يهم العفو الجبائي: بلاغ هام لبلدية تونس..    شركة اتصالات تونس تتكفل بتسديد أجور أعوانها واستكمال عملية دمجهم    انقطاع مؤقت في توزيع الماء بهذه المنطقة    الدفاع عن المستهلك: أسعار معقولة في السوق...وهذه المنتجات الأكثر ربحًا    عزوف على شراء الدلاع للسنة الثانية على التوالي..ما القصة..؟!    الهلال السعودي يعلن انضمام المغربي حمد الله للمشاركة في كأس العالم للأندية    القطيعة بالتراضي بين الاتحاد المنستيري والمدرب فوزي البنزرتي    نجم المتلوي: تواصل التحضيرات .. وإيفواري يخضع للإختبارات    الرابطة الأولى: لاعب جديد يعزز صفوف الإتحاد المنستيري    إنتقالات: باير ليفركوزن الألماني يتعاقد مع مدافع ليفربول الإنقليزي    الوضع الجوي: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة مع تساقط البرد بهذه المناطق    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    أمام دائرة الفساد المالي: تأجيل النظر في قضية توفيق المكشر ومسؤول بنكي سابق    محرز الغنوشي: أمطار رعدية بهذه المناطق.. بعد هذا الوقت    الحماية المدنية تحذّر: تيارات مائية ساحبة تهدّد حياتكم...وهذه طرق الوقاية    التيارات البحرية الخطيرة: كيف تتصرف لإنقاذ حياتك؟    في جينيف ..ندوة دولية تسلط الضوء على انتهاكات الجيش السوداني    "نتنياهو" يتوعد بالقضاء على حماس..#خبر_عاجل    سعيّد: إعادة هيكلة المؤسسات وإبعاد من فشلوا... والشعب أولى بالفرص    عاجل : وفاة لاعب مشهور في حادث مروّع    بشرى سارة لمرضى السرطان..    السخانة مش ديما مضرة.. تنجم تكون دوا!    مقتل 4 أشخاص وإنقاذ 23 إثر غرق عبارة قبالة بالي    الكونغرس يطالب البيت الأبيض بتوضيح سبب تعليق شحنات الأسلحة لأوكرانيا    وزارة الصحة تعقد اليوم جلسة تفاوض جديدة مع الأطباء الشبان..    عاجل: صفقة جديدة للنادي الإفريقي    لي سيو-يي.. رحيل مفاجئ لنجمة الدراما الكورية يثير التساؤلات    ما تخبئه الكواكب ليوم الخميس 3 جويلية: يوم حاسم لمواليد الأبراج المائية والنارية    وزير الخارجية ونظيره العماني يؤكدان على ضرورة متابعة تنفيذ توصيات الدورة 16 للجنة المشتركة التونسية العمانية    كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة لتهريب المخدرات    أكثر من 30 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ منتصف الليل    محمد صلاح يتصدر قائمة أغنى اللاعبين الأفارقة لسنة 2025 بثروة قدرها 110 ملايين دولار    طقس الخميس: الحرارة تتجاوزال 40 درجة وأمطار بهذه المناطق    كوريا الشمالية تصعد لهجتها ضد الولايات المتحدة    باجة: رياح رملية قوية وتحذيرات من تقلبات جوية وأمطار غزيرة    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان: علاقات تاريخية متميزة    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: من المتوقع موجات حر أشد وأكثر تواتراً    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    مجلس الجهات والاقاليم يحيل مشروعي قانون يتعلقان باستغلال المحروقات على اللجان    أخبار الحكومة    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    بنزرت: حجز 34 ألف بيضة مخبأة بمستودع عشوائي ببنزرت الجنوبية    التحقيق مع راغب علامة بقضية "المكالمة الهاتفية" المسرّبة    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    السجن 12 سنة لتونسية هرّبت الكوكايين من تركيا داخل حقيبة سفر    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    الدورة 20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني قابس من 15 إلى 19 أكتوبر 2025    جوان 2025: استقرار معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية في حدود 7.5 بالمائة    محاضرة بعنوان "حوار على ضوء القيم ... عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خيارا" بمقر الالكسو    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    عاجل/ موجة حر الأسبوع المقبل..وهذه التفاصيل..    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    كيفاش تستغل دارك والا محلك وتدخل منهم فلوس؟    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستاذ معز بشور يكتب ل «الشروق»: الأمة كلها في مواجهة ثلاثية التبعية والفساد والاستبداد
نشر في الشروق يوم 30 - 01 - 2011

يقول فلاديمير ايليتش لينين مهندس الثورة البلشفية وقائدها في مطلع القرن الماضي: «قد تمر عقود لا يقع فيها شيء يذكر، وقد تأتي أسابيع تقع فيها عقود».
ونتذكر اليوم هذا القول المعبّر ونحن نراقب ما جرى في تونس من تطورات مذهلة وثورة واعدة ومشرقة، ثم في مصر خصوصاً والعديد من الأقطار المتحفزة، وهي تحركات لو أجرينا قراءة بسيطة لأبعادها وحجمها وتداعياتها، كماً ونوعاً، للاحظنا بوضوح ان مطلب التغيير المحرك لشباب الأمة وقواها الحية يستهدف ثلاثية جثمت على صدر الأمة لعقود طويلة وهي ثلاثية متوحشة، التبعية والفساد والاستبداد.
ولم يعد خافياً على احد أن التبعية لاملاءات قوى الهيمنة العالمية إنما تشجع الفساد كرشوة للحكام، وتصون الاستبداد كأداة لاستمرار رجالها في الحكم، وفي الإذعان لمشيئتها واملاءاتها.
كما لم يعد خافياً على احد أن الفساد المستشري في أنظمة الحكم وإداراته، وفي بلاط القصور، وفي الأسر الحاكمة، بات جزءاً من منظومة عالمية يتحكم من خلالها نظام ربوي احتكاري عالمي بموارد الشعوب وينهب قدراتها ويستغل جهد أبنائها، كما لم يعد خافياً أن التعاون بين الأنظمة المحلية والنظام العالمي الراهن يستند دوماً إلى قمع أي كفاح شعبي يتوخى تحرير الأرض والإرادة والموارد من تبعية مذلة لهيمنة متوحشة .
وبالمستوى ذاته لم يعد ممكناً الفصل بين الاستبداد، الذي تطورت أساليبه وأشكاله ووسائله وأجهزته وآلياته في العقود الأخيرة، وبين التبعية كدرع حامٍ لهذا الاستبداد من الخارج، والفساد كأداة إنهاك للمجتمعات من الداخل، وإفقار للشعوب، وهدر الطاقات، وتجويع الناس وتركيع للأمم.
لذلك لم يكن من قبيل الصدفة أن تبدأ أنظمة الاستبداد والفساد بالاهتزاز يوم دخل نظام الهيمنة العالمية العاتية في مسالك الارتباك والتأزم والتراجع، كما بات واضحاً ان اهتزاز نظام هذه الهيمنة ما كان ممكنا أن يتم لولا مقاومة باسلة هزت أركانه في العراق وأفغانستان، كما في فلسطين ولبنان.
فهل يمكن أن نفصل مظاهرات اليوم في مصر عن مظاهرات أمس الأول، قبل عامين، التي انتصر فيها المصريون لأهلهم في غزة وهم يواجهون قصف الأعداء وحصار «الأشقاء»، بل عن مسيرات خرجت في كل مدن مصر ودساكره استنكاراً لجريمة العدو الصهيوني بحق أسطول الحرية، حتى لا نذكر بمسيرات التضامن مع العراق ضد العدوان والاحتلال في اوائل هذا القرن.
بل هل يمكن أن نفصل الانفجار التونسي عن ذلك الاحتقان المتراكم في شارع تونس العربي المسلم الذي كان يرى مكتب الاتصال الصهيوني يسرح ويمرح في بلاده، ويحس بنشاط شبكات التجسس الصهيوني والغربي تتحرك بحرية في مدنه وحواضره، بل يتذكر كيف اغتيل قادة فلسطينيون كبار على أرضه كما حصل للشهيد خليل الوزير، مهندس انتفاضة الحجارة، في أفريل 1988 بعد أشهر على تولي بن علي السلطة في نوفمبر 1987، وعلى يد عملية كوماندوس بحرية وجوية كبرى كانت تتحرك بسهولة أمام الأمن التونسي الذي طالما فاخر إن شعرة لا تسقط من رأس مواطن إلا بأمره.
ولعل الأمر ذاته يتكرر في عواصم عربية مرشحة لمواجهة المصير ذاته بعد أن أسلمت قيادتها لأعداء الأمة ومغتصبي الحقوق.
قد يحصر البعض هذه التحركات بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية المباشرة، في محاولة لتحييد العامل الوطني والقومي والديني عنها، ولكن هذا البعض لا يتجاهل فقط الشعارات والمطالب الوطنية والقومية الحاضرة في حركة الشارع، بل يغفل أيضاً حقيقة كبرى إن الفساد ما كان ليستشري، وان الاستبداد ما كان ليسود لولا تلك الرعاية الأمريكية والاستعمارية الواضحة الأغراض لهذه الأنظمة.
ولعل ما يؤكد على معادلة التلازم بين الاحتلال الأجنبي والاختلال الداخلي، هو تلك الأرقام التي تظهر أن الفساد قد وصل في دول محتلة كأفغانستان والعراق إلى درجات قياسية، ناهيك عن الفساد المتفشي في واقع السلطة الفلسطينية نفسها في ظلال الاحتلال.
وابلغ تعبير رمزي على هذا التلازم هو موقع السويس في انتفاضة مصر الراهنة ضد الفساد والاستبداد مما يذّكرنا بحرب السويس التي تصدت فيها مصر عبد الناصر ، ومعها الأمة كلها، للعدوان الثلاثي عام 1956 لتدخل معها المنطقة والعالم بأسره في عصر جديد من التحرر والاستقلال.
فهل نحن اليوم أمام السويس -2- لتعيد لمصر والعرب أمجاد سويس -1-.
وإذا كان المضمون السياسي والاجتماعي والوطني لهذا الغضب الشعبي الساطع الآتي من مختلف أرجاء الوطن الكبير يحتاج إلى تأمل عميق، فان المطلوب أيضاً أن نتأمل بعمق أكثر في آليات هذا التحرك ووسائله المتطورة والحديثة التي نجحت في الالتفاف على نظام القمع الرسمي العربي مستفيدة من ثورة المعلومات التي أدخلتها العولمة الرأسمالية ليتحكم المركز الامبريالي بشعوب العالم كلها، فإذا بشباب الأمة يحول انجازات تلك الثورة إلى أدوات للتواصل والتضامن للانقضاض على الأنظمة الخاضعة للهيمنة، بل وليدفع قوى الهيمنة إلى أن تتخلى وبسرعة خيالية عمن استخدمتهم لسنوات طويلة.
لقد دخلت أمتنا من جديد في عصر الشعوب حيث التغيير سيطال بحده الأدنى السلوك والسياسات وبحده الأقصى الأنظمة نفسها. وان غداً لناظره قريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.