الحق.. الحق، ان الاعلام في تونس يستحق كل ذلك الكلام الذي ينعته به الشارع خاصة الرياضي منه... فبعضنا ينقلب 180 درجة في اللحظة وها هي ثورة الشعب الباحث عن كرامته وسط أكداس الظلم والقهر تكشف لنا مرة أخرى كم كنا متزلفين.. وكم نحن قادرون على «قلبان الفيستة» في لمح البصر دون أن يطلب منا ذلك... والأكيد أن القراء اكتشفوا مرة أخرى هذه الخاصية وهذه البراعة في القيام بدور «البهلوان» في زمن لم نكن ملزمين فيه ببيع ضمائرنا لأننا في نهاية الأمر نعيش أتعس الظروف سواء «قوّدنا» أو أكلنا خبزتنا برجولة... هذه الحقيقة للأسف لم يفهمها أغلبنا وعاش قصة حبّ من جانب واحد مع أطراف أكد التاريخ مليون مرة أنها زائلة وأنها سترمى في مزبلة الأيام ولن تحفظها الذاكرة مهما نمّقت حضورها وطهّرت شرفها الملطخ بعرق الشعب... وها هو بعضها يغادر غير مأسوف عليه.. والبعض الآخر مقبوض عليه مثل العقارب والثعابين والوحوش الضارية.. وها هو الشعب ينتصر مرة أخرى.. فمتى تنتصر كلمة الحق؟. وحتى لا ندّعي الطّهر في زمن صار كل شيء فيه «بالمكشوف» نؤكد أن بعضنا يملك شجاعة رهيبة وقوة عظيمة في الميل مع الريح حيث تميل.. فتراه بالأمس «ملك البندير» وتراه اليوم امبراطور الجزارين بل يصبح من آكلي لحوم البشر للخروج بأحلى خبر.. ولأن القارئ الكريم لا تنطلي عليه مثل هذه الشطحات والترهات والخزعبلات فإنه يعلم مسبقا «بطاقة هوية» كل إعلامي قال كلمة حق في شأن أي كان وهو واقف.. أما اليوم وبعد أن «طاحت البقرة» فطبيعي أن تتحول الأقلام إلى سكاكين قاطعة ذبّاحة لابراز شجاعة للأسف الشديد جاءت في الوقت الضائع.. رغم كل ذلك نطرح السؤال الكبير : ما الذي سيتغيّر في عالم الاعلام الرياضي بعد أن حرّرنا الشعب ممّن كان أغلبنا يخاف مجرّد ذكر أسمائهم... وكيف سنتصرّف مع هذا الهامش الكبير من الحرية التي للأسف الشديد أعطيت لنا مرة أخرى ولم نفتكها بأظافرنا.. فهل نحن سنسخّرها لما يفيد البلاد والعباد أم سنضيعها في «حكايات بالية» عن أطراف بالية وندّعي بعدها الثورة والبطولة في وقت يدرك هذا الشعب الكريم أن الكلمة كانت مقطوعة الأطراف وأن الصحافة لم تكن كاملة الأوصاف.. بل هي فاقدة لأهم الأوصاف.. وأن هؤلاء «الشجعان» الذين يطلّون علينا في كل زمن انما هم في الواقع أول من يطالب الشعب باجتثاثهم لأنهم في نهاية الأمر أخطر من رؤوس الظلم.. وإن أمسكنا بالأفاعي فإن سموما مازالت سارية في كامل الجسد الاعلامي... سليم الربعاوي مهدي كتو: الحرية مسؤولية في اطار الأخلاقيات إذا صح الحديث عن إعلام رياضي جديد يجب أن نتحدث في البداية عن إعلام مسؤول عن كل ما يخبر به وينشره الى جانب الالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية لأننا نحاول التأسيس لمرحلة جديدة تكون مبنية على طريق سوي. كما لا يجب أن ينتهز الاعلاميون فرصة هذا المناخ الجديد للتعامل مع ما ينشر بمنطق تصفية الحسابات تحت شعار كشف الحقائق ولا ننسى أن الاعلام يتحمّل بدوره مسؤولية في كل ما حصل سابقا بسبب سكوته. أنا أقترح أن تدخل إلى تونس ثقافة صحافة التحقيق، بما يعني أن أي صحفي يكشف مستقبلا عن تجاوزات كانت قد حصلت يجب أن يستند في ذلك على وثائق وحجج ومستندات وبيانات صحيحة وهذا يندرج في اطار الاعلام المسؤول. من جهة أخرى علينا التخلص في المرحلة القادمة من رواسب فضاء الاعلام السابق وأتحدث هنا عن الدخلاء عن الاعلام الرياضي الذين يمكن تسميتهم بسفراء الأندية وأبواق الدعاية لرؤساء الجمعيات. محمد عائدة عرب: حريتي... وحرية الآخرين «شخصيا لم يتغير موقفي منذ أول يوم مارست فيه مهنتي والذي يرتكز أساسا على الحرية المسؤولة والنزاهة والشفافية والاستقلالية والحرفية ودحض جميع أنواع الولاءات ودون محاولة المساس من حرية الآخرين ولابد من خلال المرحلة القادمة وبالإضافة إلى الشروط المذكورة من أن تعمل المؤسسات الإعلامية على ضمان استقلاليتها من الناحية المالية إذ لا مجال بأن يقوم الصحفي بتغطية حدث رياضي معين من خلال التعويل على أطراف خارجية (كالفرق مثلا) لأن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان الصحفي لشرط الموضوعية في نقله للأحداث وينبغي أن تتميز علاقة الإعلاميين بقدر معين من التضامن بدل السعي إلى التراشق بالتهم وتكذيب ما يصدر عن الزملاء وأعتقد أنه خلال المرحلة سيتأثر الإعلام الرياضي بالمتغيرات التي شهدتها بلادنا ونتمنى أن يقع استغلالها لتسطير مرحلة جديدة في الإعلام الرياضي قوامها الشروط التي ذكرناها». سامي نبيل التليلي: إلغاء الوصاية «يتبقى علينا في بداية الأمر أن نعي جيّدا حدود الحرية المسموح بها في ميدان الاعلام الرياضي إذ من غير المعقول أن توظف هذا الهامش من الحرية لتصفية الحسابات والتراشق بالتهم كما حدث طيلة الأيام القليلة الماضية بمجرد أن شعرنا بأننا تخلصنا من حالة الكبت التي كانت تكبلنا في الماضي وعلينا كذلك أن نقوم بنقد ذاتي لأنفسنا كإعلاميين رياضيين إذ نعترف أننا ساهمنا بدورنا في حالة التردي التي عرفها المشهد الرياضي ببلادنا وينبغي كذلك الحدّ قدر الامكان من ظاهرة الدخلاء على هذا الميدان والتخلص فورا من ظاهرة الجهويات التي مازالت تغذيها الى حدّ اليوم بعض وسائل الاعلام ونطالب بإعلام مستقل إذ لا أعترف شخصيا بأي نوع من أنواع الوصاية المسلطة على الاعلام الرياضي، إذ لا مجال مثلا لوجود هيكل مشرف عليه لأن الاعلام يشكل بمفرده سلطة مستقلة لذلك أعتقد أن الاعلام الرياضي سيكون الميدان الأكثر قدرة على الاستفادة من المتغييرات التي شهدتها بلادنا في الآونة الأخيرة بحكم أنه الميدان الذي يتمتع بالهامش الأكبر من الحريات». حمّاني كمال زعيّم (لوكيتيديان): لا للوصاية.. والإعلام حرّ أو لا يكون «بفضل هذه الثورة التاريخية المجيدة تتوفر اليوم للإعلام الرياضي فرصة للقطع مع ما كان يتعامل به في السنوات الأخيرة التي كرّست إعلاما متذبذبا سيطرت عليه الوصاية وإخفات الأصوات الصادقة والحرة الى جانب فتح المجال أمام الطفيليين الذين توفرت لديهم فرص خدمة مصالح الأشخاص ومصالحهم الخاصة. اليوم بفضل أجواء حرية التعبير، وبعيدا عن الفوضى الحالية التي ستمرّ حتما، فإننا نطمح الى إعلام حرّ مستقل ومسؤول. إن قطاع الرياضة يحتل حيزا مهما من مشاغل الناس والدولة وعلينا فرض إعلام يخوّل للصحفي الرياضي العمل بكل استقلالية ومسؤولية مع التصدي لكل أشكال الوصاية والضغوط. تنتظرنا اليوم مرحلة مهمة وغير هينة، صحيح أننا ننعم بنسيم حرية الرأي، لكن حذار من الفوضى والتجاوزات حتى نرقى بالقطاع الى المستوى المأمول». رجاء السعداني: «الثورة» لا بدّ أن تمتد إلى الاعلام لكن في اطار القانون «الثورة التي تعيشها البلاد في مختلف المجالات، يجب أن تشمل المجال الاعلامي عامة والاعلام الرياضي خاصة وهنا ستكون مسؤوليتنا كبيرة جدا نظرا إلى أن الآمال المعلقة على الاعلام الآن أصبحت كذلك كبيرة. دورنا في المرحلة المقبلة يجب أن يشمل بالأساس تقديم الخبر المقدس دون ضغوطات أو صنصرة والاستفادة من التحرّر من الرقابة التي كانت موجودة مع الاحتفاظ بحق التعليق الحرّ، لكن دون المساس بالأشخاص، فتركز فقط على نقد طريقة العمل والسعي الى كشف الحقائق بكل موضوعية. الآن انتهى زمن المحسوبية في المعاملات وتحرّرت الأقلام والألسن، وهذا يفرض أيضا تغييرا في طريقة تعامل الوسائل الاعلامية مع الحدث وفي طريقة تعامل الهياكل الرياضية مع الاعلام ولكن يحصل كل ذلك بشكل تدريجي حتى يتخلص الصحفي من هاجس الرقابة الذاتية». محمد الهمامي عبد المجيد مصلح (رئيس قسم الرياضة ب«الأنوار»): كشف الحقائق بعيدا عن الابتزاز وتصفية الحسابات «المطلوب من الاعلام أن يكون في طليعة المندّدين بالمخالفات ويأتي شكل من أشكال استغلال النفوذ أو التزوير أو ضرب الرياضة في الصميم. المسألة تتجاوز دموع التماسيح أو خدمة المصالح الشخصية أو الانتماءات بالغمز من قناة «الآخر» وبعيدا عن تعليق الشماعة على أطراف بعينها في حين أن المخالفات التي حدثت وتحدث تورطت فيها أطراف عديدة. الاعلام يجب أن يكون لكشف الحقائق بكل شجاعة ومسؤولية ونزاهة وهذا ما نحتاجه فقط في المرحلة الراهنة الجديدة». الجمهور: نريد إعلاما نزيها لا مكان فيه للجهويات مع انبلاج فجر الثورة، كثر الحديث عن التغييرات التي يجب أن تحصل في العهد ليس أقلها ما يتعلق بالاعلام الرياضي الذي يتفق العديد من الناس على أنه لم يكن في مستوى التطلعات والآمال. «الشروق» نزلت إلى الشارع لرصد انطباعات الجمهور حول اقتراحات للنهوض به. المولدي العرفاوي : «اعلامنا لم يكن في المستوى المطلوب حيث طغت عليه المحاباة والمدح خدمة لمصالح ذاتية والآن وقد اندلعت الثورة المباركة فإنه يتعين علينا تغيير الخطاب الاعلامي وذلك بالاقلاع عما من شأنه أن يزرع بذور التفرقة والكراهية بين أبناء البلد الواحد وفي الرياضة أشير إلى ضرورة نبذ الجهوية والحزازات في صفوف الأنصار وهي ممارسات رسخها سليم شيبوب». رمزي منجلي : «الاعلام الرياضي كان غائبا عن الساحة وطغت عليه العقلية الانتهازية ولم يقم بواجبه في الرفع من مستوى رياضتنا بل ساهم في تراجعها وإني أقترح تغيير الخطاب الإعلامي وذلك بمعاملة كل الأندية على قدم المساواة وتحسيس الجمهور لا إذكاء نار الفتنة والتفرقة مثلما كان يحدث». بلال الوافي : «لابد من إعادة النظر في دور الاعلام الرياضي وإني أقترح في هذا المجال أن يتم التطرق إلى أمهات المشاكل لا التعرض إلى المواضيع التافهة كما أقترح الاقلاع عن استعمال الكلمات التي لها دلالات تخريبية أو ما شابهها». توفيق الحيوني : «أهم ما يجب مراجعته هو ضرورة الفصل بين السياسة والرياضة وإني أرفض أن يكون الاعلام خاضعا إلى الاملاءات (impulsé) بل لابد من التحلي بالنزاهة بعيدا عن التزلف والمحاباة. كما أدعو الإعلام إلى الإقلاع عن عقلية تصفية الحسابات». عبد الرزاق دعيب : «أطالب بمزيد من الموضوعية في طرق المواضيع كما أدعو الصحافيين إلى العناية بالمسائل الجوهرية لا الأمور التافهة كالأكلة المفضلة للاعب أو نوع السيارة التي يحبذها». أيمن الكشباطي : «أدعو إلى الإقلاع عن ظاهرة الشخصنة والنقد الهدام الذي يضر أكثر مما ينفع. ولابد كذلك من إعادة النظر في اللغة المستعملة وذلك بالابتعاد عن الكلمات التي تدعو إلى التباغض والجهوية».