أكد السيد علي أحمد عثمان وزير الدولة بوزارة النفط في حكومة الخرطوم أن حكومته جاهزة لكل سيناريوهات استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، لكنه استبعد أن تفضي نتائج هذا الاستحقاق الى اندلاع حرب جديدة بين الشمال والجنوب.. السيد علي أحمد عثمان رأى في حديث خصّ به «الشروق» بتونس أن الجنوب سيكون الأكثر تأثرا وتضرّرا من الشمال في حال الانفصال.. وفي ما يلي هذا الحوار: قبل أسابيع قليلة من موعد الاستفتاء.. كيف تبدو اتجاهات الوضع السياسي.. وماهي فرص صمود خيار الوحدة في مواجهة الدعوات المتصاعدة للانفصال؟ كما تعلمون، السودان وقّع اتفاقية للسلام.. وهذه الاتفاقية لها استحقاقات وافق الطرفان على أن تطبّق بمراحلها المختلفة.. وقد طُبّق فعلا جانب كبير من هذه المراحل.. وأيضا هناك اتفاق بأن يتمّ إجراء استفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، والترتيبات لذلك تقريبا، كلها اكتملت والآن اكتمل أيضا التسجيل للاستفتاء.. ونحن في الحكومة ملتزمون بنتائج هذا الاستفتاء وبخيار الجنوب سواء كان الوحدة أو الانفصال ونبقى بذلك كدولتين جارتين وننهي الحرب التي اكتوى بنارها الشعب السوداني بصفة نهائية... هل تتوقعون أنّ مناخات الانفصال السائدة اليوم تساعد فعلا على ابعاد شبح هذه الحرب؟ الطرفان أعلنا أنه لا عودة للحرب.. توقعاتي الشخصية ألا تحدث حرب أصلا.. لكن هناك جهات اعلامية تروّج لأن تحدث حرب فعلا بين الشمال والجنوب.. أعتقد أن هناك خلافات منذ وقعنا اتفاقية للسلام.. ولا أرى أن هناك ما يستدعي الخلاف والحديث عن احتمال العودة الى الحرب.. وليس هناك أي حديث عن الحرب.. هناك نقطتان خلافيتان في منطقة أبيي وفي مسألة ترسيم الحدود.. وأعتقد أن 80٪ من هذين الملفين قد حسم تقريبا.. وما عدا ذلك ليس هناك خلافات تذكر بإمكانها أن تؤدي الى حدوث حرب بين الطرفين.. هذه النقاط الخلافية التي لا تزال موضع بحث، ألا يمكن أن تفضي الى تأجيل الاستفتاء؟ الحكومة السودانية ملتزمة بإجراء الاستفتاء في موعده.. وقد أكدت هذا منذ البداية وليس هناك أي نيّة لتأجيل الاستفتاء. ماهي رؤيتكم في هذه الحالة للخلاف القائم حول نفط أبيي.. وماهي تصوّراتكم لمستقبل هذا الملف على الوضع بالشمال بعد الانفصال؟ ما أريد أن أقوله هنا إنّ أبيي ليست منطقة نفطية.. فهي تنتج في اليوم ألفي برميل.. وفي أقصى التقدير 4 آلاف برميل من جملة 480 ألف برميل في اليوم ينتج منها الشمال حوالي 110 آلاف برميل.. وبالتالي إذا حصل انفصال فإنّ نفط الجنوب لا يمكن استغلاله إلاّ عبر الشمال.. ومن هنا فإن تقديراتنا ان الشمال لن يتأثر كثيرا وسيكون أقل تأثرا مقارنة بالجنوب... وهذا ما يؤكده ايضا عدم اعتماد الشمال على النفط اعتمادا مباشرا.. ٭ هذا في ما يتعلق بالنفط لكن ماذا عن الجانب الجيوستراتيجي... ألا يبدو ما يجري مثيرا للكثير من الهواجس على الصعيد الداخلي والاقليمي والعربي ايضا؟ نحن في الحقيقة نريد أن ننتظر ما تقرره نتائج الاستفتاء أولا لكن من الواضح الآن أن الصوت العالي هو الصوت الداعي الى الانفصال... أنا تقديري على مستوى الشمال ان الانفصال ليس في مصلحة الجانبين أصلا وأن الوحدة هي لمصلحة الطرفين لأن من تداعيات الانفصال أنه يضعف الطرفين بما في ذلك الطرف الجنوبي لأن الجنوب دولة مغلقة غير مطلة على البحر ولأن الجنوب يرتبط بالكثير من المصالح الاقتصادية مع الشمال... ولذلك أعتقد انه ستكون له نتائج سلبية لكن اذا كان هذا خيار الجنوبيين فسنقبل به.. مع يقيننا كما قلت بأن هذا السيناريو الذي يحركه أعداء الأمة سيكون له تأثير ليس على السودان فحسب بل على العديد من الدول الأخرى في افريقيا والعالم العربي... وهذا ما حذّر منه زعماء أفارقة كثيرون مؤخرا. ٭ القمة الافريقية الدولية التي شارك فيها الرئيس عمر البشير امس... إلى اي مدى يمكن ان تشكل رافدا للسودان في خضم ما يتعرض له من أزماته الراهنة؟ أصلا، السودان ذو حضور دائم في مثل هذه القمم... وهو لم يتخلّ عن اي قمة سواء كانت إفريقية او عربية أو دولية... ومشاركة الرئيس البشير في هذه القمة أمر طبيعي.. ولكن الرئيس سيطمئن الرؤساء المشاركين حول الوضع في السودان وحول استحقاق الاستفتاء.. ٭ عودة لهجة التهديد من طرف المدّعي العام للمحكمة الجنائية باعتقال الرئيس عمر البشير، كيف ترون المغزى من ورائها خاصة في مثل هذه الظرفية؟ طبعا، هذه المسألة هي قرار سياسي بحت.. وواضح ان المحكمة الجنائية الدولية ألبست هذا الموضوع لباسا سياسيا.. وهي مدفوعة في ذلك بأغراض سياسية وهذا ما أكده الجميع... ولا أحسب أن قرارات هذه المحكمة ستكون لها تداعيات على وضع الرئيس البشير او على السودان... مع انه واضح جدّا ان وراء هذا القرار مؤثرات لوبي صهيوني.