كان من بين ما كشفت عنه الثورة الشعبية في مصر التي أطاحت يوم الجمعة الماضي بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك الحجم الحقيقي للقوى السياسية والحزبية الرسمية وغير الرسمية (التي كانت في موقع المعارضة) لنظام مبارك، وقد دخلت الحكومة الأمريكية في سباق مع الزمن لتنفيس الانتفاضة الشعبية قبل أن يشتد عودها وتتحول إلى ثورة شعبية شاملة- تؤدي فيما بعد إلى إلحاق الضرر مستقبلا بالنفوذ الأميركي في مصر والمنطقة- بدعوة نظام مبارك والمعارضة إلى فتح حوار يقدم النظام بموجبه بعض التنازلات (الإصلاحية) بما يمكنه من البقاء في السلطة، وكان من بين هذه القوى المعارضة جماعة «الإخوان المسلمون» التي قام نظام مبارك بشيطنة صورتها لدى الولاياتالمتحدة وهو ما أشارت إليه وثائق موقع «ويكيليكس». وقد وجدت الحكومة الأمريكية في الأسبوعين الأولين لثور25 جانفي ضالتها في تنفيذ سياستها تجاه الوضع في مصر في استمالة جماعة «الإخوان المسلمون» بعد أن تبين أنهم يحظون بنفوذ داخل الانتفاضة، إذ أن اللجنة القيادية التي أعلن فيما بعد عن تشكيلها لانتفاضة الشباب في ميدان التحرير تضم ممثلين عن شباب الإخوان المسلمين. فيما شارك ممثلون عن الجماعة في الحوار مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان ضمن بعض أطراف المعارضة المصرية وبعضهم من المحسوبين اساسا على النظام المصري. وقد بدات تصريحات الاستمالة بتصريح من الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم السادس من فيفري الجاري حين رفض في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأمريكية فوكس نيوز نظرية الاختيار بين الأخوان المسلمين والنظام القمعي، قائلا إن الأخوان لا يحظون بدعم الأغلبية المصرية. كما رفض أوباما التخوف من أن يؤدي فراغ السلطة في مصر إلى وصول متشددين إلى الحكم، وقال إن الأخوان المسلمين هم فئة في مصر، ولا يحظون بدعم الأغلبية ولكنهم منظمون جيداً، ولا شك أنه يوجد قلق من أن عقيدتهم ضد الولاياتالمتحدة، ولكنه شدد على أنه يجب أن نفهم أنه يوجد الكثير من الأشخاص المدنيين والكثير من المثقفين والمجتمع المدني في مصر الذين يريدون التقدم.