تتدخل عديد الأسباب والعوامل في الحيلولة دون بروز ولاية سيدي بوزيد كولاية صناعية، على الرغم من أن عديد الولايات الأخرى أصبحت تطمح إلى التصدير متجاوزة إشكالية غياب الاستثمار أو عزوف المستثمر. فمن بين عوائق بعث المشاريع المصنعة والمصدرة بسيدي بوزيد نجد البعد عن المواني والمطارات حيث تشحن المواد للتصدير، إلى جانب رداءة الطرقات الرابطة بين مواقع الإنتاج ومراكز الشحن والتسويق. وإذا كانت الفلاحة بالجهة تستأثر بالنصيب الأوفر من الاستثمارات الاقتصادية بما يناهز 800 مليون دينار فإن مساهمة الصناعات المعملية لا تتعدى 200 مليون دينار. وإن توفرت المشاريع الصناعية فإنها تتميز بقلة عددها ومحدودية استقطابها لليد العاملة باستثناء بعض النماذج الناجحة كالمسالخ الصناعية، تعليب الزيوت، صناعة البلاستيك، النسيج والتبريد... حيث تتسع المنطقة الصناعية الحالية ل 75 مقسما معدا للبيع منها 49 مقسما مستغلا وفي إطار الإنتاج لتبقى بقية الأراضي أو المقاسم غير مستغلة من طرف أصحابها الذين انتفعوا بها منذ سنوات عديدة ورفضوا توظيفها في النشاط الصناعي.. من جهة أخرى تطرح بالمنطقة الصناعية إشكالية أخرى ألا وهي اعتماد بعض المقاسم في غير أغراض الصناعة كالمخازن والمجامع، بالإضافة إلى إشكالية وجود نقاط تجارية للتزويد بالمشروبات الكحولية وهو ما يسبب مضايقة لبعض المصانع المجاورة المشغلة للفتيات.. وهو ما يشير إلى عدم شرعية إسناد هذه المقاسم لتصبح بذلك الوكالة العقارية الصناعية هي المسؤولة عن متابعة المشاريع المنجزة بالمنطقة الصناعية وتراقب مدى تقدم إنجاز المستثمر لمشروعه حتى لا تغلق هذه المنطقة الصناعية في وجه الراغبين في الاستثمار وتصبح غير قادرة على احتواء المشاريع. ذلك أن عديد المستثمرين الأجانب يتوافدون على جهة سيدي بوزيد وأمام عدم شغور المنطقة الصناعية أصبحوا يبحثون عن أراض قصد استغلالها لكنهم يواجهون إشكالا آخر يتمثل في تعقيد أو صعوبة إجراءات تغيير صبغة الأرض، وفي انتظار تجاوز الإشكاليات العقارية للأراضي المزمع استغلالها قد ينفر المستثمر حاملا طموحاته إلى ولاية أخرى... في المقابل يبرز المسؤولون عن التنمية بالجهة واعين بضرورة توفير مناخ مشجع على الاستثمار حيث تجري الاستعدادات حثيثة للانطلاق في استغلال منطقة صناعية جديدة على مساحة 20 هك بمنطقة لسودة، إلى جانب برمجة عدد 2 من المناطق الصناعية على مساحة 10 هك بالمعتمديات، وهو ما من شأنه أن يخلق متنفسا اقتصاديا ويمنح فرصة للمستثمر في ظل توفير المنح التشجيعية حيث تسند منحة بقيمة 15% من إجمالي حجم الاستثمار وذلك بالنسبة لمعتمديات سيدي بوزيدالشرقية، سيدي بوزيدالغربية، المزونة، أولاد حفوز والرقاب. في حين يتمتع المستثمر في باقي المعتمديات ب 25% من قيمة الاستثمار. وتعتبر مصانع النسيج وصناعة الأسلاك أبرز المشاريع التي يطمح إلى إحداثها أصحاب نوايا الاستثمار وهي مشاريع تتميز بطاقتها التشغيلية العالية ومن شأنها المساهمة في امتصاص البطالة في صفوف شباب الولاية. وبالإضافة إلى تهميش وسوء استغلال الأراضي بالمنطقة الصناعية الحالية يعتبر تواجد محطة تطهير بجوار المنطقة الصناعية أو لنقل ملاصقة لها، معضلة بيئية تنعكس سلبا على سلامة الشغالين وقد يتسبب هذا الإشكال في عدول الصناعيين عن مواصلة نشاطهم والحال أن صحتهم أصبحت في الميزان. ومن جهة أخرى عبّر لنا السيد منجي سليماني متصرف مجمع الصيانة والتصرف بالمنطقة الصناعية عن شواغل المجمّع الذي يسعى بدوره إلى توفير الظروف الملائمة لتعاطي النشاط الصناعي على غرار التدخل للقيام بصيانة بعض المرافق الأساسية كشبكة التنوير هذا إلى جانب إعداد بعض المقترحات الطموحة على غرار القيام بتشجير الفضاءات الصناعية وإحداث لافتات ضوئية لتكون بمثابة دليل للمستثمر أو الزائر للمنطقة الصناعية وفي الأثناء يطالب المجمع بضرورة تسوية وضعية المقاسم البيضاء التي تعود إلى تاريخ 1980 وإسقاط الحق على من لا يمتلك شهادة ملكية... وذلك بهدف توفير طلبات المستثمرين الجدد. كما أشار محدّثنا إلى عزوف بعض المقاسم التابعة للبلدية والمجاورة للمنطقة الصناعية عن دفع مساهماتها على الرغم من تمتعها بخدمات مجمع الصيانة.