استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تم إهدار المال العام من خلال البرنامج الوطني للتأهيل ؟

على الرغم من أهميته الإستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني و آلاف ملايين الدينارات التي أنفقت عليه منذ انطلاقه سنة 1995 لم يكن البرنامج الوطني للتأهيل موضوع قانون إطاري. الأغرب من ذلك كله أن مفهوم التأهيل لم يتم ضبطه إلى حد الآن صلب النصوص التشريعية و الترتيبية ليسبح بذلك الكل في الصحراء. فالفصل 37 من قانون المالية لسنة 1995 الذي هو فصل يتيم يتعلق بإحداث صندوق النهوض بالقدرة التنافسية الصناعية لم يتطرق إلى هذا المفهوم و لم يضبط إلا مهام الصندوق. هذا و قد ظهرت كلمة تأهيل لأول مرة صلب الفصل 15 من الأمر عدد 917 لسنة 1995 متعلق بضبط مشمولات وزارة الصناعة. كما ظهرت مرة ثانية صلب الأمر عدد 2495 لسنة 1995 متعلق بضبط قواعد تنظيم و تسيير و كيفية تدخل صندوق تنمية القدرة التنافسية الصناعية.
فالدارس لتلك النصوص التي لم تول أية أهمية لمفهوم التأهيل يمكنه أن يخلص إلى أن التأهيل تم اختزاله في الحصول على المنح المالية طالما ان التأهيل لم يتم ضبطه بالنظر لمعايير التطور المتفق عليها داخل البلاد المتطورة.
انطلق برنامج التأهيل خلال سنة 1995 ليشمل بصفة أساسية المؤسسات الصناعية و بصفة ثانوية مؤسسات الخدمات المتصلة بالصناعة. الغريب في الأمر ان تلك الخدمات لم يتم ضبط قائمة فيها في إطار نص ترتيبي خاصة في ظل غياب تصنيفة وطنية للمهن. و باعتبار ان اغلب مهن الخدمات مهمشة و غير منظمة أو تحكمها نصوص متخلفة حيث انها لا تحتاج في مرحلة أولى الا إلى نصوص تشريعية متطورة تنظمها و تحميها من الدخلاء و السماسرة و الفوضى المنظمة فقد تم ضمنيا استثناؤها من برنامج التأهيل الذي اهتم بمسالة إسناد المنح المالية و لم يهتم بمسالة تنظيم مهن الخدمات المتصلة بالصناعة بالنظر للمعايير الدولية المتفق عليها في المجال و للتوصية الاوروبية المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 متعلقة بالخدمات التي تبقى تونس ملزمة بملاءمة تشريعها المهني مع مقتضياتها تطبيقا لالتزاماتها في اطار سياسة الجوار الاوروبية. فحتى الاجتماعات الماراطونية التي عقدت منذ سنة 1998 داخل وزارة الصناعة و قدم خلالها ممثلو مهن الخدمات مقترحات جادة تتعلق بكيفية تاهيل مهنهم لم يتمخض عنها أي شيء يذكر سوى إهدار الوقت و المجهودات دون الحديث عن الموارد المالية التي أنفقت آنذاك على عدد من الدراسات التي بقيت حبرا على ورق فضلا عن انها غير لازمة و فاقدة لأدنى الشروط العلمية باعتبار ان المكاتب الأجنبية التي أنجزتها غير متخصصة في مجال القانون المهني و غير ملمة بتجارب البلدان المتطورة. فلو تم الأخذ بالنظام المهني الكندي الذي هو سهل التطبيق لأعفيت الخزينة العامة من تلك المصاريف غير المجدية و لضاهت مهننا في تطورها مثيلاتها داخل البلاد المتطورة.
كيف تمكنا من تأهيل قطاع الصناعة بالاعتماد على مهن خدمات متخلفة و غير منظمة بقوانين و غير مؤهلة بالنظر للمعايير الدولية حيث ان فاقد الشيء لا يعطيه.
كلمة تاهيل ظهرت اخيرا دون تحديد لمفهومه بشكل علمي صلب الامر عدد 417 لسنة 2009 متعلق باحداث المجلس الوطني للخدمات و بضبط مشمولاته و طرق تسييره و بإحداث وحدة تصرف حسب الأهداف لتامين كتابته و انجاز برنامج تاهيل الخدمات علما بان هذا الأمر ألغى جميع أحكام الأمر عدد 1826 لسنة 2006 المؤرخ في 26 جوان 2006 متعلق باحداث مجلس وطني للخدمات و بضبط مشمولاته و طرق تسييره.
هذا الالغاء جاء حسب راينا نتيجة عدم قيام المجلس بمهامه منذ احداثه سنة 2006 و المتمثلة انذاك في إبداء الرأي في المواضيع ذات الطابع الهيكلي و الظرفي المعروضة عليه و رصد واقع قطاع الخدمات و استشراف التطورات داخليا و خارجيا و إقتراح الإصلاحات و الإجراءات الكفيلة بتطوير أداء قطاع الخدمات بمختلف فروعه بما يضمن مواكبة المتغيرات الاقتصادية و الاستجابة للمعايير العالمية المتفق عليها في كل مهنة و المساهمة و المساهمة في إعداد توجهات السياسة الوطنية في مجال تحرير و تصدير الخدمات و المساهمة في إرساء شبكة معطيات شاملة و دقيقة يتم إستغلالها في إعداد تقارير إحصائية حول أنشطة قطاع الخدمات و تنسيق برامج مختلف الهياكل الساهرة على القطاع.
كيف يمكن للمجلس أن يقوم بدوره إذا كان البعض من أعضائه واقفين في وجه تأهيل المهن المكلفين بمتابعتها و تخليصها من التهميش المتعمد و خير مثال في ذلك ما تتعرض له مهنة المستشار الجبائي منذ عشرات السنين و من ورائها الالاف من حاملي شهادة الاستاذية و الماجستير في الجباية من العاطلين عن العمل الذين لا يمكنهم الانتصاب لحسابهم الخاص في ظل اطلاق العنان للمتلبسين و السماسرة الذين ينشطون دون رادع على مرأى و مسمع من الجميع.
فبخصوص مسالة التحرير، رفض المجلس الوطني للخدمات ضمنيا النظر في عدد من العرائض المقدمة من قبل الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين تتعلق اساسا بالتحرير العشوائي و الوحشي لاغلب مهن الخدمات المعنية بالتفاوض في اطار الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات و اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي نتيجة الاخطاء الفادحة التي تضمنها الامر عدد 492 لسنة 1994 الضابط لقائمة الانشطة المنتفعة بالامتيازات الجبائية حيث تحول الى وسيلة ناجعة و فعالة في مادة استيراد البطالة في الوقت الذي اصدرت فيه اوروبا خلال شهر جوان 2008 توصية العودة لطرد المهاجرين و في الوقت الذي تحول فيه طرد الاجانب باروبا الى ورقة انتخابية. فبالاعتماد على العبارات الفضفاضة التي تضمنها هذا الامر الفاسد يتمكن اشباه المستثمرين خاصة من الأجانب برأس مال لا يتعدى 500 يورو من تكوين شركات تحت عنوان التدقيق الاقتصادي و الاجتماعي و القانوني و الإداري و مرافقة المؤسسات و الاستشارات و الدراسات و هي أنشطة لا تعرف ماهيتها و حدودها ليحصلوا على معرف جبائي في خرق للفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل و يرسموا بالسجل التجاري في خرق للفصل 3 من قانونه و يباشروا بعد ذلك دون رادع على مرأى و مسمع من الإدارة المهمومة على ما يبدو بتشغيل العاطلين عن العمل مهام المستشار الجبائي المهمشة مهنته أصلا و المحامي و المحاسب و الوكيل العقاري و المستشار المالي و وكيل العبور و المستشار الاجتماعي و وكيل الإشهار و غير ذلك من الأنشطة المعنية بالتحرير قبل التفاوض و تكريس مبدا المعاملة بالمثل على الأقل دون الحديث عن اعمال التحيل التي يقوم بها بعضهم مثلما يتضح ذلك من خلال البلاغات التي تصدرها من حين لاخر هيئة السوق المالية. الأغرب من ذلك ان الفقه الإداري اعتبر مهنة الاستشارة القانونية غير منظمة في خرق للفصل 2 من قانون المحاماة و الفصل الاول من قانون المستشارين الجبائيين ليمكن بذلك المكاتب الأجنبية العملاقة للمحاماة من الانتصاب ببلادنا و التلبس بلقبي المحامي و المستشار الجبائي دون الحديث عن الأطراف الفاسدة التي لا زالت مصرة على انكار هذه الظاهرة الخطيرة على عشرات الالاف من العاطلين عن العمل من خريجي كليات الحقوق معتبرة الاستشارة القانونية غير حكر على المحامي دون تحديد الأطراف الأخرى المؤهلة للقيام بها في ازدراء من كليات الحقوق و خريجيها و مستهلكي الخدمات القانونية. فالتدقيق القانوني الذي تصرح بمباشرته المكاتب الأجنبية للمحاماة ببلادنا يقتضي ان يراقب أعمال المحامي المتلبسون بلقبه دون ان تحرك هياكل المهنة ساكنا.
بالنسبة للتأهيل و تطوير التشريع المهني، رفض المجلس الوطني للخدمات ضمنيا التعهد بعديد العرائض الموجهة اليه بهذا الخصوص من قبل الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين على الرغم من جديتها حيث استندت الى القواعد المهنية المتفق عليها داخل الكونفدرالية الجبائية الاوروبية الضامة لأكثر من 180 ألف مستشار جبائي و التوصية الاوروبية الصادرة بتاريخ 12 ديسمبر 2006 متعلقة بالخدمات للمطالبة بوضع حد لحالة التهميش التي تعيشها المهنة بمقتضى القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين و كراس شروط خال من الشروط المتعارف عليها داخل اروبا على سبيل المثال لا الحصر و انتهاك التشريع المتعلق بها على الرغم من تخلفه.
فحتى بعد صدور أمر 2009 الذي عوض أمر 2006 لا زال المهنيون يتساءلون عن دورهم داخل المجلس الوطني للخدمات و عن الجدوى من حضور اجتماعات باهتة لم يتمخض عنها أي شيء يذكر الى حد الان باعتبار الدور الهامشي المسند لهم بالنظر لهيمنة الإدارة المطلقة على أعماله حيث يخيل للدارس و الملاحظ ان الامر يتعلق بتاهيل الادارة و ليس المهن المشرفة على تهميشها منذ عشرات السنين. الاغرب من ذلك ان اغلب المهن غير المنظمة غير ممثلة فضلا عن ان المهن القانونية غير ممثلة داخله في حين ان الوزارة المشرفة عليها ممثلة. اما اجتماعات المجلس على قلتها فلا يمكن الدعوة اليها الا من قبل الادارة. و على الرغم من ان امر 2009 احدث وحدة تصرف حسب الاهداف لانجاز برنامج تاهيل الخدمات الا انه اهمل مسائل جوهرية كتحديد مفهوم التاهيل و تركيبة المجلس التي يجب ان تكون متوازنة و اجراءات الانتفاع بخدماته و استقلاليته بالنظر للعراقيل الموضوعة من قبل بعض الجهات ضد تأهيل بعض المهن و دور المهنيين داخله و نشر تقرير سنوي بخصوص اعماله و اجراءات التظلم بالنسبة للمهن المحرومة من التاهيل مثلما هو الشان على سبيل المثال بالنسبة للمستشارين الجبائيين الذين أصبح بإمكانهم التقاضي لدى المحكمة الإدارية بعد احداث وحدة التصرف حسب الاهداف و المعايير الدولية المعتمدة في المجال خاصة انه حذفها من أمر 2006 و هذا يدعو للاستغراب.
فلقد قوبلت مطالب المهنيين الملحة، و من اهمها تنظيم المهن بنصوص قانونية متطورة و مراجعة كراريس الشروط الخالية من الشروط، باللامبالاة و اسند إليهم دور الحضور الصوري في اجتماعات باهتة لا يعرفون الغاية من عقدها طالما ان دار لقمان على حالها و وضعية المهن تزداد يوميا سوءا من جراء عدم التأهيل و الفوضى المستشرية في المجال و عدم تفعيل القوانين المهنية و الاقتصادية المتخلفة أصلا و المتعلقة بالمنافسة اللاشرعية و حماية المستهلك و الاشهار الكاذب. فالادارة لا زالت مصرة على ان المهنيين لا يمكنهم المطالبة بتطبيق مقتضيات قانون المنافسة و الاسعار بخصوص المغالطة حول العناصر الجوهرية للخدمة و الاشهار الكاذب و غيرها من الاعمال الماسة بنزاهة المعاملات الاقتصادية و في ذلك خرق للفصل الاول من نفس القانون فضلا عن ان ذلك يتنافى مع فقه القضاء الفرنسي ضرورة ان ذاك القانون منقول عن التشريع الفرنسي و قد زاد هذا الموقف في استفحال الفوضى و تخلف المهن المدعوة من قبل الادارة لاكتساح الاسواق الخارجية دون ان تستجيب تلك المهن المهمشة للشروط المطلوب ان تتوفر فيها من قبل البلدان الاوروبية على سبيل المثال حتى يتم الاعتراف بها. كما رفضت الادارة الى حد الان ايجاد سجل للمهن غير التجارية او تعويض السجل التجاري الذي بقيت اغلب احكام قانونه ميتة و غير مفعلة منذ سنة 1995 بسجل الانشطة الاقتصادية حيث لا يستساغ واقعا و قانونا و منطقا ان تسجل الذوات المعنوية التي تباشر انشطة غير تجارية و لا تسجل الذوات الطبيعية التي تباشر نفس الانشطة.
و يخرج علينا الفاسدون من حين لاخر لاعلامنا انهم سيشرعون في تاهيل 100 مؤسسة امعانا في اهدار المال العام و تطبيقا لمقاربة اختزال التأهيل في منح المساعدات المالية دون تحديد لمفهوم التاهيل متجاهلين بذلك المطالب الملحة لاصحاب المهن الذين يعتقدون ان تاهيل مهنهم مرتبط بالاطار القانوني المهني و التكوين و مراقبة الجودة و التاديب و معاقبة الدخلاء و حماية المستهلك و غير ذلك.
اما الدراسات المكلفة للمجموعة الوطنية و المنجزة بهذا الخصوص منذ سنة 1998 فإنها تفتقد لأدنى الشروط العلمية و المهنية حيث يتضح ان اخر دراسة منجزة خلال السداسية الثانية لسنة 2010 و التي ساهم في اعدادها "خبراء اروبيون" و قد اعطيت الاوامر لاستبعاد الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين منها، فضلا عن انها لم تشر الى التوصية الاوروبية المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 و المتعلقة بالخدمات و التي يعول عليها كثيرا أعضاء الاتحاد الاروبي دون الحديث عن ان تلك الدراسة طالبت بارجاء النظر في الاطار التشريعي لمهن الخدمات غير المنظمة رغم أهميتها او المحكومة بقوانين متخلفة و هذا يعد مخالفا لمهام المجلس الوطني للخدمات التي من ضمنها تطوير الاطار التشريعي المتعلق بالمهن على غرار ما هو معمول به داخل البلدان التي نرغب في فتح سوقنا لها و المفتوحة اصلا من خلال الثغرات القاتلة و المضرة التي تضمنها الأمر عدد 492 لسنة 1994 الذي نمى بصفة خطيرة ظاهرة استيراد البطالة على حساب المؤسسات التونسية دون مراعاة لمبدأ المعاملة بالمثل. الأغرب من ذلك ان تلك الدراسة أوصت بان بعض الهيئات المهنية المناشدة للرئيس المخلوع يمكن ان تلعب دورا في عملية تأهيل مهن الخدمات علما بان تلك الهيئات الغارقة حتى النخاع في الفساد لعبت دورا كبيرا بمعية بعض الأطراف الإدارية المتواطئة معها في الوقوف في وجه تاهيل مهنة المستشار الجبائي المحكومة بقانون 1960 المتخلف و في صياغة بعض النصوص القانونية على مقاسها.
فالبعض يطالب بإيجاد هيكل شبيه بديوان المهن بكندا و الاستئناس بتجربتها الرائدة في مجال تنظيم المهن من خلال إيجاد قانون إطاري شبيه بمجلة المهن بكندا أو كتابة دولة لمهن الخدمات صلب الوزارة الأولى مثلما هو الشأن داخل بعض البلدان الاوروبية مثل فرنسا لتنكب على مشاغلهم و تضع حدا لحالة التهميش المقيت الذي تعيشه المهن منذ عشرات السنين باعتبار أن المجلس الوطني للخدمات ولد مشلولا و لم ينتج شيئا يذكر منذ سنة 2006 حيث اتضح فعليا ان ما يقوم به جاء مجانبا لمطالب و مشاغل المهنيين و بالأخص الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين التي كانت أول من طالب بإحداثه و تم إقصاؤها من تركيبته الفولكلورية.
كما آن الاوان لتجميد برنامج التأهيل و فتح تحقيق عاجل بخصوص آلاف المليارات التي أنفقت عليه و القصص الغريبة و العجيبة التي تروى بخصوص استحواذ بعض رجال العمايل على الموارد المخصصة له و كذلك الأموال التي أنفقت على الدراسات الضحلة و الفاسدة المنجزة منذ عشرات السنين و التي هي اوهن من بيت العنكبوت.
أيضا يبقى من حق الشعب معرفة محتوى كل التحقيقات التي أجريت من قبل مختلف هياكل الرقابة منذ عشرات السنين و التي هي ثرية من حيث المعلومات كالتفقديات التابعة لمختلف الوزارات و الرقابة العامة للمالية و هيئات مراقبة الصفقات العمومية و دائرة المحاسبات المكلفة منذ إحداثها سنة 1968 بتقييم مردودية الامتيازات المالية و الجبائية علما بأنها لم تقم بهذا الدور إلى حد الآن و هذا يستدعي في حد ذاته تحقيقا عاجلا. كما أن تطهير تلك الهياكل و تفعيلها و تكريس استقلالها مثلما هو الشأن بأمريكا و كندا يبقى ضرورة أكثر من ملحة في الوقت الراهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.