الصمت والتجاهل.. ذلك ما واجهه مكرم الصعنوني بطل تونس 8 مرات على التوالي في رياضة «الجوجوتسو» والحائز أيضا على البطولة المحلية في الملاكمة التايلندية عام 2008 بالاضافة الى 4 بطولات محلية للفرق وكأس تونس للفرق خلال 3 مواسم في اختصاص الجيدو. انضم مكرم الى صفوف المنتخب الوطني ل«جوجوتسو» منذ عام 2006، لكنه لم يكن يعلم أن للرياضة وجها آخر مظلما وقبيحا ومثيرا للمتاعب فقد خاض مكرم عدّة تجارب شاقة لا يستطيع شاب لا يملك من متاع الدنيا سوى موهبته وحقيبة كبيرة من الشهائد العلمية والتدريبية تحمّلها. اتصل بنا مكرم الصعنوني قادما من مدينة الرباط محمّلا بشهائده العلمية التي نعجز عن احصائها تخامره علامات استفهام حائرة تحتاج الى توضيح والى من يرفع عنه الظلم ويردّ لهذا الشاب (من مواليد 9 أفريل 1982) جزءا من حقه الضائع والمسلوب. هل هو ضحية تصفية الحسابات؟ عايش مكرم الصعنوني تلك الحادثة الشهيرة التي أقدم عليها بعض رفاقه بمناسبة ألعاب «بيسكارا» بايطاليا عندما أقدموا على «الحرقان» ولكن مكرم الذي كان يومها بقميص المنتخب الوطني ما كان ليقدم على خطوة مشابهة قد تسيئ الى سمعة الرياضة التونسية ولكنه مع ذلك أدلى بتصريح لاحدى القنوات التلفزية التونسية مؤكدا على أن هذه الظاهرة «اجتماعية» وهو ما أثار حسب اعتقاده غضب المسؤولين صلب الجامعة التونسية للجيدو (!!!) حيث قال مكرم: «يبدو أن السيد الهادي المحيرصي رئيس جامعة الجيد و لم يعجبه كلامي عندما أكدت يومها على غياب التأطير وهو ما جعل بعضهم يتعمد تهميشي وتعرضت الى الاقصاء من قبل اللجنة المركزية وقد كان السيد الهادي المحيرصي متعاليا ورفض حتى مجرّد التحدث معي وحاول بعضهم ايقافي عندما بلغت الدور النهائي لبطولة افريقيا التي احتضنتها بلادنا لولا تدخل بعض المسؤولين (منير الغالي ونورالدين الصيد وعماد الحدّاد) وقد تحصلت على المرتبة الثانية في هذا النهائي ومع ذلك فإنه وقع حرماني من الحصول على الديبلوم الخاص بالمرتبة الثانية مرفوقا بميدالية فضية الى حدّ اللحظة علما أن هذا النهائي موثق لدّي من خلال شريط فيديو وحاول رئيس الجامعة اتهامي باطلا بأنني لم أقم بتحية منافسي؟! والأدهى والأمر أنني رسبت في المناظرة الوطنية التي نظمتها الجامعة للحصول على الدرجة الثالثة في التحكيم بالرغم من أنني من المتفوقين! (بحوزة مكرم وثيقة النتائج النهائية التي تحصل عليها عند حصوله على الأستاذية في اختصاص «الجوجو تسو» من المعهد الأعلى للرياضة بقصر السعيد والتي تبيّن التفوق الدراسي الواضح لهذا الشاب في مختلف المواد التي اجتازها تقريبا). الرياضة التونسية تدفع الثمن حذّر مكرم وصرخ حتى لا يخسر حلم المشاركة في بطولة العالم بروسيا (26 و27 نوفمبر) خاصة وأن الفرصة لا تعوّض، لذلك راسل الجامعة التونسية بالتنسيق مع معهد الرياضة التونسية بالتنسيق مع معهد الرياضة بقصر السعيد الذي أكد في هذه المراسلة (يحتفظ أكرم بنسخة منها) تكفله بمصاريف السفر ومع ذلك فإن مكرم انتظر ردّ الجامعة وهو ما لم يحدث لتدفع بذلك الرياضة التونسية الثمن وضاعت فرصة التتويج بميدالية عالمية على الأراضي الروسية وقال مكرم في هذا الصدّد إن رئيس الجامعة قال له بالحرف الواحد إنه لا وقت له للحديث في هذا الموضوع! فراسل مكرم الوزارة ولكنه سرعان ما أعلمه أحد المسؤولين بأنه لم يتلق أي ردّ من الجامعة المعنية ويضيف مكرم في هذا الصدد بأنه يحزّ في نفسه كثيرا أن يتم تهميشه وحرمانه من المشاركة بالرغم من توفر الشرط المالي (تكاليف السفر) وتزداد دهشة مكرم أكثر عندما يقول ان ذلك تزامن مع احتفال بلادنا بالسنة الدولية للشباب. حارس لملهى ليلي وبحّار نهارا في خضم كل هذه الصدمات التي واجهها مكرم كان لا بدّ له من مورد رزق مؤقت يسدّ به حاجيات عائلته وإخوته العشرة فلم يكن أمامه من مهرب سوى التغلب على الأوضاع فلم يتردد في العمل كحارس بملهى ليلي في غفلة من عيون كل من يعرفه وكل من انتظر رؤيته في أعلى المراتب بالنظر الى موهبته وشهائده في التدريب والتحكيم ولا يكاد مكرم يستسلم لساعات قليلة من النوم قبل أن ينهض مجدّدا ليمارس بالتوازي مع ذلك مهنة البحّار نهارا وهو ما أثار سخرية بعض المقربين منه تجاه الوضعية الاجتماعية المزرية التي بلغها هذا الشاب الذي سخر بدوره من الزمن وأبى إلاّ أن يتدرب مساء. ثناء سبق لمكرم الصعنوني أن زاول تعليمه الجامعي بمعهد قصر السعيد وقد شاءت الصدف أن يكون أحد تلاميذ كريم الشماري المعدّ البدني الحالي للنادي الافريقي الذي أكد لنا ذلك في اتصال هاتفي به بما أنه على علم بكل ما واجهه مكرم وأثنى الشماري علىرفعة أخلاق هذا الشاب وجديته في العمل وهو وسام آخر يوشح به مكرم صدره وإن حرمه منه بعضهم في رياضة «الجوجوتسو» مثلما أكد لنا ذلك. ولعل الغريب في الأمر أن مكرم هو الأستاذ الأول في بلادنا في اختصاص «الجوجوتسو»! لذلك نعتقد أن على المسؤولين الآن أن يصغوا ويتفهموا ويقرّروا طالما أن الهدف الأخير في النهاية هو لصالح الرياضة التونسية وحتى تنتهي «مأساة» هذا الشاب علما أن مكرم هو أيضا أحد أبناء الترجي الرياضي التونسي في اختصاص «الجيدو» لذلك يقول مكرم إنه لا يلوم فريق الترجي لأنه ليس بامكانه مساعدته طالما أن الأمر يتعلق بالاختصاص الآخر وهو «الجوجوتسو» حيث ينتمي مكرم للنادي الرياضي للسجون والاصلاح. وحتى تدركوا حقيقة أخلاق هذا الشاب يكفي الاشارة الى أنه فتح أبواب منزله في فترة سابقة لستة لاعبين من المنتخب الوطني بعد أن عجزوا عن الاقامة في الفندق استعدادا لاحدى التظاهرات الرياضية في هذا الاختصاص. ماذا قال المدير الاداري للجامعة؟ اتصلنا كذلك بالمدير الاداري لجامعة الجيدو فأكد لنا ما يلي: «نؤكد بأن اختصاص «الجوجوتسو» ليس رياضة أولمبية ومع ذلك فقد تلقى المكتب الجامعي مراسلة من وزارة الاشراف وأظن أن وضعية مكرم الصنعوني في طريقها الى ايجاد حلّ خلال الأيام القليلة القادمة».