لطالما قيل.. لطالما تردد القول وتكرّر.. وتكرار القول عند ابن خلدون يفيد الجزم.. إن «الشعب يحب اللعب» ولكن أي لعب من الألعاب يحبه الشعب، هل هو لعبة القط والفأر مع العيش اللعوب؟ أم اللعب مع القردة وهو يعرف نهاية اللعب مع القرد؟ أم اللعب مع من هو أكبر منهم. أم أن الأمر لا يتعدى أن يلعب الواحد على الآخر او على نفسه إن لم يجد من يلعب معه او يلعب به، أو يلعب عليه حيث وسع البال عند البطال وابن البطّال والزوالي وابن الزوالي وكل ذي ثقب في الحال والمخيال وفي جيب السروال يا ابن الحلال، أما وقد بدّلت العامة قولها من «الشعب يحب اللعب» الى قولها «لحْزاب تحت للْعاب» فتلك مسألة أخرى لا جديد فيها وألعاب ديمقراطية أخرى فيها اللعب المفتوح وفيها اللعب «المسكّر» وفيها الهجوم وفيها الدفاع وفيها «الدربي» وفيها «القسم على ربّي» وفيها ألعاب الخطابات والبيانات والتصريحات والندوات والاجتماعات.. واللقاءات والدعايات والحملات والانتخابات وهلمّ جرّا وكرّا وفرّا. وللأحزاب ألعاب قُواها فيها الفن النبيل، وفيها رمي الصحن وفيها المبارزة بالسيف وفيها القفز بالزانة وفيها القفز الطويل وفيها القفز العالي وفيها رمي الرمح وفيها المصارعة وفيها اللعب على كل وتر حساس. وللناس في ما يعشقون مذاهب. ويبقى السؤال معتصما في ذاكرة كل ذي عقل لم تلعب به الأوضاع والأحداث، من هم هؤلاء اللاعبون بعشائنا حتى وإن كان مجرد خبزة جافة؟ من هم هؤلاء الذين يلعبون بالنار، أمّا تسخينا للخبزة الباردة عند بعضهم ممن يلعبون بزيادة الماء للدقيقة. وإما ايهاما للجياع بأن لا خبز بدون نار. ألا تحسون بأن البلاد أصبحت «كوشة»؟ ألا ترون في كل شبر لها محماشا؟ وحطّابين يملأونها حطبا من كل جهة من الوسط واليسار واليمين.