اننا لا نشكو المهنة... فالشاكي في بلاط صاحبة الجلالة لا يستحق شرف الحب... ونحن نحب مهنة البحث عن المتاعب حتى وان اصطدمنا يوميا بأشخاص لم يفهموا الى حد اللحظة طبيعة مهمتنا في تمكين القراء الأعزاء من الاطلاع على ما يجري في الشأن الرياضي وذلك لن يتوفر الا بالحصول على المعلومة الصحيحة والحينية والتي أصبح بعضهم يعمد الى احتكارها أو توزيعها حسب ما يخدم مصالحهم وتوجهاتهم فيما يعتبر البعض الآخر أن نشر الحقيقة يمثل هجوما عليهم وتدخلا في عملهم وتصبح مهمة الصحفي الرياضي أكثر تعقيدا في وقت يحصد فيه اللاعب الشهرة والملايين وان كان من أشباه اللاعبين ولا يتذوق الصحفي الرياضي طعم النوم وقد هده التعب في رحلة انجاح مهمة «مطاردته» للمعلومة. لا يمكن لكم أن تتصوروا «معاناة» الصحفي الرياضي ثم لا تتصوروا ان هذه المعاناة تنتهي عند هذا الحد، بل تتجاوزها الى أشياء أخرى كالترهيب والتهديد وهذا الأمر ليس من وحي الخيال فكاتب هذه الأسطر هدده أحدهم بفقإ عينيه على طريقة ما كاد يفعله اللاعب المصري مع أحد مواطنيه من الصحفيين الرياضيين وذلك حتى لا تكشف عيوبه وأخطاؤه! ولعل الاغرب من ذلك كله على الاطلاق أن أحدهم من المسؤولين البارزين في كرتنا قال لي بالحرف الواحد انه لن يمنح المعلومة الا للصحفي الذي يلتزم بالكتابة عن فريقه بشكل منتظم ويومي! علما أن هذا المسؤول بحوزته شهادة دكتوراه! وبالتالي لا نعلم كيف أنه تغافل بأن الوصول الى المعلومة يبقى أحد مقومات دولة القانون والمؤسسات وركيزة أساسية في مبدإ الشفافية الذي يميز الأنظمة الديمقراطية. صحفي أم محب؟ الأمر غير المقبول أن بعض المسؤولين لم يترددوا في التقليب في الانتماء الرياضي للصحفي!!! وكأنهم يريدون أن يقيدوه بالكتابة عن فريق بعينه مدى الحياة يحبه ويدافع عنه كما لو كان أحد أبناء أو أحباء النادي وبالتالي يعتقد مسؤولو هذا الفريق أن ذلك الصحفي لن يضر ناديهم طالما أنه واحد منهم! عفوا اذا أطلنا ولكن كل ما ذكرناه لا يعتبر سوى نقطة في محيط بالنسبة الى كل ما يعانيه الصحفي الرياضي بشكل يومي رافضا الاستسلام ليس لأنه يدرك أن وراءه أما أو زوجة أو أختا وبيتا... بل وراءه الآلاف من القراء الأعزاء، وكل هذه المعطيات دفعتنا في الوقت الراهن الى فتح الملف الصعب وهو الحق في الوصول الى المعلومة فلاحظنا أن الصحافة الرياضية في بلادنا تفتقر الى اجراءات عملية تؤكد على حق الصحفي في الوصول الى المعلومة ونقلها الى الرأي العام بكل مصداقية وفي اطار القانون وذلك بالرغم من أن بعض البلدان العربية مثل الجزائر والمغرب والاردن أكدت على حق الصحفي في الوصول الى المعلومة قانونيا... في الجزائر: ينص البند 35 من قانون الاعلام لسنة 1990 على حق الصحفيين في الوصول الى مصادر الخبر وحماية السر المهني. في المغرب: يشير البند 4 من قانون النظام الأساسي للصحفيين المهنيين الصادر سنة 1995 الى أنه للصحفي الحق في الوصول الى مصادر الخبر في اطار ممارسة مهنته وفي حدود احترام القوانين الجاري بها العمل. في الاردن: يقر قانون المطبوعات والنشر لسنة 1998 في الاردن حق الحصول على الأخبار والاحصائيات. هل تتغير الأوضاع في ديسمبر القادم؟ أفادنا مصدر موثوق به أن النية باتت تتجه في تونس نحو ارساء اجراءات عملية تقر الحق في الوصول الى المعلومة وسيتم تقديم هذا المقترح في شهر ديسمبر القادم وهو ما قد ينهي مثل هذه الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الصحفي عامة والصحفي الرياضي بصفة خاصة بما أنه موضوع تحقيقنا. ماذا قال أهل الاختصاص؟ كان لابد أن نتحدث الى ثلة من الزملاء في الصحافة الرياضية وكذلك الى أهل الاختصاص الذين لهم علاقة مباشرة بقوانين الصحافة في بلادنا فأكدوا ما يلي: فوزي الخلفاوي (جريدة الأسبوع المصور): «نعترف بأنه ليس لدينا في ميدان الصحافة الرياضية مصدر خبر قار بامكاننا التعويل عليه في الحصول على المعلومة الرياضية فكل مسؤول رياضي يحاول خدمة مصالح فريقه فحسب أو تلميع صورته لدى المتلقي لذلك كان من الطبيعي أن نلاحظ هذا التضارب الواضح على مستوى الأخبار الرياضية وتهويل بعض المعلومات أحيانا ويبقى الصحفي الرياضي أمام حتمية الحصول على المعلومة وقد لاحظنا ان الملحق الاعلامي داخل فرقنا يفتقد الى المعلومة ولا يهتم الا بتلميع صورة الفريق لذلك أظن انه حان الوقت لارساء فصل قانوني واضح ينص على حق الصحفي الرياضي في الحصول على المعلومة فالصحفي الرياضي بامكانه التوصل الى المعلومات الرياضية عبر عدة مصادر غير المصادر التابعة للفرق ولكنه في بعض الاحيان يجد نفسه أمام حتمية تأكيد بعض الاخبار الرسمية من خلال الاتصال بمسؤولي هذه الفرق أو الهياكل الرياضية بصفة عامة والادهى والامر أن بعض المسؤولين لا يترددون في اصدار توصياتهم بالتعامل مع صحفي معين أو أسماء معينة (الانتماء الرياضي!) ويصبح بالتالي لدينا أكثر من ناطق رسمي لهذه الاندية (الفاهم يفهم). عبد المجيد مصلح (رئيس القسم الرياضي لجريدة الأنوار): «أظن أنه من حق أي صحفي رياضي الوصول الى المعلومة اعتمادا على المصادر التي من المفروض ألا توزع المعلومات حسب مقاييسها وألا تغيب المعلومات عن القارئ أو المتلقي بشكل عام». توفيق العبيدي (رئيس مصلحة الرياضة بالتلفزة التونسية): شخصيا أستغرب مثل هذا التكتم الذي تنتهجه بعض الاندية والهياكل الرياضية على مستوى تمكين الصحفي الرياضي من الوصول الى المعلومات خاصة أن سيادة رئيس الجمهورية التونسية أكد مرارا على تسهيل مهمة الاعلاميين بل اننا نلاحظ في بعض الاحيان تعتيما كاملا في الوقت الذي يسعى فيه الصحفي الرياضي الى انارة الرأي العام ونحن نقولها بكل صراحة ان المعلومات في ميدان الصحافة الرياضية ليست من أسرار الدولة حتى نتحفظ في الكشف عنها وايصالها الى المتلقي ولكن مع الأسف الشديد فإن الاندية التونسية مازالت تفتقد الى الأساليب الاحترافية في التعامل الاعلامي ومؤكد أن الجميع لاحظ بأن خطة الملحق الاعلامي في حاجة الى مراجعة عاجلة كما ينبغي التخلص على الفور من التعامل على أساس الانتماءات الرياضية الضيقة (الفاهم يفهم) ولكن في المقابل نرفض كذلك أن يقوم الصحفي الرياضي بتأويل بعض الاخبار دون التثبت من صحتها وأنا أقصد تحديدا المسائل التي تكون في طور المفاوضات بين طرفين أو أكثر كحقوق بث مقابلة رياضية مثلا». محمد حمدان (الاعلامي والمدير السابق لمعهد الصحافة وعلوم الاخبار): «ان الحق في الوصول الى المعلومة في بلادنا بقي نظريا وحتى وضع فصل قانوني يقر هذا الحق يبقى غير كاف اذا لم ترافقه اجراءات عملية فالبلدان المجاورة لتونس مثل الجزائر مثلا تنص على الحق في الوصول الى المعلومة لكن هنالك فرق شاسع بين ما هو نظري وما هو تطبيقي هذا بالاضافة الى ان تقاليدنا في هذا الميدان مازالت فنية وتتطلب المزيد من الوقت». جمال الكرماوي (رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين): «أعتقد أنه ينبغي على الصحفي أن يكون «صيادا ماهرا» في طريقة الحصول على المعلومات أي ان يجتهد في الظفر بالمعلومة ولا يمكن أن نتجاهل بأن احتكار المعلومة من قبل بعض الاطراف التي يتعامل معها الصحفي تبقى غريزة فطرية لدى بعض الافراد ومع ذلك فاعتقد أن حق الصحفي في الوصول الى المعلومة موثق وهو ما تنص عليه بطاقته الاحترافية».