يوم أمس بلغت الحرارة على الساعة الواحدة ظهرا 27 درجة بتونس العاصمة والمنستير، وفي طبرقة بلغت 28 درجة فيما كانت في القيروان 26 درجة مقابل 24 درجة بكل من صفاقس وقابس وجربة... أرقام بعيدة كل البعد عن المعدلات القصوى لدرجات الحرارة في شهر ديسمبر والتي لا تتعدى 16 درجة في بنزرت وتونس وطبرقة و17 درجة بنابلوالقيروانوصفاقس والمنستير وجربة وتوزر... وبعيدة نسبيا عن درجات الحرارة المسجلة نهاية الأسبوع الماضي... التونسيون لاحظوا أمس وأوّل أمس أن درجات الحرارة غير عادية إلى حدّ أن بعضهم أحسّ ببعض نسمات «الشهيلي» وخفّف من ملابسه الشتوية... وإلى حدّ أن بعض الشبان لم يتوانوا عن السباحة ببعض شواطئ نابلوبنزرت.. وحسب توقعات الأرصاد الجوية فإن الحرارة هذا اليوم (الخميس) ستتراوح بين 21 و24 درجة في الشمال وبين 23 و27 درجة في الوسط والجنوب وقد تصل محليا ببعض المناطق إلى 28 درجة، أي أنها ستواصل «ابتعادها» عن معدلات شهر ديسمبر. فما هي أسباب هذا الارتفاع في درجات الحرارة الذي يصفه كثيرون بأنه «غير عادي»؟ وهل سيتواصل خلال الأيام القادمة لشهر ديسمبر؟. عاديّة... لكن يصف الأستاذ الجامعي في علم المناخ السيد جميل الحجري هذه الظاهرة بأنها عادية من الناحية المناخية والعلمية... لكن تبدو غير عادية من الناحية الصحية (تتسبب في أمراض القريب) ومن الناحية الفلاحية (إنحباس الأمطار). ويذكّر الأستاذ جميل الحجري بأن ما عشناه في اليومين الأخيرين سبق أن عشناه أيام 23 و24 و25 ديسمبر 2009 عندما قفزت الحرارة آنذاك إلى 25 درجة وأكثر بعد أن نزلت قبل ذلك بيومين أو ثلاثة إلى أقل من 10 درجات ببعض المناطق. كتل يوضح الأستاذ الحجري أكثر من ذلك بالقول إن ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة في فترة متقاربة ظاهرة تميّز الفصول الإنتقالية (الخريف والربيع) وقد يمتدّ مداها أحيانا إلى فصلي الشتاء أو الصيف، كأن نعيش مثلا حرارة مرتفعة نسبيا في بداية فصل الشتاء أو برودة غير عادية في بداية فصل الصيف. وهذه خاصية المناخ المتوسطي الذي يعتبر منطقة «تقابل الكتل الهوائية» وليس منطقة تولّد الكتل... وبالتالي فإن المناطق المتوسطية خاضعة لكل أنواع الكتل في أية فترة من العام وهي الكتل التي تتولد في المناطق شبه القطبية الشمالية (الكتل الباردة) والمناطق شبه المدارية الجنوبية (الكتل الساخنة)... وبالنسبة إلى اليومين الأخيرين واليوم الخميس، فإن الكتل التي تهب على منطقتنا (المتوسطية) هي جنوبية وبالتالي تتميز بارتفاع في درجة حرارتها وزاد في ارتفاعها غياب السحب التي من المفروض أن تقلّص من حدة وصول إشعاعات الشمس إلى الأرض.... أما كتل الأسبوع الماضي فكانت شمالية (باردة) وقبلها بأيام (أواخر نوفمبر) كانت جنوبية وبداية من يوم غد الجمعة ستصبح شمالية وستنقل لنا كتلا باردة من الشمال وستنزل الحرارة أيام الجمعة والسبت والأحد حسب التوقعات الجوية إلى 16 و17 درجة. فاتجاه الرياح هو المحدد الوحيد لنوعية الكتل الهوائية التي تهبّ على بلادنا وبالتالي يمكن أن ننتظر هبوب نسائم ساخنة نسبيا في الأيام القادمة من شهر ديسمبر مثلما حصل في نهاية ديسمبر 2009...