... وأخيرا تكلم الحيدوسي بعد صمت طويل.. تكلم بعد ان صدم بسبب المشاكل المتراكمة.. تكلم بعد ان ساءت الأحوال فقرر الانسحاب خوفا على الشبيبة.. وخوفا من اتساع دائرة الاتهامات.. الرجل عاش ضغوطات كبيرة.. فاختار مغادرة أسوار عاصمة الأغالبة تاركا وراءه حيرة وحسرة وأكثر من نقطة استفهام. انتظر تعيين المدرب الجديد (مراد العقبي) ليفتح قلبه ويكشف الحقائق ويعرّي المستور، ويتحدث عن حيثيات انسحابه من الشبيبة، وأسباب القطيعة. لندخل مباشرة في صلب الموضوع... لماذا خيرت الانسحاب من الشبيبة بعد ان عادت الروح للفريق الذي حقق انتصارا على القوافل وقدّم مردودا متميزا كأسا وبطولة امام الترجي؟ المسألة ليست مسألة توقيت لأن هناك أسبابا موضوعية جعلتني أقرر الرحيل... المهم ان الشبيبة قدمت امام القوافل الرياضية بقفصة والترجي الرياضي التونسي درسا بليغا في العزيمة وحب الانتصار من اجل الظهور بوجه يليق بتاريخ وعراقة الأغالبة. أبنائي لم يتأثروا بالضغوطات الكبيرة وحالة الغضب والاجواء المتوترة، بل عرفوا كيف يستجمعون قواهم وينتفضون على واقعهم وسط ذلك السيل الجارف من الانتقادات اللاذعة..وهذا يدل طبعا على شخصيتهم القوية. لم تحدثنا عن الأسباب الموضوعية التي دفعت لهذه القطيعة؟ اختلاف في الافكار وفي استراتيجية العمل مع بعض المسؤولين.. وفي اعتقادي ان بعض القرارات أضرت بالشبيبة، ولا أدري إن كان ذلك عن حسن نية او سوء نية.. لذلك كان خروجي رغم أني كنت أرغب في مواصلة المشوار مع الشبيبة.. لكن «الله غالب» انتهى المكتوب لكن قيل أنك غادرت الشبيبة بعد ان تلقيت عرضا أفضل.. فما هو رأيك؟ أقول لمن يروّج هذه الاشاعة.. كفى مغالطة للأحباء.. لأني غادرت الشبيبة بسبب شطحات بعض المسؤولين.. وليس بسبب اي عرض اخر.. المشكل في ظروف العمل التي كانت صعبة وفي تحجر مواقف بعض المسيرين.. ليبقى جمهور الشبيبة هو الوحيد الذي يستحق كل التحية والتقدير لما يقدمه من تضحيات جسيمة للفريق. كيف تركت الشبيبة..؟ تركت الفريق في صحة جيدة.. وقد أثبت ذلك في الجولات الاخيرة رغم النقص العددي خاصة امام الترجي، أبنائي كانوا جاهزين نفسانيا ومستعدين ذهنيا للتعامل مع كل السيناريوهات فكانت لهم الجرأة في خلق أولى الفرص وخلخلة الحصون الدفاعية للترجيين ولولا عامل الخبرة لتمكنت الشبيبة من تحقيق المفاجأة. لذلك أقول برافو للاعبين على ما قدموه لأنهم أثبتوا للجميع انهم قادرون على استعادة مجد المواسم الخوالي. ما هي أهم المشاكل التي واجهتها في الشبيبة..؟ صعوبات بالجملة ولو توفرت عدة عوامل وظروف أفضل لكانت النتائج في مستوى طموحات وآمال الاحباء.. ومن أهم العراقيل أذكر الانضباط المفقود عند بعض اللاعبين.. والانتدابات غيرالمتوازنة وغير الموجهة على مستوى الخطوط الثلاثة.. كذلك مشكل التجهيزات وانعدام صلوحية الملاعب وهوما سبب لنا ارتباكا في التحضيرات والتركيز على المباريات.. دون ان أنسى كذلك بعض الصعوبات على مستوى التنسيق مع الادارة.. وهو مازاد في تمسكي بالرحيل خاصة وان ظروف العمل لم تكن كما أرغب. ماذا تقول عن الرصيد البشري..؟ وهل تتحمل مسؤولية بعض الانتدابات؟ اللاعبون يدركون أنني لا أهدي المراكز.. وأبواب التشكيلة مفتوحة لكل لاعب يؤكد انه جاهز لتقديم الاضافة.. نعم أتحمل مسؤولية بعض الانتدابات بعد ان أخذت المشعل عن المدرب الحبيب الماجري،كما طالبت بفسخ عقودبعض اللاعبين على غرار اقبال الرواتبي والمهاجم الجزائري سفيان بن شريفية والحارس صابربن رجب.. وأدمجت بعض العناصر الشابة في الفريق على غرار الحارس بلال السويسي وعلاء دحنوس وطه عمارة وملاّط والقيزاني ومروان الطرودي ومحمد علي اليعقوبي والقائمة مازالت قابلة للتوسع تدريجيا، لذلك فإني اعتقد ان الرصيد البشري طيب في الجملة والفريق يحتاج فقط للاعب ارتكاز ومدافع محوري فقط.. ولا خوف على الشبيبة أبدا. هل الشبية بما توفر وما ذكرت قادرة على تثبيت أقدامها في الرابطة الاولى؟ الشبيبة الآن من أفضل الاندية على مستوى المردود.. تركت فريقا يلعب كرة شاملة، خطوطه منسجمة، هجومه قوي... ولو توفرت ظروف عمل طيبة وبعض الجوانب التنظيمية الجيدة والانسجام في العمل بين جميع الأطراف لما فيه مصلحة الفريق لكان بالامكان ان تتواجد الشبيبة على الاقل في المرتبتين الخامسة او السادسة... وكل ما أتمناه ان تتغير عدة أشياء في «الجي آس كا» وان يجد المدرب الجديد ظروف عمل أفضل. بعض اللاعبين المعاقبين تحدّثوا عن خلافات شخصية بينك وبينهم! ماذا تريدني أن أقول «مسكينة الكرة التونسية» بعض اللاعبين غير المنضبطين والمفلسين لابد ان يدافعوا عن خبرتهم بكل الاسلحة المشروعة والممنوعة يريدون ان يعيثوا فيها فسادا وكل بطريقته الخاصة دون ان يحرك المسؤول ساكنا.. هذا أرفضه وقد تصديت لعديد التجاوزات وتحملت مسؤولية ذلك وحدي.. والحمد لله ان النتيجة كانت ايجابية، واصبح الانضباط داخل الملعب وخارجه سيد الموقف في الشبيبة. وماذا عن معاملتك ببعض اللاعبين بطريقة خاصة..؟ أبدا.. هذا لم يحصل.. كل اللاعبين سواسية.. لا فرق بين هذا وذاك الا بقدر ما يقدمه من عطاء غزير على الميدان.. جميع اللاعبين يخضعون لعقوبات القانون الداخلي للجمعية.. صحيح ان اكثر من نصف الفريق مثل امام مجلس التأديب وكانت العقوبات متفاوتة حيث نال كل واحد جزاء ما اقترفه من ذنب.. وبذلك تمكنا من القضاء على التسيب الموجود. هل صحيح انك عفوت عن الحارس صابر بن رجب.. بعد الخلاف الذي حصل بينك وبينه خلال الفترة الاخيرة..؟ أنا مربّي قبل كل شيء.. هدفنا الاصلاح.. والحارس صابر بن فرج أخطأ في حق الشبيبة وفي حق الاطار الفني وفي حق الجمهور وفي حق الادارة.. وقد استحق العقوبة التي سلطت عليه.. وقد قدّم اعتذاراته مؤخرا للجميع. ومن اعترف بذنبه فلا ذنب عليه. أنا الآن غادرت الشبيبة.. والقرار النهائي بخصوص عودته تبقى من مشمولات الهيئة. احتجاجاتك المتواصلة علىالتحكيم جعلك تتعرض لعقوبة أدبية ومالية.. وهل تعتقد ان بعض الاخطاء التحكيمية أثرت على بعض نتائج الشبيبة..؟ والله زايد.. لم أعد قادرا على التحدث عن التحكيم.. بما اني نلت أقصى العقوبات في حين ان بعض المدربين الآخرين انتقدوا بأكثر حدة وشدة الحكام ولم يتعرضوا لنفس العقوبة التي سلّطت علي.. أتمنى مردودا أفضل للحكام ومزيد العمل في قادم الجولات. علاقتك ايضا بالاعلام لم تكن على أحسن ما يرام..والدليل مقاطعتك للتصريحات حتى قبل مغادرتك للشبيبة.. ورفضك اجراء اي تصريح او المشاركة في اي برنامج رياضي اذاعي او تلفزي.. فما هي الأسباب؟ في السودان توجد 23 صحيفة رياضية.. دربت أعرق الفرق في الخليج ولم أتعرض لأي مشاكل تذكر مع الصحافة.. عيب ان تتحدث بعض الأقلام عن أشياء غير صحيحة.. وتنشر أخبارا بدون التحري فيها.. بالمصداقية والنزاهة فقط تتحسن الكرة في بلادنا.. لأن الاعلام شريك فاعل وفعّال في التنمية الرياضية في بلادنا وفي تحسن مستوى كرتنا.. لابد من ترك العاطفة والعلاقات وتحكيم العقل والضمير.. عيب مغالطة القراء..أقول هذا الكلام مع يقيني بوجود استثناءات. حكمك على مستوى البطولة فنيا..؟ الى حد الآن المستوى الفني للبطولة متوسط في الجملة.. واعتقد ان مرحلة الاياب ستكون أشد حماسا وحرارة، ومن الطبيعي ان يرتفع النسق بحكم المراهنة على اللقب او الصراع من اجل النزول. وما هي أبرز الاندية التي شدت انتباهك الى حد الجولة العاشرة..؟ النادي الافريقي عاد بقوة ومردود الفريق في تحسن ملحوظ.. والنجم الساحلي عاد للاقناع وأراه من المتراهنين الجديين على البطولة مثل النادي الافريقي.. اما الترجي فهو يخضع لضغط كبير، ورغم بعض التراجع فبإمكانه مواصلة فرض نسقه في السباق.. الشبيبة تلعب كرة جميلة ولولا الحظ واشياء اخرى لكانت تحتل مرتبة متقدمةبرصيد لا يقل عن 15 نقطة خاصةوان الفريق فرط في عديد النقاط السهلة خاصة في ملعب القيروان.. اما بقية الاندية فإن المستوى عادي ومتقارب. الاقالات والاستقالات شملت 10 مدربين الى حد الجولة العاشرة، فما هو رأيك في هذه الظاهرة وهذه الارقام الفردية؟ حقا انها ظاهرة فريدة من نوعا بل هي made in Tunisia هذه الارقام تؤكد ان كل جولة ينسحب او يقال مدرب.. هذه هي مشاكل الكرة التونسية، مخجل والله ما يحدث، والسبب الرئيسي بعض المسيرين المتطفلين الذين يتعللون بالضغوطات دون ان يدركوا ان النتائج الايجابية لا تأتي الا بالاستمرارية.