تعتبر أحزاب المعارضة مسألة تمويل الحملات الانتخابية من أعقد المسائل وأكبر المعضلات التي تواجهها في كل موعد انتخابي وذلك بالنظر إلى محدودية مواردها المالية التي بالكاد تغطي وتؤمن الأنشطة العادية ولا تجزي لسدّ ما تتطلبه الحملات من مصاريف ونفقات ضخمة. وتجمع هذه الأحزاب في العموم على أن التمويل العمومي الذي تسنده الدولة لهم لن يكفيهم للقيام بحملاتهم في إطار الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر اجراؤها يوم 24 أكتوبر 2004 ومع ذلك فإنه لا غنى عن هذا التمويل الذي تتخذه بعض الأحزاب مصدرا وحيدا لتنظيم حملاتها. وستتلقى الأحزاب من الدولة وفق مقتضيات القانون المنظم لتمويل الأحزاب مساعدة على تمويل الحملة الانتخابية في حدود 40 دينارا لكل ألف ناخب في الدائرة الانتخابية يضاف إليها مبلغ 20 دينارا لكل ألف ناخب على المستوى الوطني بالنسبة إلى المرشح للانتخابات الرئاسية وهو ما يعادل قرابة 94 ألف دينار باعتبار أن عدد الناخبين قدّر بنحو 4 ملايين و700 ألف ناخب حسب تصريح لوزير الداخلية والتنمية المحلية في آخر ندوة صحفية. وقد حدّد أجل الترشح للانتخابات التشريعية في الفترة من 15 إلى 25 سبتمبر المقبل. أما الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية فتجرى في الفترة من 10 إلى 22 أكتوبر المقبل. ورغم ان هذا الموعد مازال بعيدا نسبيا فإن هاجس تمويل الحملة الانتخابية بدأ يمثل أمام مخيّلة أغلب قياديي أحزاب المعارضة من ذلك حزب الوحدة الشعبية الذي قدّر مصدر من داخل مكتبه السياسي أن كلفة حملته الانتخابية لن تقل عن سقف 250 ألف دينار ستنفق في المعلقات والملصقات وكراء السيارات والتنقلات وخلاص المراقبين. واتقاء لكل مفاجأة غير سارة تم داخل الوحدة الشعبية احداث شركة خدمات ستتكفل بادارة الحملة الانتخابية والتحكم في نفقاتها وقد تم التعهد في إطار عمل هذه الشركة بتجنب كل مظاهر التبذير أثناء الحملة كإسناد الهدايا للناخبين والدعاية الواسعة والضخمة عبر وسائل الاعلام كما تم التعهد أيضا بضرورة الاستعداد للتعاطي والتأقلم مع أي طارئ وسيستفيد الحزب في ذلك بتجربته في الحملات الانتخابية السابقة وخصوصا حملة انتخابات 1999 التي قدم فيها الوحدة الشعبية مرشحا له للرئاسية ومرشحين للتشريعية. الحزب الاجتماعي التحرري سيتعامل مع الحملة الانتخابية المقبلة من جانبه بموارده المتاحة وهي أساسا مساعدة الدولة ستضاف إليها بعض المساهمات الفردية والشخصية من المرشحين للمنافسات الانتخابية كما ذكر مصدر من الحزب ل»الشروق» لكن على أن يكون التعامل مع هذه المصاريف بحذر شديد ودون اللجوء إلى الاقتراض و»السلفات» فالمهم أن يخرج الحزب من حملته بلا ديون. ولاحظ مصدر «الشروق» ان المساعدة التي ستتلقاها جامعات الحزب من الدولة زهيدة جدا ولن تفي بالحاجة مطلقا خاصة بالنسبة إلى الجامعات البعيدة عن العاصمة مثل قبلي وتطاوين وتوزر التي سيتكبد فيها منتسبو الحزب خسائر ونفقات ضخمة في التنقلات والأنشطة الأخرى قبل الحملة وأثناءها وهي نفقات تتعدى سقف المساعدة العمومية بكثير. أما الاتحاد الديمقراطي الوحدوي فقد أكد أحد أعضاء مكتبه السياسي أن مشكل تمويل الحملة الانتخابية يبقى من المشاكل العويصة والقائمة باستمرار داخل الحزب ولكن بحكم الأولويات سيتم ارجاء النظر فيه إلى ما بعد المجلس الوطني الاستثنائي للحزب الذي تقرر عقده يوم 11 سبتمبر المقبل والذي سينهي الصراع حول الأمانة العامة. وأضاف المصدر نفسه أن العمل داخل الوحدوي سيتجه نحو التحوّط من مشكلة المديونية التي واجهها في الحملة الانتخابية السابقة والتي بقيت تتابعه إلى حدود الفترة الأخيرة. وذكر أيضا أن أغلب الخلافات والصراعات التي تبرز خلال تشكيل القائمات الانتخابية تعود بالأساس إلى أسباب مادية وإلى ضعف الامكانيات. وبخصوص حركة التجديد فقد اكتفى مصدر من داخلها بالقول إنها من الأحزاب المعوزة وأنها ستعتمد في تنظيم حملتها على التمويل الذي ستتلقاه من الدولة اما تقديرات تكاليف الحملة فستضبط في اجتماع سيعقده المكتب السياسي للحركة خلال أيام قليلة.