المشاكل المتراكمة والمتراصة وحتى المتلبدة التي وجدناها في مدينة المتلوي والواضحة أمام زائريها جعلتنا نتوغل في ثناياها مرة أخرى ونحن ندرك أن مجلدا كاملا لا يكفي لابراز مأساة مواطنيها وحتى القليل من معاناتهم والحال أن بلديتها احتفلت سنة 2008 بمائويتها أو بالأحرى تم حرمان متساكنيها من الاحتفال بهذه الذكرى إثر تأكد العجز الكبير على الاحتفاء والاحتفال بهذه المائوية بسبب الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه المدينة والحال أن هذا الجيل والذي سبقه وربما حتى القادم والقريب منه خاصة لن يستطيع الاحتفال بالمائوية الثانية لتتجلى حقيقة اللامبالاة تجاه هذه المدينة العريقة طيلة العهدين السابقين البائدين والتي يعتبر انتاج الفسفاط فيها غزيرا جدا.. جدا.. وهذا فضلا عن أن هذه المدينة التي يؤكد مواطنوها أن عدد متساكنيها يتجاوز المائة ألف على الرغم من الاحصائيات المغلوطة التي تشير إليها «السلطة» بغاية تقزيمها والتنكيل بها حتى لا تنال نصيبها من التنمية وتبقى بمثابة المقبرة المهجورة التي تتضح في مظاهر البؤس والفقر وفي البنية التحتية وفي العجز على التصدي لكل أشكال الحيف الاجتماعي والمعاناة وأيضا المحسوبية والفساد المالي والإداري. هذه المدينة التي ظل فيها المواطن ومهما كانت ظروفه مرفوع الرأس حرصنا فيها على ملاقاة عديد الأطراف من القوى الحية التي نعرفها نشيطة وندرك مدى غيرتها على «الموطن» غير أن تراكم المشاكل والمآسي التي استمعنا إليها من قبل الكثيرين الذين لمجرد التأكد من وصولنا إلى «المتلوي» هبّوا علينا بالمئات لطرح الأوضاع «العامة والشخصية» منها وهو ما فرض علينا عدم ملاقاة الكثيرين من تلك القوى الحية التي ندرك مستوياتها الراقية جدا.. وطرحها الموضوعي وتشخيصها للأوضاع بشكل علماني وعقلاني.. ومقابل ذلك فإن الأقلية الصغيرة جدا.. جدا من التي كانت تحتل مواقع السلطة في البلدية وفي بعض اللجان الأخرى والتي ظلت معروفة بالنعرات «العروشية» لتأمين مصالحها الشخصية فقط باسم «العرش» أو القبيلة التي تعتمدها كواجهة لمزيد الدفاع عن غاياتها الضيقة والحال أن الكل يعلم أن هذا «الفيروس» نخر النسيج الاجتماعي والسياسي في المتلوي وفي الحوض المنجمي ككل هذه الأقلية اتصلت بنا عبر أحدهم لتشير إلى أننا لمجرد ابراز هذه المشاكل فإننا نصعّد وبالتالي فإن البقاء لها حاضرا ومستقبلا أحبّ من أحب.. وكره من كره..؟!! هكذا؟!! دون الإدراك أن الثورة قد غيرت كل المفاهيم البالية وأنها ستمر على اليابس واليابس وستكنس أعداء الثورة وأفكارهم المهترئة. دار «البي دي جي» والأخطبوط؟ والمتأمل في حقيقة مدينة المتلوي يلاحظ أن عدم تطورها وبالأحرى تقلصها بشكل كبير جدا.. حيث البناءات المتناثرة التي قيل عبر الأراجيف والأكاذيب أن صندوق (26 26) سيغيرها والحال أنها مازالت مثل القبور في أكثر الأحياء وخاصة المنسية منها مقابل الاصلاحات المتجددة في كل سنة أو ربما الاضافات المرتفعة الثمن لقصر الرئيس المدير العام لشركة الفسفاط أو «دار البي دي جي» الذي ظل شاغرا منذ فترة لغاية تقزيم المتلوي وذلك نتيجة لرفض الرئيس المدير العام وعائلته الاستقرار بهذه المنطقة التي لا يتوفر فيها شيء لتكون إصلاحات قصره موردا للابتزاز والسرقة كما يروّج أبناء المتلوي ذلك خاصة أن إدارة الشركة تعتمد هذا القصر «دار ضيافة» في المناسبات القليلة وهو ما دفع بعديد المواطنين يروّجون منشور «الأخطبوط» أو الذي يحمل هذا الاسم خلال الأيام الأخيرة بعد أن تم ترويجه في انتفاضة 2008.. هذا «الاخطبوط» الذي في حوزتنا يتضمن كشفا مفصلا للتجاوزات وبالأسماء وب«الانجازات» التي تحققت للأشخاص على حساب المجموعة وعلى حساب شركة الفسفاط كما تضمن هذا المنشور أسماء رؤساء مديرين عامين ومديرين عامين وزبانيتهم والاتهم التي اعتمدوها والتي نصّبت بعض الذين لا يستحقون في مصالح وإدارات على حساب الكفاءات فضلا عن صفقات الشراءات وتنصيب حتى «الأئمة» في المساجد وغيرهم في البلديات وفي الهياكل واللجان التي لها ارتباطات وثيقة بالسلطة شأنها شأن صندوق إعادة التوجيه وتنمية المراكز المنجمية التي تهدف إلى تمويل المشاريع والمساعدة على بعث المشاريع في الحوض المنجمي ومعاضدة آليات الافراق والذي تجاوزت ميزانيته (12) مليارا في بعض السنوات الأخيرة دون أن يستفيد منه إلا بعض المقربين وخاصة في شركات المناولة والخاصة بالبيئة والحراسة ونقل الفسفاط مقابل تجاهل الآخرين وخاصة من الأغلبية فضلا عن الاهتمام بأطراف أخرى لا صلة لها بالحوض المنجمي. جمعية أصحاب الشهائد العليا وإن ينسى أبناء المتلوي فإنه لا يمكن نسيان المعطلين عن العمل الذين تجاوز عددهم الخمسة آلاف بما في ذلك الحاملين للشهائد العليا الذين كوّنوا جمعية أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل بالحوض المنجمي وعهدوا على أنفسهم من خلال بيانهم التأسيسي المؤرخ في 5 فيفري 2011 على العمل النزيه والمتسم بالشفافية والمصداقية بعيدا عن كل أشكال المحسوبية والاقصاء مؤكدين على تمثيلهم لأصحاب الشهائد العليا لدى المؤسسات والهياكل المعنية وتنظيم حلقات حوار وتحسيس وتأطير وتنظيم أصحاب الشهائد وتوثيق وتصنيف الملفات حسب الاختصاص وسنة التخرج والحالة الاجتماعية والدفاع عنهم مطالبين بإلغاء مناظرة «الكاباس» وبفتح باب الانتداب من قبل شركة الفسفاط أمام أبناء الحوض المنجمي وأيضا من قبل المؤسسات العمومية ومجانية التغطية الصحية لهم وإعادة النظر في منحة العمل التطوعي والعمل على ترسيخ وتجسيد الاستثمار الخاص بالحوض المنجمي وتسهيل الاجراءات لبعث المشاريع مع إلغاء التمويل الذاتي والضامن ومطالبة شركة الفسفاط بتبني وإحداث مشاريع تنموية بالحوض المنجمي ودفع ومساندة التنمية في مفهومها الشامل. مشاكل بالجملة.. ومشاريع وهمية؟؟!! «اللّي تمسّو.. تسمع حسّو» هذا ما يمكن التعليق عليه وذلك من خلال ما نسمعه من كل المواطنين الذين تراكمت مشاكلهم على كل الواجهات حيث لم تتم بعد وإثر تأسيس البلدية منذ (103) سنوات كاملة تسوية الوضعيات العقارية ككل في مدينة المتلوي حتى لا يتمتع أبناء هذه المنطقة بأبسط حق في هذا الشأن وبالتالي مزيد غلق الأبواب الموصودة في التنمية وفي الاقتصاد ككل وأيضا رداءة المياه «الصالحة» ومع ذلك للشراب الاضطراري.. والتي تتسبب إلى جانب التلوث البيئي في تعدد الأوبئة والأمراض وعدم الاهتمام بالبنية التحتية وتردي الوضع الصحي وتجاوزات مجالس التصرف التي عبثت بالأراضي والحوز والاسناد للمقربين للسلطة وإقصاء الآخرين فضلا عن تقليص عدد المنتدبين في مشروع البيئة الذين لا يتجاوز عددهم (250) في حين كان يمكن أن يكون العدد أضعاف ذلك بأربع مرات لولا تلاعب بعض المتنفذين بهذا المشروع مع العلم أن الحوض المنجمي فيه مناطق مسيجة بجدار مهترئ ومع ذلك يؤكدون أنه منتزه على غرار بعض المشاريع الكاذبة الأخرى التي يقولون إنها بالمليارات فضلا عما تترجمه البلدية من إهمال لكل شيء رغم أن عمرها (103) سنة وهو ما يوحي أن الفساد ظل مسيطرا ومنتشرا بشكل مريب وأن «السلطة» العليا والجهوية لم تقدر مجهود الحوض المنجمي وأبنائه ولم تعر أي اهتمام لهذه المنطقة الثرية بفسفاطها السخي الذي كما قال أبناء المتلوي «خيرنا ماشي لغيرنا» كما أشار بعضهم أنهم ظلوا حطبا يوفّر الدفء والحياة الكريمة والرفاهية لعائلة الفساد والاستبداد وزبانيتهم من العابثين في الأراضي من الذين كانوا مسؤولين وبعض الذين يثيرون النعرات وكانوا وشاة للبوليس ولا يقتاتون إلا القليل مقابل قمع السواد الأعظم من المواطنين في الحوض المنجمي الذي يؤكد أنه على أتم الاستعداد لمضاعفة المجهود. ٭ وإلى حلقة جديدة تعقيب على توضيح وزارة الصناعة والتكنولوجيا حول تنمية الحوض المنجمي: التعجيل والتفعيل.. ولا للمزايدات والتهميش ٭ المتلوي «الشروق»: لمجرّد نشر توضيح وزارة الصناعة والتكنولوجيا حول تنمية الحوض المنجمي أثارت ثائرة الكثيرين من أبناء الحوض المنجمي الذين تابعنا احتجاجاتهم عن قرب في مدينة المتلوي خاصة لما كنا بصدد التحقيق وإجراء اللقاءات والحوارات معهم خاصة أن الوزارة أكدت في بداية توضيحها على المقالات الصادرة في الآونة الأخيرة والتي تعني بها تلك التي نشرتها «الشروق» على أعمدتها ومازالت في قلب الحوض المنجمي تواكب التطورات والتداعيات.. هذا التوضيح تضمنّن الكثير من «المشاريع» لفضّ الاشكال مقابل تأكيده على ما كانت ذهبت إليه «الشروق» في كل المناسبات حول واقع هذا الحوض المنجمي والذي أكده مواطنو هذه الجهة العريقة ومدى تفاعلهم مع نشر على أعمدة «الشروق» بشكل كبير خاصة حين تعترف هذه الوزارة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية المتردية وبالبطالة المتفشية كما عدّدت الوزارة محاورها الثمانية مشيرة إلى مقترحات «الشروق» كلها وتطلعات المعطلين عن العمل وغيرهم من المواطنين الذين بقدر ما انشرحوا لوجود «الشروق» في قلب الحدث وفي قلب الحوض المنجمي استاؤوا للتعتيم المسلط على قضية هذه الجهة وتهميشها عند محاولة تناولها شأنها شأن غياب الوزارة وعدم القدرة على التحول إلى عين المكان للوقوف على الحقيقة العارية من كل مساحيق إلا أن عبارة «المزايدة» أو التعجيز فإن المعطلين أوضحوا أن الوزارة مطالبة بسحب مثل هذه العبارات التي لا يمكن أن تثري الحوار من جهة ولا تنم إلا عن تهميش أي محاولة لذلك ولقضاياهم الجوهرية سيما وأن العقد الاجتماعي الذي أشارت إليه الوزارة تطالب به القوى الفاعلة في الحوض المنجمي كما يطالب به المعتصمون وغيرهم والذين كلهم يحرصون على التهدئة وعلى الانضباط وعلى الدعوة إلى التلاحم والتكامل خاصة أن هذه الثورة ليست ثورة «جياع» ولا ثورة مطلبية ولا ثورة تعجيز ولا تهميش ولا إقصاء أيضا لقضية الحوض المنجمي أو غيرها. وباقتضاب شديد فإن الحوض المنجمي ومن خلال تدخلات المعتصمين والمواطنين ككل ينتظرون تفعيل الاجراءات التي وإن تعطلت بعد اجتماع 16 جويلية 2009 الذي كان وهما فإن هؤلاء المواطنين يطالبون بالتعجيل والتفعيل دون ذرّ الرماد على العيون خاصة أنه والأهم هو تفعيل إعادة الثقة وتوفير الضمانات خاصة أن أبناء الحوض المنجمي وطنيون حدّ النخاع ومستعدون للعمل والاجتهاد وتوفير العطاء والبذل الغزيرين.