لم تخف عدد من الأحزاب السياسية منها المرخّص لها ومنها المحظور انتقاداتها لتركيبة الحكومة الجديدة الّتي تمّ الإعلان عنها، أحزاب ما كانت تُنعت سابقا بأحزاب المُوالاة وهي حزب الخضر للتقدّم وحزب الوحدة الشعبيّة وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الاجتماعي التحرري رأت نفسها قد أُقصيت في حين رأت أحزاب أخرى (غير معترف بها وهي أساسا حزب العمال الشيوعي وحركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ) أنّ حلفاء الأمس (أساسا ضمن تحالف 18 أكتوبر الشهير) وهما أساسا الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتّل من أجل العمل والحريات قد «خانا» العهد وانقلبا على الالتزامات التي جمعتهم معا ولسنوات طويلة في النضال ضدّ النظام السياسي السابق بقبولهما التواجد ضمن الحكومة الجديدة جنبا إلى جنب مع الحزب الحاكم في المرحلة المنقضية أي التجمّع الدستوري الديمقراطي. فقد اعتبر المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن الترتيبات الجارية منذ سقوط رمز النظام تستهدف الالتفاف على ثورة شعبنا وسرقة انجازاتها بدعم أجنبي واضح وهي محاولة لترسيخ خط لا يخدم مصالح شعبنا وهويته العربية الإسلامية. وأكد الحزب في بلاغ له رفضه لكل أساليب الإقصاء والتهميش ودعا إلى مشاركة كل الأطياف السياسية والفكرية بلا استثناء في بناء مستقبل البلاد، وقال الحزب إنه لم يطلب وأنه يرفض المشاركة في حكومة قائمة على الإقصاء وعدم تشريك كل القوى الوطنية بدون استثناء ولا تستجيب لمطالب الانتفاضة الشعبية وأهدافها. من جهته عبّر حزب الخضر للتقدّم عن مُعارضته للمنهج الذي تمّ به علاج الوضعية الاستثنائيّة للحكومة واعتبر أنّ المنظومة السياسية الجديدة في طريقها إلى ارتكاب نفس المطب ونفس الخطأ الّذي انحدرت إليه المنظومة السابقة التي لجأت طويلا إلى مبدإ الإقصاء ومُحاولة تقسيم المعارضة والأطياف السياسيّة وإحداث تصنيفات لها بين أحزاب كبرى وأحزاب صغرى أو راديكالية ووفاقيّة، وأعرب حزب الخضر عن أسفه لما جرى من إقصاء لأطراف سياسيّة موجودة وقال في بيان له إنّه كان يؤمّل في أن تتوحّد صفوف كلّ الأحزاب الوطنيّة، حتّى تلك غير المعترف بها، في تشكيل الحكومة الجديدة بما يمنح الساحة السياسيّة قدرات إضافيّة على التوحّد ولملمة صفوفها في مثل هذه الظرفيّة الدقيقة والصعبة من حياة البلاد وعلى النحو الذي يستجيب لتطلعات الانتفاضة الشعبيّة التي ما كان أحد يتوقّعها، ومن المؤسف بحسب بيان الحزب أن يتمّ الاستحواذ على نضالات الشعب بهذه الصورة التي فيها الكثير من الإقصائيّة والاستثناء. وهاجمت قيادات في حزب العمال الشيوعي التونسي (غير مُعترف به) قيادات الحزب الديمقراطي التقدمي متّهمة إياه بركوب الحدث. من جهته عبّر منصف المرزوقي وهو مفكر وسياسي تونسي، ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (المحظور) عن امتعاضه من انضمام بعض الأحزاب المعارضة التي التحقت بالحكومة الجديدة وقال المرزوقي ل«الجزيرة»: «والله لو فتحت انتخابات حرة لن تحظى هذه الأحزاب التي انضمت الآن إلى الحكومة بأصوات الناس»، وطرحت هذه الوجهات استغرابا كيف أن السيدة مية الجريبي الأمين العام للحزب الديمقراطي بعدما كانت تصيح في المظاهرات منادية ب«لا بدّ من رحيل هذه الحكومة مع رحيل الرئيس بن علي» تنقلب لهجتها وموقفها لتقول إنها تشرفت بمقابلة السيد محمد الغنوشي. فهل هي بداية انقسام المعارضة التي كانت متحدة على رأي واحد أيام المظاهرات والاحتجاجات وحتى قبل ذلك ولفترة زمنيّة طويلة جدّا؟ ومن الواضح حاليّا أنّ الثورة الشعبية الّتي حدثت يوم 14 جانفي الجاري والإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة قد أعادت تشكيل المشهد السياسي الوطني على نحو جديد مُغاير يُقارب ال180 درجة وهذا ما يُعطي الانطباع برؤية حراك سياسي هام جدّا خاصة في ظلّ تأكيد السيّد محمّد الغنوشي العزم على الاعتراف بكلّ الأحزاب التي تقدّمت بملفات قانونيّة وهي أساسا: حزب تونس الخضراء (عبد القادر الزيتوني) الحزب الاشتراكي اليساري (محمد الكيلاني) وحزب العمل الديمقراطي( عبد الرزاق الهمامي) وحركة النهضة (حمادي الجبالي الّذي التقاه أمس الوزير الأوّل) والمؤتمر من أجل الجمهوريّة (المنصف المرزوقي).