الآن وقد مر على الثورة شهران ويومان بالتمام والكمال وقد أدرك الجميع أن الواجب يفرض الانصهار في مبادئ هذه الثورة وما تعنيه من عمل جاد وشفافية جلية واعتماد أكيد للكفاءات وعدالة اجتماعية وحرية وتنمية وتشريك في القرارات وديمقراطية فعلية وذلك بعيدا عن كل أشكال الحيف والزيف والنزاعات الجهوية المتخلفة وأيضا عن الاشاعات والفتن لابد من حسن استثمار هذه الثورة واعلان بناء المستقبل وترسيخ آفاقه بما يتماشى وتطلعات المواطنين عامة وشريحة الشباب منهم خاصة باعتبار أن هذا الشباب هو نبراس المستقبل وعموده الفقري وبالتالي لابد من حمايته والمحافظة على مبادئ الثورة الخالدة دون اثارة لأي شكل من أشكال النعرات ولا استغلال لحماس هذا الشباب وتوهجاته. ما جرنا للحديث عن هذا الموضوع وعودتنا الى حادثة المتلوي هو تأكيد أكثر الذين هاتفونا من هذه المدينة وهم (أبناء موطني) وعشنا معهم الحلو والمر و«عفسنا» معهم على الجمر كما نبهنا الى غياب التنمية وانتشار البطالة معهم أيضا فضلا عن تأكيدنا جميعا بأن الماضي وان كان أفضل من الحاضر فإن المستقبل أيضا لابد أن يكون أفضل ومن المفروض تمهيد سبل الاشراق له بعد الحرمان واللامبالاة لهذه المدينة العريقة والمناضلة والشامخة... هؤلاء الذين هاتفونا أكدوا أن المعركة حصلت وأنها لم تكن بالشكل «العروشي» كما تم الترويج الى ذلك بقدر ما كانت خصومات بين مجموعة من الشبان وذلك بسبب المنشور الكاذب والفتنة التي استغلها بعضهم لمحاولة الترويج للتصدع والانشقاق وخاصة في ظل الاحباط الذي عاشه الشباب المعطل عن العمل والتهميش الذي برز واضحا خلال سنوات الظلم والفساد والاستبداد مضيفين أنهم ما كانوا يعتقدون أن تلك «المعركة» ستصل الى تلك الدرجة الذي لا تترجم بالمرة حقيقة مستوى النضج المعروف به «شباب مدينة المتلوي على مر السنين ولا أهاليها الذين تعايشوا مع مختلف شرائح المجتمعات بما في ذلك الاجنبية الشقيقة منها والصديقة على غرار الجزائرين والليبيين والمغاربة والسودانيين والايطاليين والمالطيين والبلغاريين والاسبانيين وغيرهم فضلا عن أن المتلوي انصهرت وعلى مر السنين في الحركة النقابية ولها تقاليدها الراسخة في ذلك وبالتالي فإن أي نزعة ضيقة جهوية كانت أو قبلية أو «عروشية» لا تليق بها كما الشأن في الحوض المنجمي ككل وفي البلاد عامة وهم يدركون أن مثل هذه النزعات لا تؤسس لمستقبل زاهر ولا يمكن أن ينخرط في منظومتها الا الفاشلون والمهمشون الذين يعجزون عن ابراز شخصياتهم الا تحت غطائها وفوق صهوتها... وهم قليلون. الوئام والحفاظ على مبادئ الثورة قد تتسرب بعض الأخطاء المطبعية كما يتسرب الفاشلون في جلسات الناضجين ليتغير المعنى كما تتعكر المضامين والمحتويات غير أن العقلاء الذين يبقى عددهم كبيرا والذين أعادوا الصفو الى المدينة والانسجام الى شباب المنطقة الذين فعلوا أو ردوا الفعل وهم من أبناء الحي الأول وأيضا الحي الثاني اللذين وللأسف كانت تركيبتهما عائلية موسعة نسبيا لابد لهم (أي العقلاء) من توسيع رقعتهم أكثر وترسيخ التشاور والتآزر والوئام حفاظا على مبادئ الثورة وآفاق مستقبل المدينة التي يبقى تأثيرها ماديا ومعنويا كبيرا على الوطن ككل وذلك سواء على المستوى الديمغرافي (السكاني). ومهما قزموه في عهدي الفساد والاستبداد باعتباره مهما جدا... وأيضا على المستوى العمالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي وأيضا الثقافي خاصة أن عدد المنتدبين من قبل شركة الفسفاط يعد مهما أيضا بعد نضالات الشباب واعتصامهم لمدة تجاوزت الاربعين يوما وبالتالي من المفروض الاعداد ومنذ الآن وفي شكل حضاري يتماشى وحجم نقاوة سريرة أبناء المتلوي وذلك لحسن التوزيع والتقسيم في حصص الانتدابات على أن يكون الاجدر الذي يستحق وخاصة الذي يعيش الوضع الاجتماعي المتدني أكثر والذي طالت بطالته وكبر في عمره فضلا عن الاختصاص وغير ذلك من الأسباب الموضوعية هو الأقرب الى التشغيل مهما كان الحي الذي ينتسب اليه قبل مواصلة النضال لفتح معمل الاسمنت والتوافق مع أبناء المناطق المجاورة المنجمية الأخرى التي تعيش نفس الظروف فضلا عن مطالبة مختلف الوزارات (ودون الاقتصار على شركة الفسفاط) بحق أبناء المتلوي في التشغيل وخاصة من أصحاب الشهائد العليا وفي اختصاصات اخرى ليكون تدخل وزارات الصحة والتجهيز والنقل والتربية والتعليم العالي وغيرها كبيرا حتى ينال أبناء عاصمة المناجم والحوض المنجمي ككل حظهم الفعلي في التشغيل بعد ان تناستهم سلطتا عهدي الفساد والاستبداد لسنوات طويلة جدا... البنك التنموي وآفاقه قد يكون البنك التنموي الذي ستبعثه شركة الفسفاط مهما جدا أيضا اذا تم حسن استغلاله لبعث المشاريع الصغرى والوسطى في المدينة وفي الحوض المنجمي ككل ولذلك لابد من التفكير في هذا المكسب واعداد الدراسات منذ الآن حتى يكون الراغبون في بعث المشاريع جاهزين لهذا الموعد الذي لا شك أنه وبقدر ما سيعزز آفاقهم فإنه سيساهم في التشغيل وفي التنمية الشاملة بالمتلوي والمناطق المنجمية الأخرى كما يجب ومنذ الآن حماية هذا البنك من التصرفات الفاسدة التي تجعل عنصر المجاملة والمساندة لأطراف أخرى لا صلة بالحوض المنجمي كما كان دور الصندوق الذي أسسته الشركة في فترات سابقة... لم لا يتم التفكير في الثالجة السياحية؟ لئن اشتهرت مدينة المتلوي سياحيا بقطار «الجرذون الأحمر (Le Lezard - Rouge) الذي ينطلق من محطة الارتال نحو منطقة الثالجة فإن المنطق يفرض التفكير في الجانب السياحي بمفهومه الشامل حتى لا يقتصر النشاط على هذا القطار الأحمر فقط خاصة أن السياح معجبون وأشد العجب بمنطقة الثالجة الجميلة وأيضا بالقطار وبالتالي لابد من التفكير في بداية بناء النزل وتشجيع المستثمرين على ذلك فضلا عن مغازات الصناعات التقليدية والفضاءات السياحية مثل المقاهي والمركبات الثقافية السياحية والمطاعم والمنتزهات سيما وأن منطقة الثالجة مؤهلة لذلك وأكثر وخاصة اذا تم انجاز البنية التحتية بما يمهد للاستثمار والتشجيع على ذلك ومن هنا تكون كل وزارة من فترة أو مرحلة ما بعد الثورة قد قامت بواجبها وردت الاعتبار لمدينة المتلوي الشامخة والمؤهلة لاحتضان أي مشروع ومهما كان نوعه سواء كان سياحيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو تعليميا أو غيره. رفض للفتن وتمسك بالكرامة والوطن قد تبدو أفكار أبناء المتلوي نيرة وكبيرة ومشاريعهم أكبر لو تجد التشجيع والمساندة والدعم وفي ذلك تأسيس للمرحلة الجديدة التي قد تقضي على القضاء التام على البطالة وعلى كل المظاهر والظواهر التي تبرز من حين الى آخر ولو بعد سنوات على غرار تلك الظاهرة التي راجت حولها الاشاعات وانتشرت بشكل كبير في ظل الفراغ والبطالة وأيضا الحرمان الذي نعرف جميعا أنه لا يمهد الا للغليان وسرعة انتشار الاراجيف والبهتان والحال أن أبناء المتلوي أرقى بكثير من كل ذلك حتى وان يبقى الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه... وحتى ان نجح هذا الشاذ في انسياق البعض خلال الفترة القصيرة الماضية فيما «شوه» أو بالاحرى «خدش» نضالات أبناء المتلوي الشامخة والذين يرفضون وبشدة وصفاء أي شكل من أشكال الخدش والتشويه طالما أنهم انقياء وأوفياء للمدينة وللوطن رافضين الفتن ومهما كان مصدرها...