أنا لا أعلم عنك شيئا سوى أنك وزير الداخلية الجديد بالحكومة الانتقالية... وتكنى ب«الراجحي»... ما ميزك في لقائك التلفزي الأول بالجمهور التونسي، ليلة الاربعاء 01/02/2011، على قناة «حنبعل»، روحك التونسية المرحة وعمقك المعرفي بمجال القانون مع سرعة البديهة للحسم قضائيا وتنفيذيا بضربة فأس هندي حين تشتبك المواقف وتتأجج المعارك... في خضم الثورة وإرهاصاتها الأولى، وضعك الاختيار داخل تنور نيرانه لا ترحم... وبابتسامة محنك ونظرة محلل واستنتاج عالم بالأمر، وقفت وكان وقوفك في مستوى الحدث... في ظلمة بناية من الاسمنت المسلح، ممتدة طولا في السماء وعمقا في الارض، في ظلمة بناية كتلك التي أدخلوك فيها، من بقادر على اقتلاع مسامير غليظة أوغلت في عمق المكان والزمان والانسان... وتركت لها أثرا ترتج له الأكوان... صدقت بنيتك الغالية حين قالت لك: «نظف... نظف... يا أبي...» وكانت نصيحتها من وهج ذكاء وفطنة الشباب وكنت بالنصيحة مهتديا... فنظفت، نظفت... وما هي الا البداية... اقتلعت من المسامير الصدئة المصددة ما اقتلعت وما زال الجهد منك مطلوبا... لمثل هذه المهمة، وجب رجال لهم من الشجاعة والجرأة ما لهم... ومن نبض قلب الشباب ما لهم.. ومن حب الارض المعطاء والشعب الأبي ما لا يقف شيء مهما عظم في طريقه... رجحت كفتك يا راجحي وستواصل الرجوح لصد كل مرتد ومشكك ورجعي... ان كانت الشعوب تتبع الزمان أو الدهر وأحداثه، فشعبك يا راجحي، أو بكلمة أشد حنية «أهلك»، يتبعهم الدهر ويسير وراءهم ويكتب تاريخهم في وصف عبر عنه الشاعر الفلسطيني «تميم البرغوثي» بقوله: ان سار أهلي فالدهر يتبع يشهد أحوالهم ويستمع يأخذ عنهم فن البقاء فقد زادوا عليه الكثير وابتعدوا وكلما هم أن يقول لهم بأنهم هزموا ما اقتنعوا