، فهل تفيده علاقاته الخارجية وقوة حزبه الداخلية وهل توصله الى السلطة؟ سؤال يبقى مطروحا الى ما بعد الثامن والعشرين من الشهر الجاري، فإما أن يتحقق حلمه وإما ان يدميه.