اعتاد الاعلام أن يصنف لقاء الأجوار بين الافريقي والترجي على أنه الأقوى والأفضل على امتداد الموسم بل تأكد للجميع أن أهميته فاقت لقاءات المنتخب بأشواط خلال السنوات الأخيرة ورغم أنه جاء هذه المرة في ظرف خاص جدا (الترجي في حالة فقدان توازن تكاد تصل الى حدّ الغيبوبة بعد خماسية الكونغو والافريقي في حالة ضياع بلا رئيس ناد فإن الاعلام والجمهور وضع كل ذلك جانبا وانتظر مواجهة نارية كالعادة. ولأن المتابع للمشهد الرياضي في تونس في الوقت الحالي تأخذه الدهشة مما يحدث على أرض الواقع ثم يصدم عندما يطلع على ما يدور خلف الكواليس، فقد ازدادت الدهشة والصدمة حضورا ونحن نتابع «دربي» الأمس وما فعله الحكم نصر اللّه الجوادي الذي نصر «الظالم» وظلم المظلوم أكثر من مرة.. إذ كان عليه مثلا أن يقصي الباشطبجي عندما عرقل الذوادي بالرجل واليد معا لكنه أنذر الذوادي وكان عليه أن يعلن عن مخالفة للترجي خارج مناطق الجزاء لكنه منحه ضربة جزاء وكان عليه أن يقصي ألكسيس لكنه تغافل عن ذلك. وكان عليه عموما أن يكون وفيا لاسمه «نصر اللّه» إلا أنه تنكّر له أشد تنكّر. الجوادي قد لا يتحمل المسؤولية لأن «الدربي» ولأنه يحمل في لا وعيه أن أي حكم لا ينتصر الترجي على يديه يحال على الثلاجة ظالما أو مظلوما، لكن الجامعة التي رفعت الشعارات العنترية مثل «حكم تونسي للدربي مهما كانت النتائج» هي التي تتحمّل المسؤولية إذ كان عليها أن تستنجد بحكم أجنبي أو على الأقل بحكم في مستوى «الدربي». اللقاء انتهى بالتعادل والترجي تفوق على الافريقي في إضاعة الوقت وفي النجاح أمام المرمى لأنه تعادل رغم الفرص القليلة وتفوق على سوء الحظ بعد أن أرغم على التغييرات الاضطرارية، أما الافريقي فقد واصل التفوق المعنوي على الترجي وهذا بدا واضحا في إضاعة فريق باب سويقة للوقت لكنه أهدر فرصة ضرب العديد من العصافير بحجر واحد مثل الحدّ من سرعة الترجي المتصدر والعودة القوية في البطولة واستغلال الهبوط المعنوي للمنافس. في كلمة «دربي» العاصمة أفسده الحكم نصر اللّه الجوداي كالعادة ونجحت فيه بقية الأطراف مثل اللاعبين والمدربين والجمهور رغم الشماريخ. في كلمة «الدربي» رقم 109 تاريخ المواجهات المباشرة ورقم 111 على أرض الواقع إذ تمّ إلغاء لقاءي موسم 70/71 بسبب إبعاد الترجي. كان الترجي راضيا تمام الرضاء على النتيجة والافريقي على الأداء ولكن لست أدري كيف قضى الحكم ليلة الأمس بسبب أزمة الضمير التي قد يعيشها.