سعيّد خلال زيارته إلى صفاقس والقيروان: لا مجال للتفريط في هنشير الشعّال    مناقشة الميزان الاقتصادي    قضية صناع المحتوى الخادش للحياء ...4 سنوات و6 أشهر سجنا ل «انستاغراموز»    103 ملايين دينار .. أرباح الإيجار المالي    مع الشروق .. القطاع السّياحيّ .. قاطرة الاقتصاد المُعطّبة    بنزرت...لهذه الأسباب.. الحِرف اليدويّة مهدّدة بالاندثار !    ارتفاع عدد قتلى السيول في إسبانيا إلى 140 قتيلا    حقيبة الأخبار: العمران تواجه سليمان في باردو وقاعة القرجاني تحوّلت إلى «لغز» كبير    كشفتها تصريحات البدوي : هل فقد سانتوس ثقة هيئة «السي .آس .آس»؟    فتح محضر عدلي للوقوف على ملابسات وفاة رضيعة حديثة الولادة عُثر على جثتها في مصب فضلات (مصدر قضائي)    فيما الأبحاث على أشدّها : العثور على جثتين آدميتين بالمرناقية و العاصمة !!!    معركة مسلحة بين عائلتين في المرناقية: قتيلان والقبض على 15 متورّطا    فيه ظلم مبين وإثم كبير.. هتك الأعراض في الإسلام !    هل ظلم الإسلام المرأة في الإرث؟!    منبر الجمعة: بلوغ الآفاق بسمو الأخلاق    غدا.. انطلاق المؤتمر الوطني الثالث لجراحة الصدر    الإدارة العامة للديوانة تمنح صفة متعامل اقتصادي معتمد إلى 17 مؤسسة جديدة    تقديرات صابة القوارص تتجاوز 14 الف طن في هذه الولاية    بلاغ تحديد الأسعار القصوى عند الإنتاج لبيع للدجاج الحي    وزارة الشباب والرياضة تقيم حصيلة المشاركة التونسية في الالعاب الاولمبية والبرالمبية باريس 2024 وتقدم استراتيجيتها لالعاب لوس انجلس    عاجل/ قتلى في قصف صاروخي من لبنان على اسرائيل    عاجل/ إيران تتوعّد إسرائيل بردّ قاس    الحمامات.. انطلاق أشغال المؤتمر السابع للجمعية التونسية للطب العام وطب العائلة    "فوضى الفضائيات".. قرارات صارمة ضد عدد من البرامج في مصر    مكافحة التهريب : حجز سلع ومنتجات مهرّبة ناهزت قيمتها 409،725 مليون دينار    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 3 نوفمبر 2024    الهالوين: أصل الاحتفال به وحقيقة كونه عيدا وثنيا    الترفيع في سقف التمويل وتبسيط الاجراءات الادارية أبرز مطالب أعضاء مجالس ادارة الشركات الاهلية    تأجيل مباراة ريال مدريد وفالنسيا بسبب الفيضانات    تصفيات كاس امم افريقيا (المغرب 2025):تغير طاقم تحكيم وملعب مباراة مدغشقر – تونس    الليلة: امطار متفرقة ورياح قوية بهذ الجهات    ثلاثة أفلام تونسية ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    محطة استخلاص سيدي ثابت : حجز كميات من المخدرات وايقافات بالجملة    إنتقالات: ريال مدريد يرحب ببيع أحد نجوم الفريق    عاجل/ معركة بين عائلتيْن بهذه الجهة تُسفر عن قتيلين والاحتفاظ ب14 شخصا    كريدة اليد : موعد كلاسيكو الترجي و النجم و بقية المباريات    فرك العينين بطريقة مفرطة يؤدي إلى الإصابة بإضطراب "القرنية المخروطية"    الصحة العالمية: تسجيل مستوى قياسي لحالات الإصابة بالسل    الدورة 28 للمهرجان الدولي للاغنية الريفية والشعر الشعبي بالمزونة    باجة: انطلاق الموسم الزيتي وغلق 4 معاصر شرعت فى العمل قبل الافتتاح الرسمي للموسم    باجة: إخماد حريق بمحل لبيع الدهن والمحروقات بالمدينة    عاجل : رجة أرضية بقوة 4.1 درجة تضرب هذه الدولة العربية    تركيبة أعضاء مكتب ولجان مجلس الجهات والأقاليم    بعد توقّف دام قرابة العامين : المسلخ البلدي بقبلي يعود للعمل    حي هلال: الإطاحة بمروجيْ مخدرات وهذا ما تم حجزه..    خلال زيارة أداها إلى القيروان رئيس الجمهورية يأذن بترميم الفسقية    محتوى مخل بالاخلاق على "التيكتوك": القانون التونسي سيطبق على هؤلاء..#خبر_عاجل    الإعلان عن جوائز الدورة 19 من مهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني    تتويج تونسي في الدورة الرابعة من مهرجان أيام كربلاء الدولي للمسرح بالعراق    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يتعهد باستثمار مليار أورو لتطوير الكرة النسائية    فلكيا.. متى يبدأ شهر رمضان2025 ؟    عاجل/ رئيس الدولة يكشف عن عملية فساد مالي واداري في هنشير الشعّال..    في لقطة مثيرة للجدل: ترامب يصل إلى تجمع انتخابي بشاحنة قمامة    صور وفيديو: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى هنشير الشعال وبئر علي بن خليفة والقيروان    رئيس الجمهورية يؤدي زيارة غير معلنة إلى "فسقية الأغالبة" بولاية القيروان    مفزع/ منظمة الصحة العالمية: 8 ملايين شخص أصيبوا بالسل الرئوي في 2023    عاجل : وفاة الممثل المصري المشهور مصطفى فهمي    لا تنهدش .. كنت يوما صديقي .. اليوم تيقنت اننا لا يمكن ان نواصل …عبد الكريم قطاطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج من النفق: قراءة في شريط «شامة النخيل الجريح»
نشر في الشروق يوم 27 - 11 - 2010

تحصل شريط «شامة النخيل الجريح» على «جائزة الأطفال» في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية وقد سعى مخرجه عبد اللطيف بن عمار إلى تحريك المياه الراكدة بتناوله موضوعا جريئا ومتشظيا: التاريخ وتزييفه من خلال فتح دفاتر الماضي النضالي واختار صفحات «معركة الجلاء ببنزرت سنة 1961» فمضينا معه ومع الشخصية الرئيسية «شامة» في مسيرة البحث عن الحقيقة الغائبة: حقيقة أبيها المناضل النقابي والوطني الشهيد المظلوم الذي لم يتم إنصافه في تاريخ يكتبه الجبناء والمتخاذلون أمثال الهاشمي عباس. ويتشظى الموضوع في اتجاهات مختلفة: نحو تركة الاستعمار والعدوان على العراق وحقبة العنف في الجزائر.
«النفق والقطار والموسيقى والبحر» رموز تحكم مسار الشريط باتقان في دائرة محكمة، ينفتح الشريط بدخول في النفق حيث العتمة شديدة: إنها الحقيقة المغيبة ليموت الشهداء مرات كثيرة بعد موتهم، لكن النهاية حملت خروجا من النفق: من العتمة إلى النور بعد اكتشاف الحقائق وكنا نحن نرافق الشخصية الرئيسية في الحركتين المتضادتين دخولا في النفق وخروجا منه. والقطار هو حركة التاريخ غير المتوقف، إنه حركة «شامة» في مسيرة البحث الشاقة عن الحقيقة بل نحن الذين نمطتي عرباته لنتابع الصراع بين العتمة والنور، بين البطل والخائن، بين الحقيقة والزيف.
البحر ارتبط بالانطلاق وبالنور ليحمل معنى الانكشاف لذلك ارتبط بشخصية شامة، في المقابل كان عالم الهاشمي عباس متميزا بالانغلاق والعتمة الشديدة من خلال الاغلاق المحكم للنوافذ وحبس الابن في البيت.
الموسيقى وقع انتقاؤها بعناية لتوائم النسق الدرامي المتصاعد فهي تبدأ هادئة (هدوء السكون) ثم تبلغ ذروتها في مشهد الرقص المتوثب على شاطئ بنزرت ثم هي تعود إلى هدوء في النهاية في دعوة إلى الخيال البعيد والحلم..
الشريط يهتم بحدث مؤثر في تاريخ البلاد التونسية (معركة الجلاء) ولكن هذا الحدث لم ينل الاهتمام المناسب لأهميته على مستوى الانتاج الدرامي وما يحسب للمخرج ببساطة أنه وجه الكاميرا إلى تلك المرحلة للكشف عن البطولات المنسية والدماء الغالية التي أريقت من أجل الوطن، ووجه دعوة لإعادة كتابة التاريخ كتابة تنتصر للحقيقة وتزيل الزيف والتزوير، إنها دعوة إلى التفكير والنقد والمراجعة.
أهمية ذلك الحدث لم تفصلها رؤية المخرج عن حدث أقرب وهو حرب الخليج الثانية سنة 1991 بالعدوان على العراق في ربط مباشر بين الدماء العربية المسكوبة والاعتداء الاستعماري عليها. وهذا الربط يحيل على ارتباط آخر بين تونس والجزائر من خلال الصداقة الوثيقة بين شامة وصديقتها نبيلة وزوجها نور الدين بل كانت الإشارة واضحة إلى ساقية سيدي يوسف التي شهدت امتزاج الدماء التونسية والجزائرية يوم 08 فيفري 1958 .
قد توجد في الشريط بعض الهنات خاصة على مستوى الحكي: كثرة الصدف: صدفة عمل «شامة» عند من خان أباها وتسبب في موته، صدفة اللقاء بالصديقة «نبيلة» على القنطرة وبالنسبة لعدد الضحايا فالأمر مختلف فيه بحسب مصادر الاحصائيات من 700 إلى الآلاف من الشهداء..
ولكن عموما قدم المخرج عملا متقنا وعميقا إلى حد كبير يحترم أخلاق المشاهد وعقله فغابت السذاجة والسطحية والبذاءة وهذا الاحترام قابله الجمهور باحترام مماثل له أثناء عرض الشريط في أيام قرطاج السينمائية 2010 بالإقبال الكثيف على العرضين الأول والثاني وبالمتابعة الراقية ثم بالنقاشات التي فتحت حول جوانب العمل.
نهاية الشريط، كما ذكرنا، قامت على خروج القطار من النفق إلى النور ونتمنى أن يكون هذا العمل إعلانا عن خروج الانتاج السينمائي التونسي من رتابة المواضيع السائدة والتناول الممجوج لها: الشذوذ والاغتصاب والبكارة والحرمان الجنسي.. فالأسئلة الاجتماعية والحضارية والسياسية والاقتصادية.. كثيرة وتنتظر من يطرحها طرحا لائقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.