وقف الشعب على حقيقة ثابتة مدعومة بألف حجة اثبات أرقى وأصدق من حجج «دفتر خانة» على أن كل القطاعات وبدون استثناء لحقها الفساد وعاث فيها المفسدون فسادا. وبالتالي ما خلا موقع كبيرا كان أم صغيرا من المفسدين، إذن هم كثر وجحافل بالجملة وبدون تفصيل. عند هذه الحقيقة تعتصم جملة من الأسئلة في البال مطالبة بالجواب حالاّ.. حالا.. حالا. إذا ذهبت قلّة من هؤلاء المفسدين بدون رجعة فأين البقية؟ وهلا تكون قد اتخذت من ثورة الشباب سفينة نوح وركبتها في هذا الطوفان الشبابي العارم الذي أتى خصيصا لحرق الفساد والمفسدين من على هذه الأرض التي أصبحت قاحلة رغم أنها تنبت الورود والزعفران في الفصول الأربعة؟ أليس هم الراكبون اليوم على الثورة والثوار الأحرار؟ أليس هم من برّكوا تونس في برك المستنقعات الأخلاقية العفنة؟ وإذا كانت كلمة «زع» تسوق الابل كلها قادرة اليوم على أن توقف تونس من برك مستنقعات الاعتصامات؟ أليس هم المعتصمون بحبل الفساد؟ أليس هم من صلوا وهم على نجاسة الحرق والسلب والنهب صلاة الجنازة على الحرية وهي في المهد؟ أليس هم من كفنوا القانون وفتحوا مقابر الفوضى لدفنه وشرعوا الانفلات وقانون الغاب وأعلنوا امبراطورية الشارع وسنوا لها الفوضى دستورا؟ أليس هم من نصبوا أنفسهم أوصياء على الثورة وغيبوا أولياء الشهداء والجرحى وكأنهم ليسوا الأوصياء الشرعيين على الثورة؟ أليس هم من يحرقون اليوم خبزة الفقراء والمساكين في أفران الزعامات المزعومة التي تتخذ من الاعلام محماشا ومن آمال المحتاجين حطبا؟ أين هي المخابر؟ أين هم الباحثون من المختصين في الأوبئة؟ لماذا لم يعلنوها مدوية في هذا الفراغ المقيت ويصارحوا الشعب بأن العديد منا يحملون جرثومة انفلونزا الطرابلسية.. وفيروس بن علي؟ وهلا تكون الوقاية إلا بغسل الأيادي القذرة لا بأحجار التيمم ولا بالمساحيق الصابونية المستوردة ولا بصابون مرسيليا.. وإنما بصابوننا الأخضر الذي يتخذ خضرته من إخضرار تونس الخضراء؟ ولم لا يكون الغسيل «بالشايح» حتى تخفف من عبء المنشور على حبل الغسيل وحتى لا يبقى بيننا من يقرأ «ياسين» وفي يديه حجرة؟