على اثر الثورة المباركة التي عرفتها البلاد ضد الدكتاتورية والظلم والفساد الشامل وبعد الترحم على الأرواح الزكية للشهداء، سجلنا بأسف وقلق كبيرين غياب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عن الساحة الوطنية على الرغم من جسامة الحدث. فالملاحظ أن عامة الناس لم يسجلوا أي تواجد للاتحاد خلال هذه المرحلة الانتقالية الحساسة والخطيرة والتي تستدعي الحضور والتعبئة وإنارة الرأي العام والمشاركة الفعالة في تحديد مصير البلاد وإعادة الاعتبار للدولة وللاتحاد في حد ذاته. إن هذا الغياب ناجم أساسا عن التصرفات الدكتاتورية التي سادت المنظمة خلال عشرات السنين وهيمنة الحزب الحاكم عليها وتهميش النقابيين الوطنيين من أصحاب المؤسسات الذين كانوا يصدعون بالحقيقة ولا ينخرطون في أعمال المناشدة والدعاية للرئيس المخلوع من خلال البرقيات التي يبعث بها المكتب التنفيذي غصبا عنهم ودون علمهم. كما نندد بالهرج الذي تم افتعاله والتخطيط له مسبقا أثناء اجتماع المجلس الوطني الذي انعقد في غرة فيفري 2011 حيث لم يتم استدعاء أغلب رؤساء الغرف الوطنية الذين يمثلون الأغلبية الساحقة حسب القانون الداخلي للاتحاد وتم السماح فيه لأطراف غير مسموح لها قانونا بحضور الاجتماع كرؤساء الغرف الجهوية وغيرهم من غير المنتمين لهياكل الاتحاد الذين سخرت لهم الحافلات والسيارات. فقد تمكنت تلك الأطراف بهرجها وصياحها، بعد تغييب أغلب رؤساء الغرف الوطنية، من إيقاف الاجتماع وهو ما كان يسعى إليه الراغبون في تهميش دور المنظمة والإبقاء على ما هي عليه حيث أن مشاغل المهنيين تبقى من آخر اهتمامات المهيمنين على مكتبها التنفيذي وهذا يتنافى أصلا مع الدور الموكل لها قانونا على معنى الفصل 243 من مجلة الشغل : «تنحصر مهمة النقابات المهنية في درس مصالح منخرطيها الاقتصادية والاجتماعية والدفاع عنها لا غير». وحرصا على استرجاع استقلالية الاتحاد ومصداقيته وإرجاع الثقة في الهياكل القاعدية الممثلة للوطنيين من أصحاب المؤسسات واستقطاب الطاقات التي تم إقصاؤها بأساليب قذرة، ندعو كافة أعضاء المجلس الوطني للاتحاد لعقد اجتماع في أقرب الآجال قصد تحرير الاتحاد وذلك بتبني ما يلي : 1/ سحب الثقة من المكتب التنفيذي وإحداث لجنة حكماء تتولى خلال المرحلة الانتقالية تصريف أعمال الاتحاد والتواصل مع محيطه إلى حين عقد المؤتمر. 2/ إحداث لجنة منتخبة تسهر على تنظيم ومتابعة عملية تجديد الهياكل وإعداد المؤتمر. 3/ احداث لجنة تتولى بصفة عاجلة مراجعة القانون الأساسي والقانون الداخلي ومنظومة التصرف الاداري والمالي داخل الاتحاد وكذلك الاشراف على التدقيق في وضعيته الادارية والمالية. كما نلفت نظر وسائل الاعلام الى ضرورة التحري من الأشخاص المشبوهين الذين يتكلمون باسم الهياكل المهنية وأصحاب المؤسسات والشعب والذين لا يمثلون إلا أنفسهم علما بأن البعض منهم غارق حتى النخاع في الفساد. أيضا، نلفت النظر الى خطورة المطالب المنادية بالانضمام الى لجنة تقصي الحقائق بخصوص أعمال الرشوة والفساد والصادرة عن أطراف وجب أن تكون محل مساءلة ومراقبة وتدقيق باعتبار أن في ذلك تضاربا في المصالح. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يعقل أن يشارك في أعمال تقصي الحقائق من صادق على حسابات المؤسسات العمومية والبنكية المتضرّرة من أعمال النهب والسلب ضرورة أن هذا الفعل يدخل تحت طائلة الفصل 271 من مجلة الشركات التجارية. كما نضع على ذمة منظمات المجتمع المدني وهياكل الدولة ولجان التحقيق خبرتنا في مقاومة الرشوة والفساد وتبييض الأموال والتهرب الجبائي المحلي والدولي علما بأن الموارد التي تخسرها الخزينة العامة من جراء ذلك نقدرها سنويا بعشرات آلاف المليارات وهي مبالغ بامكانها القضاء على الفقر والبطالة ببلادنا. إنّ أعضاء الغرفة يعلمون الرأي العام أنهم لم ينتفعوا بمليم واحد من عشرات المليارات المحولة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (5 مليارات سنويا على الأقل) ويطالبون بفتح تحقيق بخصوص هذه المسألة وهم في حلّ من تصرفات المكتب التنفيذي السابقة والحالية. كما أن التعميم الذي لجأت إليه بعض الأطراف من خلال وسائل الاعلام شوّه صورة الوطنيين من أصحاب المؤسسات الذين تضرّرت مصالحهم من جراء تحويل المنظمة الى بوق للرئيس المخلوع وهذا يتنافى مع الموضوعية التي تقتضي الالمام بما تقوم به الهياكل القاعدية وبموقفها. أخيرا، يبقى رد الاعتبار لمنظمة الأعراف التي تم تهميشها طيلة 22 عاما على الأقل ضرورة ملحة لا ينكرها إلا من آثروا التمسك بالكراسي وبالمصالح الشخصية الضيقة على حساب المصلحة العامة. عاشت تونس حرة مستقلة وعاش الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حرا مستقلا شفافا وفاعلا في مسيرة بناء دولة القانون والمؤسسات. الأسعد الذوادي