تونس الشروق : الكلمة التي توجه بها رئيس الدولة إلى الشعب تفاعلا مع ما جدّ من وقائع بعد اقدام أحد شباب ولاية سيدي بوزيد على احراق نفسه تطرقت إلى موضوع في غاية من الأهمية ألا وهو الوضعيات النفسية الهشة وحالة اليأس التي تضرب البعض من شبابنا نتيجة الحالات الاجتماعية وكذلك نتيجة انسداد أبواب الحوار والتواصل معهم. البعد النفسي على غاية من الأهمية وهو يقتضي تعاملا مسؤولا مع مثل هذه الحالات المأزومة والمهزوزة وتعاطيا واعيا مع خطورة ترك مثل هذه الوضعيات تستشعر واقعا للاقصاء أو التهميش أو اللامبالاة والابتعاد عن الجادّة والارتماء في أحضان المجهول من السلوكات والتصرفات. مهمات المرافقة والتأطير للفئة الشبابية ملف على غاية من الأهمية بما أثبتته الأحداث من مخاطر للتفاقم وردود الفعل العنيفة ليس على الممتلكات العامة والخاصة فقط بل كذلك على الذات، وهو سلوك يتطلب المزيد من التفهم والتحليل والتمحيص. هياكل وقدرات إن المجتمع التونسي بما عرفه من روح تحديثية ومدنية يشهد اليوم مثل تلك الوضعيات التي هي أصلا غريبة عنه، ولكن ما حدث يعيد طرح قدرات الهياكل المعنية بالتأطير ومرافقة الشباب ومدى نجاعة تدخلاتها على الميدان من أجل الاحاطة الواسعة بهؤلاء الشباب وفتح نوافذ للأمل والتفاؤل أمامه وابعاده عن شبح اليأس والقنوط والغوص إلى مختلف أصناف المخاطر في السلوكات والتصرفات. انها مسؤولية وطنية على رأسها أجهزة الإدارة المختلفة في التربية والتعليم والشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية والتشغيل والصناعة والفلاحة وغيرها من القطاعات والميادين، وهي القطاعات والميادين الحكومية الرسمية التي يجب أن تكون أبوابها مفتوحة للاستماع للشباب والانصات إليهم وتلقي مشاغلهم ورصد تطلعاتهم وانتظاراتهم. إلى جانب ذلك هناك مختلف مكونات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات وجمعيات والتي أفرزت أحداث سيدي بوزيد حالة من عجزها عن التأطير وكشفت عن حالة من القطيعة بينها والشباب بصفة عامّة. وسبق لرئيس الدولة أن أكد ومنذ سنوات على ضرورة أن تعمل مختلف هذه الأطراف على الاقتراب من الفئة الشبابية ونظمت للغرض العديد من الاستشارات الشبابية المفتوحة وكانت سنة 2008 سنة الحوار مع الشباب وارتقت المبادرة التونسية لتكون دولية سنة 2010 كنموذج رائد في الالمام بمشاغل الفئة الشبابية ومعرفة دقيقة بحالة الاحباط والتهميش التي تعيشها وابتعادها عن الاهتمام بالشأن العام وعن العمل السياسي والجمعياتي، وكان برلمان الشباب المبادرة الرئاسية الأبرز التي سعت إلى توفير فضاء وطني هام لاحتضان ممثلين عن شباب تونس من مختلف الجهات والمدن والقرى. دستور ومهام ومن المهم في هذا الباب ابراز التحوير الذي شمل فصول الدستور عندما تمّ ادخال مهمة التأطير والمرافقة للشباب من ضمن مهام الأحزاب السياسية الوطنية (الفصل 8 من الدستور). أسئلة عديدة تطرح اليوم ومن المهم أن تقف المجموعة الوطنية عند المناحي السلبية من أجل العمل الجماعي لتفاديها إن قراءة الواقع بموضوعية وواقعية تحمل الهياكل الإدارية ومكونات المجتمع المدني مسؤوليات جسيمة تجاه مزيد العناية بملف الاحاطة بالشباب ومرافقته والاستماع إليه، وهناك اليوم انتظارات واسعة بخصوص تفعيل قرار رئيس الدولة لبعث منتديات للحوار مع الشباب محليا وجهويا بما ستمثله من فضاءات للتواصل مع الشباب والاقتراب منه واتاحة الفرصة كاملة أمامه للتعبير عن رأيه ونقل وتصوير معيشه اليومي إلى الجهات المسؤولة ونشر ثقافة الحوار بينهم. الشباب التونسي بما له من قدرات علمية وثقافية يتفهم وقادر على التحليل والقراءة وفهم حدود حقوقه وواجباته ولكنه لا يتفهم القطيعة معه واقصاءه أو سد الأبواب في وجهه... فلنتواصل أكثر مع شبابنا.