«أحسن الكلام ما أغنى قليله عن كثيره» هذا ما أفادنا به الجاحظ وفي المثل «خير الكلام ما قلّ ودلّ» ويؤكد «طاليس» أن «قلّة الكلام دليل على الاقتدار والإصابة» ومن أقوال عمرو بن العاص «الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع وإن أكثرت منه قتل» ولهذا من الحكمة أن «لاتتكلّم على ملإ من الناس إلا عندما يكون قولك أفضل من صمتك» وكذلك «جودة الكلام في الاختصار» وفي المثل «إذا تم العقل نقص الكلام» ومن صحة ما ذكر من الحكم «من كثر كلامه صعب صدقه» قال رسول الله ے «رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم» وفي المثل الانقليزي «كثير الكلام قليل الاحترام» ويضيف «كثير الكلام قليل الأفعال». كان أعرابي يجالس الشعبي، ويطيل الصمت فقال له يوما: لمَ لا تتكلّم؟.. فقال «أسمع لأعلم» وأسكت فأسلم ولهذا قال أحد الحكماء «الكلام في الخير كلّه أفضل من الصمت والصمت في الشر كله أفضل من الكلام» وقد قيل «كل امرئ يُعرف بقوله، ويوصف بفعله فقل سديدا، وافعل حميدا» قال عمر بن الخطاب «من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه» قالوا: «لا يتمّ حسن الكلام إلا بحسن العمل كالمريض الذي قد علم دواء نفسه فإذا هو لم يتداو به لم يغنه علمه». قال الله تعالى وهو خير ما أختم به: {ضرب الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} (إبراهيم آية 24). وقال سبحانه عز وجلّ: {ومثلُ كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّتْ من فوق الأرض ما لها من قرار} (ابراهيم آية 26) ولهذا كما قال علي بن أبي طالب «لا أعرف الرجل حتى يتكلّم» وقال الرسول ے «الكلمة الطيبة صدقة» لا تكونوا كالذين {في كلّ واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون} (الشعراء آيتان 225226).