عاجل في تونس: تخصيص ألف مسكن لمنظومة ''الكراء المملّك'' في 2026    عاجل/ زبيّر بيّة يستقيل من رئاسة النجم الساحلي    تنشط بين ليبيا وتونس.. تفكيك شبكة إجرامية دولية في مجال ترويج المخدرات    قبلي: حجز واتلاف كمية من الاعلاف الحيوانية وتنظيف خزانات ومحطات تحلية المياه    وزير الإقتصاد يلتقي بعدد من مستشاري مجلس إدارة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية    أحدهم كان في طريقه للجزائر.. القبض على اثنين من عصابة متحف اللوفر    خطير: نصف الأرصفة في العاصمة "مُحتلّة"!!    عاجل : النادي الإفريقي يعلن عن تعليق فوري لعضوية محمد الشافعي بسبب بهذه التجاوزات    نابل: توقعات أولية بإنتاج القوارص في حدود 270 ألف طن ودعوة لاتخاذ إجراءات لتيسير عملية ترويج المنتوج    بالفيديو: مروى العقربي تُعلن ارتباطها رسميّا    ملقتى المبدعين التونسيين في المجالات التكنولوجية والرقمية يوم 29 اكتوبر الجاري بمدينة الثقافة    سليانة: تلقيح أكثر من 50 ألف رأس من الأبقار ضد الحمى القلاعية والجلد العقدي    كأس الكاف: قائمة الفرق المتأهلة إلى دور المجموعات    المعهد العالي للبيوتكنولوجيا بباجة أول مؤسسة تعليم عالي في تونس تتحصل على الاشهاد الاول وطنيا في نظام ادارة البيئية    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    عاجل/ الإطاحة بمروّع النساء في جبل الجلود    البطولة العربية للأندية النسائية لكرة اليد: 4 أندية تونسية في الموعد    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    رسالة من صاحبة "أكبر شفاه في العالم"    زواج إليسا ووائل كفوري: إشاعة أم حقيقة؟    البطولة العربية للأندية النسائية للكرة الطائرة: برنامج مباريات اليوم    شوفوا أحوال الطقس : تقلبات جوية بداية من ليلة الخميس    عاجل/ البرلمان يحدّد موعدا لعقد جلسة استماع لوزيرة المالية    السودان: الأمم المتحدة تطالب بممر آمن للمدنيين في الفاشر    فيروس ''ألفا'' ينتشر في تونس: أعراض تشبه ل''القريب'' وماتنفعش معاه المضادات الحيوية!    برنامج "The Voice" يعود من جديد.. ومفاجأة في تشكيلة لجنة التحكيم    صحة التوانسة في خطر: حجز عُلب طماطم ''منفوخة''    جندوبة: يوم جهوي تحسيسي للتوعية بمخاطر المخدرات بالوسط المدرسي    خبراء يحذرون: هذه الأطعمة يجب ألّا تُحفظ في باب الثلاجة    تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأمريكية وسقوطهما في بحر الصين    كيف سيكون طقس الاثنين 27 أكتوبر؟    اليوم: قضيّة التآمر 1 أمام الاستئناف    خبير أمني: سرقة المتحف الباريسي تكشف هشاشة المنظومة الأمنية الفرنسية وتواطؤاً داخلياً محتملاً    هيئة أسطول الصمود تكشف عن مصير تبرّعات التونسيين.. #خبر_عاجل    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الدفعتين الأخيرتين للجولة الحادية عشرة    سلسلة فيفا لدعم كرة القدم النسائية - المنتخب التونسي يحقق فوزا عريضا على نظيره الليبي 16-صفر    عاجل: بطولة العالم للتايكوندو بالصين: البطل فراس القطوسي يترشح إلى الدور الثمن النهائي    هجمات بمسيّرات تستهدف العاصمة الروسية.. وإغلاق مطارين    ابتداء من اليوم: الصيدليات الخاصة توقف العمل بصيغة "الطرف الدافع" للأمراض العادية    ترامب يغادر ماليزيا إلى اليابان بعد مراسم وداع مميزة في مطار كوالالمبور    تضم 8 مكاتب تنشط داخل مطار تونس قرطاج .. القصة الكاملة للتجاوزات في كراء السيارات    حجز أكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للإستهلاك..    دعوة لتوجيه الدعم الى زيت الزيتون    عاجل: اتحاد الناشرين يعلق مشاركتو في المعرض الوطني للكتاب    عائلته أكدت تقديم دواء خاطئ له.. وفاة الطفل زيد العياري    يوم 1 ديسمبر آخر أجل للترشح لجائزة نجيب محفوظ للرواية 2026    تحذير: اكتشاف مادة خطيرة في مكونات Bubble Tea    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المهمّشون» والثورة
نشر في الشروق يوم 14 - 02 - 2011

ككلّ ثورة لا بدّ أن يشهد المجتمع بعض الاضطرابات والاحتجاجات والبعض ممّا قد يُنعتُ بأنّه «فوضى»، ما تشهدهُ أنهج وساحات العاصمة وغيرها من المدن من مظاهر للانتصاب الفوضوي واحتلال بعض الأراضي أو أملاك الدولة أو افتكاك وتخريب بعض ممتلكات الخواص أو المجموعة الوطنيّة لا يُمكن أن يخرج عن دائرة مخلّفات «الثورة» واستتباعاتها.
من حقّ هؤلاء أن يتكلّموا وأن يُعبّروا بطريقتهم عن مشاغلهم ومشاكلهم، من حقّهم أن يلفتوا إليهم الأنظار وأن يغتنموا مناخ الثورة للحصول على البعض من حقوقهم وهي حقوق بسيطة للغاية لا تتعدّى أبسط ظروف الحياة البشريّة الكريمة والهانئة.
من الطبيعي أن يُلام وأن يُنتقد موظفون وعملة مرسّمون على الاحتجاج والاعتصام خلال هذه المرحلة من عمر البلاد بما فيها من دقّة وعلى الرغم من شرعيّة ما يرفعونه من مطالب مهنيّة ومعيشيّة، بل قد يُعتبر سلوك أمثال هؤلاء انتهازيّة وغوغائيّة وتصفية للحسابات والتلكّؤ عن خدمة أهداف الثورة وغايتها النبيلة في مجتمع عادل حر لا ظلم فيه ولا فساد.
لكن، من نظر إلى العدد الأكبر من المنتفضين هذه الأيّام في عدد من الأنهج والساحات على أنّهم «فوضويّون» ومستهترون بالأمن أو النظام أو مظهر التمدّن، فقد يكون جانب الصواب بل وقد أخطأ في التقدير.
تحدّث الجميع قبل 14 جانفي وبعدها، عن الظلم والقهر السياسيين عن انعدام حريّة التعبير والتنظّم، عن مظاهر الفساد المالي والإداري، وعن غيرها من الملفات والقضايا، وتحّدثنا حتّى عن المستقبل وآفاق الإصلاح والمواعيد الانتخابيّة المقبلة وتلقت البلاد تطمينات من المجتمع الدولي عن دعم غير مشروط وعن مُساندة لانجاح المسيرة نحو وأد إرث الماضي، ولكن لم يستمع أحد لفئة واسعة من المجتمع، وهي منغرسة في كلّ المجتمعات وفي كلّ الدول حتّى المتقدّمة منها، إنّها فئة المهمّشين الّذين يحيون بقدرة قادر على فتات قد يأتيهم يوما وينحبسُ عنهم أسابيع طويلة، هؤلاء الّذين حرموا من أبسط حقوق الحياة لم يعرفوا مقاعد الدراسة لم يقرأوا كتابا لم يشعروا يوما بأنّهم مُنتمون لهذا المجتمع أو ذاك، انحدرت بهم ظروف الحياة الصعبة إلى الهامش إلى قاع الدنيا يلتحفون السماء ويفترشون الأرصفة وساحات الحدائق ودهاليز المباني وسطوحها وأركان المدن، لا مطمح لهم غير سدّ الرمق وتوفير قوت يومهم ولعيالهم لمن أسعفُ الحظ ووجد من تُقاسمه عذابات الدّهر وقسواته.
حتّى عملة النظافة، هم من قطاع المهمّشين في بلادنا، بقوا لعقود طويلة يخدمون الوطن بحماسهم فجرا ومساء وفي ليالي الشتاء الباردة، يجوبون الأنهج والطرقات يجمّعون الفضلات والزبالة، يقتطعون في كلّ يوم جزءا من أرواحهم وأنفاسهم وابدانهم لفائدة جماليّة الأنهج والشوارع ويسعون بكلّ طاقاتهم، حتّى تلك الّتي هزّها الارهاق وعلقت بها صنوف متعدّدة من الأدران والأمراض حتّى نتنشّق نحن الهواء العليل وننعم ببيئة سليمة ونقية من الأوساخ ومختلف مظاهر التلوّث.
تونس الخضراء، لم ولن تكون أكداسا للفضلات والزبالة، كما أنّها لن تكون بلاد الفوضى والتعدّي على النظام العام والأمن وراحة الآخرين، لكن أولئك المهمشين طرقهم في التعبير عن أوضاعهم بالطريقة التي يشاؤون والتي يرتاحون إليها بحسب ما لهم من خيال وطاقات .
من العيب أن يُدان أمثال هؤلاء وأن تسعى بعض الأطراف إلى التشويش على تحركاتهم وهضم حقّهم في التعبير، هم ليسوا من عليّة القوم، وليسوا من النخب ولا السياسيين ولا المثقفين ولا المتعلمين، هم شيء آخر غير هؤلاء جميعا، ليس لهم لا هياكل تمثيليّة ولا نقابات ولا من يُدافع عن حقّهم في أبسط ظروف الحياة الإنسانيّة الكريمة، وأصابع الإدانة لهم قد تزيد من تهميشهم ونقمتهم وتُضاعف ما فيهم من مشاعر النسيان والتجاهل والغبن المادي والاجتماعي.
لنستمع إلى هؤلاء، لنقترب منهم، لنحضنهم إلينا لنمحي ما بهم من وساوس وخلجات للضعف والوهن واحتقار النفس وغياب للعزيمة وانجرار للهزيمة وربّما حتّى الجريمة.
وهي مسؤوليّة كلّ الأطراف من حكومة وأحزاب ومنظمات وجمعيات وهيئات تنمويّة ومدنيّة، إنّهم جزء من هذا الوطن ومن حقّهم المشروع التعبير عن حياتهم قبل حتّى الحق في نيل الظروف الّتي يترجونها من وطنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.