يبدو أنّ الجيش المصري تجاوز حالة الحياد التي كان يلتزم بها طيلة أيام الاحتجاج السابقة وبدأ في تضييق الخناق على المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير بالقاهرة وسط أنباء عن سعي بعض أفراده إلى منع وصول الأكل والشراب للمحتجين. واندفع المتظاهرون لوقف تحركات قوى الجيش وآلياته العسكرية الهادفة إلى تقليل مساحة اعتصام المحتجين. مغادرة الميدان وأفادت جهات مطلعة أن الجيش يريد إقناع المحتجين بمغادرة «ميدان التحرير» والمناطق المحاذية له باعتبارها منطقة مرور رئيسية في القاهرة. وأكد شهود عيان أن الجيش أطلق أعيرة نارية في الهواء عقب احتشاد المحتجين حول مركباته المرابطة قرب المتحف المصري لمنع تحركاتها. كما استلقى البعض الآخر في طريق الدبابات والعربات المصفحة لمنع الجنود من التقدم، فيما كون آخرون سلسلة بشرية لمنع إحدى الدبابات من الحركة. وعلقت صحفية مصرية معتصمة في «الميدان» على هذه المستجدات بالقول : «بعد فشل الأمن في اقتحام ميدان التحرير بدأ النظام يستخدم أسلحة جديدة لتضييق مساحة الميدان بدخول الدبابات إليه وبالتالي تقليل عدد المتظاهرين وإدخال بعض العناصر المشبوهة لإثارة البلبلة والتشويش الفكري في صفوف المعتصمين». ومن جهته، اعتبر أحد ضباط الجيش المصري أنّ هناك قدرا كبيرا من التشكك والريبة من ناحية المحتجين تجاه الجيش. وأضاف : «لا نريدهم أن يناموا في الطريق، وقد وضع الجنود أسلاكا شائكة لمنعهم من النوم على قارعة الطريق». احتجاجات مستمرة وطوى المعتصمون في كامل أنحاء مصر، يومهم الرابع عشر من الاحتجاجات المستمرة متعهدين بمواصلة حركتهم الاحتجاجية حتى إسقاط حسني مبارك ونظامه الحاكم. وبثت محطات تلفزيونية صورا تظهر حركة مرور عادية صباح أمس حول ميدان التحرير رغم وجود عدّة دبابات تابعة للجيش متناثرة في بعض الشوارع. وجابت مظاهرات محافظات المنصورة والسويس ومدن المحلة الكبرى والزقازيق وطنطا وبني سويف وأسيوط ودمنهور والعريش، داعية مبارك إلى التنحي من سدّة الحكم. وشهدت مدينة المنصورة اشتباكات عنيفة بين مجموعة من «البلطجية» وفق التسمية المصرية للمجرمين والمتظاهرين في مدينة المنصورة استخدمت فيها «المجموعات الخارجة عن القانون» قنابل «المولوتوف» والأسلحة البيضاء مما أدّى إلى إصابة 30 محتجا على الأقلّ. وبالتزامن مع هذه التحركات، أكدت جهات مطلعة عدم حصول أي اختراق ملموس أو تقدم حقيقي في الحوار الذي تجريه الحكومة المصرية مع قوى المعارضة. وقالت الحكومة إنها ستمضي قدما نحو الإفراج عن النشطاء المعتقلين وضمان حرية الصحافة وإلغاء قانون الطوارئ وتشكيل لجنة لدراسة التعديلات الدستورية. وفي المقابل، اعتبرت قوى المعارضة أن النظام لم يستجب بالكامل لمطالب التغيير الكامل. وأكد عبد المنعم أبو الفتوح العضو البارز في جماعة «الإخوان المسلمين» أن بيان الحكومة قدّم نوايا حسنة لكنه لم يتضمن أية تغييرات حقيقية. ويرفض ممثلو المعارضة أية حلول وسط تتضمن تسليم مبارك السلطة لسليمان على أن يكمل ولايته الرئاسية التي تنتهي في سبتمبر 2011.