هل ان صرخات شباب تونس في يوم 14 جانفي 2011 اطاحت بنظام سياسي فاسد، لماذا يسارع دائما نظام بن علي الى طمأنة الشباب بأنهم في آمان وبأن مستقبلهم آمن ونفى بكل تصميم وجود مخاطر تهددهم خاصة وانهم في حضوة نظام السنة الدولية للشباب? لماذا انسحب شباب تونس من واقعه الذي رفضه وسعى الى التمرد واشغال ثورة لا تخفى معالمها ومفرداتها على أحد?. أسئلة عديدة تفرض نفسها على كل مفكر وباحث في ثقافة شباب تونس...صراحة...ما أروع ما حصل في بلد أصبح نموذجا يحتذى في كل بلدان العالم...شباب تونس الذي بحث عن الحرية والعدالة والديمقراطية وافتكها افتكاكا من طغاة وحكام لم يتعودوا على التمرد والعصيان. ما أروعك يا شباب تونس... الذي والحق يقال خلته لا يفقه في الفكر الانساني ولا يعرف المعنى الصحيح لثقافة الشباب...بل عرفته يتوق الى الميوعة والموسيقى الصاخبة والانسياب السلبي لموجات الحياة الغربية دون أن يكون حاملا للواء الايديولوجية والمنظومات الفكرية لكن ما حصل يوم 14جلنفي 2011 سيبقى راسخا في الذاكرة الانسانية، لقد رأيت بأم عيني شبابا توجه الى الفئات العمرية الأخرى من كهول وشيوخ ليقول لهم لسنا كما تظنون بل خرج الى الشوارع...شبابا في صف واحد ينادي بالإطاحة بالرئيس وتغيير النظام في وقت قياسي....الأحداث تتسارع والشهداء يموتون واحد تلو الآخر...والشباب ينتفض ويتظاهر في كامل ولايات تونس ليقول (لا لا وألف لا للرئيس وحكومته) ما أروع ما قاموا به...ودونوه في ذاكرة التاريخ الانساني...بالرغم من أن العديد من المهتمين بقضايا الشباب والمختصين في علم الاجتماع السياسي اعتبروا أن علاقة الشباب التونسي بالشأن العام وبالحياة السياسية على وجه الخصوص تتسم بنوع من الفتور وعزوف تام للشباب عن المشاركة في الشأن العام حتى أن النظام السابق للرئيس بن علي سعى الى البحث عن مبادرة دولية لانقاذ الشباب من سياسة التهميش وبلورة شخصيته من خلال مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 2009 على مبادرة تونس لجعل سنة 2010 سنة دولية للشباب وحظت المبادرة التونسية باجماع دولي ومباركة عالمية غير أن تلك المبادرة للرئيس المخلوع بن علي ساهمت في الاطاحة به من منصبه وبالتالي فسقوط إمبراطورية بن علي كانت على يد شباب تونس في السنة الدولية للشباب وبهذا يكون الرئيس المخلوع بن علي قد صدق في اقواله حين بحث عن مستقبل الشباب وسعى الى توحيد صفوفه في برنامج السنة الدولية للشباب...حيث طالب هذا الأخير بالتغيير الفعلي والجذري لمحيطه السياسي والاجتماعي الذي يعيش ضمن نطاقه...والثابت أن هذه المبادرة الشبابية في اطاحة نظام بن علي والمطالبة بتغيير الموجود نحو الأفضل ترسم معالم حمايته لشباب تونس في ظل نظام ديمقراطي يسوده العدل والحرية انما الهدف منه تقوية الاحاطة بمستقبل الأجيال في تونس وتكريس معرفتهم وادراك للمسؤوليات الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والسياسية الموكولة اليهم باعتبار انهم سيسلمون المشعل في خدمة الوطن على غرار ما فعلته اجيال سابقة لم تكن لها نفس الخطوط والامكانيات. لقد أراد شباب تونس أن يساهم مساهمة فعالة في تحرير العقول وتنويرها حتى يشع نور الحرية وتتراجع الظلمات وينعدم التعصب والارهاب وتنطفئ نار الظلم والبهتان ويترك هذا الظلم مكانه لحوار بناء يمد جسور التواصل والحرية. فالقيم التي اراد ان ينشرها شباب تونس في انتفاضته الشعبية والتي يسعى الى التبشير بها ونشرها بين الأمم هي قيم الحرية والعدالة وهي قيم عريقة في تراثنا التاريخي وهي قيم حبلى بالرخاء وتحث على قبول الآخر واحترام خصوصياته للتعايش معه في تضامن وسلم ووئام ان من حق شبابنا شباب تونس الشعور بالأمن وتنمية روح الانتماء فيه وشعور بأنهم قادرون على خدمة مجتمعهم بل شعور بأهميتهم على الأقل في ظلّ الأنظمة الفاسدة التي لم تعر اية اهتمامات في الوقت الذي أعلن فيه عالميا عن السنة الدولية للشباب والتي كان من المفروض ان يجد شباب تونس في هذه السنة ذاته من خلال هامش من الحرية والتعبير باعتبار انه شباب كان يعيش في ظل ازمة اغتراب بعيد عن واقعة الاجتماعي والسياسي أزمة اغتراب حقيقية في وطنه. وما يستوجب من الحكومة القادمة ان تقوم بفتح الأبواب أمام شباب تونس لإعمال الفكر ودفعه دفعا الى الشعور بمعنى المستقبل والتحديات المفروضة لأنه سيكون مجبرا على مواجهة مخاطر العولمة وضرورة التغلب على الصعاب والتحلي بمنظومة الانتصار ومواجهة المستقبل. مراد السليمي