مما لا شك فيه أن العائلة التونسية أصبحت تعيش تحولا جذريا على جميع المستويات من ذلك مثلا تغير الادوار وتبادلها بين الزوجين. فقد أكدت بعض الدراسات أن فئة ضئيلة من الرجال يتهربون من القيام بدور العائل الرئيسي للعائلة والمتصرف في مجمل شؤونها ليبرز دور الأم والزوجة المتحمّلة لقسط كبير من مسؤولية إعالة عائلتها نظرا لخروجها من العمل وتحقيق استقلاليتها المادية. وقد لا يتوقف الامر عند حد المشاركة في المسؤولية حتى يصل الى استقالة هؤلاء المتقاعسين بصفة عامة عن دورهم ومن بعدهم أبناؤهم الذكور لتصبح الأم والأخت والزوجة العائل الرئيسي للاسرة. «الشروق» استقت شهادات وحكايات من الواقع تروي كفاح بعض النساء في العمل من أجل أسرهن وبحثت في الاسباب التي تدفع ببعض الرجال الى التواكل وإلقاء المسؤولية كاملة على عاتق المرأة. مبروكة أرملة في عقدها الرابع لها ثلاثة أبناء ذكور كلهم عاطلون عن العمل رغم حصولهم على شهادات في التكوين المهني تخوّل لهم العمل في أي وقت يريدون باعتبار أن مجالات تخصصهم تستوعب عددا هاما من اليد العاملة ورغم ذلك وجدوا الركون الى الراحة والاتكال على أمهم أحسن طريق للهروب من تعب العمل وتحمّل المسؤولية. وتروي مبروكة بعضا من معاناتها مع أبنائها قائلة: «لقد تعبت كثيرا من أجل دراستهم وكنت أترقب اليوم الذي يتحصلون فيه على شهائدهم ويدخلون ميدان العمل ليتحملوا معي المسؤولية ويريحونني من الانفاق عليهم لكن أحلامي ذهبت أدراج الرياح بسبب عدم استقرارهم في أي عمل رغم بلوغهم العقد الثاني من أعمارهم. * معاناة نسائية هناك عدد ليس بالقليل من الفتيات من يقعن تحت طائلة التهديد بالضرب والتعنيف من قبل اخوتهن الذكور عندما يكون هؤلاء عاطلين عن العمل. وتروي نسرين حكايتها المريرة مع أخيها السكير والعاطل عن العمل عندما كان يعمد الى افتكاك رابتها وتقول هذه الآنسة: «أنا يتيمة الأب وأمي امرأة مسنّة عائلتي تتكون من خمسة أفراد، ولدين وثلاث بنات، انقطعت عن الدراسة والتحقت بأحد المصانع لاعالة أسرتي لكن أخي ظل عاطلا عن العمل ولم يكتف بذلك بل أصبح يفتك مني راتبي لينفقه على الخمر والجلسات الخاصة مع رفاق السوء والويل لي إن لم أعطه ما يطلبه مني ساعتها لن يتوانى عن ضربي وضرب إخوتي وتعنيفنا بشتى الطرق. سهام أيضا قادها الحظ الى الزواج من عامل يومي يقتات من عمله بالحضائر لكن عمله هذا كان غالبا ما ينقطع لسبب أو لآخر لتجد سهام نفسها مجبرة على الانفاق على زوجها وإطعامه». * استقالة إذا كانت مجموعة من النساء تضطر للانفاق على الرجل سواء كان أخا أو زوجا بسبب بطالة هؤلاء فإن عددا آخر من النساء المتزوجات يجدن أنفسهن مجبرات على تحمّل المسؤولية كاملة وتروي بسمة قصتها مع زوجها اللامسؤول قائلة: «أعترف أن زواجي كان قائما على المصلحة والطمع من جانب زوجي لاسيما وأنني بلغت سنّا كدت أيأس خلاله من الحصول على زوج فجاء زوجي هذا لينقذني من شبح العنوسة وقد استغل تساهلي معه وفرحتي به ليملي شروطه المجحفة والمتمثلة بالاساس في ضرورة اضطلاعي بكل ما يخص المنزل من نفقات ووافقت على هذا الشرط في البداية آملة أن يتغير موقفه بعد الزواج وانجاب الابناء لكن الحالة ظلت على ما هي عليه خاصة وأننا أنجبنا ثلاثة أطفال وأنا الآن أعيش حالة من الضيم بسبب ثقل المسؤولية المناطة بعهدتي ولامبالاة زوجي القاتلة». هدى أيضا اتحفها الزمان بزوج يدين بهذه اللامبالاة والكسل في حياته فهو متقاعس عن العمل ويركن دائما الى الراحة ملقيا بذلك بكامل المسؤولية على زوجته التي لم تعد تقوى على تحمل المزيد بسبب ضغوطات الحياة. وتقول هدى بكل حسرة لا يوجد شيء في حياة المرأة منغّصا مثل اتحافها بزوج بخيل أو كسول وعديم المسؤولية فهذه النوعية من الرجال تنقص من عمر المرأة وتسبب لها الاحباط المزمن حسب قول السيدة هدى وعموما تبقى هذه الشهادات والقصص قطرة من بحر مليء بحكايات أبطالها رجال أو قل أشباه رجال لانهم لا يتحملون المسؤوليات المناطة بعهدتهم وضحاياها نساء أفنين أعمارهن من أجل الاضاءة على من حولهن.