اضحت مستلزمات الحياة الجامعية مكلفة وأمام ضيق ذات اليد قد يلتجىء الطالب للعمل لمجابهة أعباء الدراسة كالنقل والسكن وشراء لوازمه الدراسية ...هؤلاء الطلبة قرروا التعويل على النفس ولا هم لهم سوى كسب المال بطرق شريفة شعارهم في الحياة من كد وجد و"من طلب العلا سهر الليالي" ... وكعادتها خرجت "التونسية" إلى الشارع التونسي لرصد هذه الظاهرة عن قرب . تتعدد المصاريف الجامعية التي يتحملها الطالب كل سنة والتي من أهمها السكن والأكل والنقل بالإضافة إلى مصاريف أخرى لا تقل عنها أهمية فالطالب اضحى لا يمر يوم دون أن يشحن هاتفه الجوال أو دون أن يبحر على الانترنت وغير ذلك من اوجه الانفاق اليومي . "قد يجد الطالب نفسه أمام كثرة هذه المصاريف مجبرا على العمل لتحمل أعباء دراسته الجامعية فلا خيار امامه سوى العمل أو الانقطاع عن الدراسة والعودة إلى مسقط الرأس" . هذا ما جاء على لسان الطالب "ياسين"( 27 سنة ) الذي أكد لنا أنه كان مهددا أكثر من مرة بالانقطاع عن الدراسة لولا عمله كنادل باحد المقاهي بالعاصمة . ليس مهما نوع العمل ...المهم الكسب الشريف ! تتعدد الأعمال التي يمارسها الطالب لمجابهة أعباء دراسته إلا أن الهدف يبقى واحدا وهو الحصول على المال بطريقة شريفة وهو ما أكده أغلب المستجوبين على غرار الطالب ناجح (سنة ثالثة علوم إجتماعية) الذي أشار الى أنه خرج للعمل للمساهمة في تكاليف الأعباء المسلطة على عائلته حيث ان لديه اختين تزاولان تعليمهما أيضا بالجامعة وهو يقول "لا تهمني طبيعة عملي بل يهمني أن أعمل لأنجح حتى لا أخذل عائلتي التي تعبت من أجلنا لترانا متبوئين أعلى المراتب ". وعلى العكس من ذلك فإن "إيناس" الطالبة بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار ترى أن عمل الطالب مهم جدا لكنها تؤكد على ضرورة العمل في مجال الاختصاص قائلة "قررت العمل في اختصاصي لضرب عصفورين بحجر واحد فمن ناحية أولى لأكتسب الخبرة ومن ناحية ثانية لكسب المال " . مراكز النداء الوجهة المحبذة للطلبة تستقطب مراكز النداء الطلبة وهي تعتبر ملاذهم للحصول على شغل يساعدهم على تحمل مصاريفهم الجامعية التي لا تنتهي . وهي وجهة محبذة خاصة بالنسبة الى الطالبات لما توفره لهن من دخل محترم ومرونة في إختيار ساعات العمل خارج أوقات الدراسة . وتقول نسرين (طالبة مرحلة ثالثة) وتعمل باحد مراكز النداء الموجودة بكثرة في العاصمة إنها تحبذ فكرة الاستقلال المادي عن عائلتها وإنها قررت العمل في البداية من أجل شراء حاسوب وقد أغراها المرتب الذي قدمه لها هذا المركز لذلك فهي لا تزال تعمل إلى الآن . المنحة الجامعية لا تكفي "المنحة الجامعية بمفردها لا تكفي لتغطية مصاريفي خاصة بعد أن استوفيت حقي في الإقامة بالمبيت الجامعي الحكومي". هذا ما جاء على لسان الطالبة "منال" التي لا تزال بصدد البحث عن شغل لتوفر مبلغ 65 دينارا شهريا لتسديد معلوم السكن فقط دون اعتبار المصاريف الأخرى. . يقول الطالب أيمن (سنة 2 فنون جميلة) : "إذا قمنا بعملية حسابية بسيطة للمصاريف الشهرية للطالب سنجدها تتجاوز أضعاف المنحة أو القرض الجامعي اللذين لا يتجاوزان ال500 دينار سنويا " فالطالب مثلا يدفع تقريبا من 60 إلى 80 دينارا شهريا معلوم مساهمته في السكن ويدفع ما يقارب 4 دنانير يوميا للأكل أي ما يقارب 120 دينارا شهريا ، بالإضافة إلى شراء مستلزماته الدراسية خاصة بالنسبة للطلبة الذين يدرسون بالشعب المكلفة مثل الهندسة والفنون الجميلة والتي لا يقدر عليها الطالب العادي الذي ينتمي لطبقة اجتماعية متوسطة . كما يدفع الطالب أيضا حوالي 50 أو 60 دينارا شهريا لتغطية مصاريفه الشخصية دون أن ننسى مصاريف النقل واللباس والترفيه وعدة مصاريف أخرى يطول ذكرها ... "قارنوا كل هذه المصاريف الشهرية مقابل ال 500 دينار سنويا للمنحة أو القرض الجامعي !" هكذا دعانا أيمن ودعاكم للمقارنة. أما يسرى فقد أكدت لنا أن المنحة الجامعية تعتبر بمثابة "مصروف الجيب" بالنسبة لها ! وأشارت أيضا الطالبة فاتن (سنة اولى إنقليزية والتي لا تتمتع بمنحة او بقرض جامعي) أن كل هذه المصاريف تقف عائقا يحول دون تحقيق طموحاتها العلمية ويهددها بالانقطاع عن الدراسة بما أنها تنتمي لعائلة محدودة الدخل . ولئن أجمع أغلب المستجوبين على أنه ليس لديهم خيار سوى العمل بعد إنتهاء ساعات الدراسة لتسديد نفقات الحياة الجامعية المجحفة إلا أن البعض يؤكد صعوبة التوفيق بين الدراسة والعمل وهذا ما عجزت عنه الطالبة "أسماء" التي لم توفق إلى حد الآن في الحصول على شغل يتلاءم مع أوقات دراستها . أما الطالب "ياسين" فليست لديه مشكلة مع المصاريف الجامعية فهو لا ينتمي لعائلة ميسورة إلا أنه أكد أنه يشتغل فقط لملء ساعات الفراغ نظرا لأنه راسب بالسنة الثانية فرنسية ولا يذهب للجامعة إلا قليلا . وفي سياق آخر إعتبر بعض الطلبة أن الحل الأنسب لمواجهة النفقات هو التقشف . فقد أشارت الطالبة "فاتن" الى أنه عليها "تحمل" بعض الوجبات "الرديئة" التي يقدمها المطعم الجامعي لتوفير القليل من المال والضغط على مصاريفها بعدم الخروج كثيرا للتنزه والتسلية !