من غيّب العاطلين عن العمل والفقراء والمعوزين عن الساحة ؟ ومن أطردهم منها وأقصاهم؟ أليس الناعموم «بالشهرية مسمار حيط في حيط»؟ أليس طلاب الزيادة في المنح والرّتب والرواتب والامتيازات والتسميات والمناصب؟ أليس من شبوا على «الخبرة الباردة» وشابوا عليها؟ أليس جلاس الكراسي الناعمة، وطلاب الجاه والراحة والاستجمام على نخب استفحال الفساد المسؤولياتي ونجاسة الواجب الوطني الأخلاقي؟ أين هم «البطالة»؟ أين هم الفقراء؟ أين هم المعوزون؟ أين هم المساكين في هذا الزخم من الاضرابات والاعتصامات الذي بات لا يخلو منه شبر في الوطن، وفي كل مكان توقفت فيه الحياة عن الحركة؟ سؤال غبي جدا جدا جدا. منذ متى كان للعاطلين عن العمل والفقراء والمعوزين والمساكين موضع قدم مع من هم مرضى بالتخمة أصحاب الأيادي الممدودة للأخذ وقرع البنادير في نوبات الدروايش وأصحاب الأفواه المفتوحة للزيادة والحناجر «المحلولة» دوما للبلع والصياح. لست أدري هل أصابني ضرب من الهوس؟ أم ضرب من الجنون؟ أم ضرب من العقلانية؟ أم هو هراء أم هو لب الواقع وعين الحقيقة؟ يخيل إليّ أن هؤلاء المعتمصين المطالبين بكل شيء حالا حالا حالا. يعتبرون أن تونس ماتت شهيدة مع الشهداء فهبّ كل منهم يطالب بإرثه منها؟ إذا كان ذلك فأنا معتصم وأطالب الشباب أبا الثورة برفض مساندة هؤلاء المتخلفين ذهنيا من الطرابلسية الجدد للثوة.