مسيرات بالجملة جابت يوم أمس الثلاثاء شوارع مدينة صفاقس تندد وتستهجن وتستنكر ممارسات القذافي مع شعب ليبيا الأبي.. المسيرات لا يمكن حصرها، نقابيون، شغالون وموظفون، طلبة، تلاميذ، محامون، إعلاميون، أطباء وغيرهم وقفوا كوقفة رجل واحد للتعبير عن مساندتهم المطلقة للأشقاء الليبيين الذين يتعرضون لحملة إبادة وتقتيل لم تشهدها من قبل دولنا العربية من أكثر الحكام دكتاتورية.. كلنا أخوة شعارات بالجملة تم رفعها في شوارع صفاقس بمضخمات صوت وبغيرها تنادي بتنحي القذافي وخلعه فورا من الحكم ومحاكمته كمجرم حرب بعد أن جند «ميليشياته» من مرتزقة محليين وأفارقة لإخماد الثورة الشعبية الشرعية.. صفاقس، انتفضت يوم أمس كرجل واحد للتعبير عن سخط أهالي ومتساكني عاصمة الجنوب التي تربط دائما موعدا مع التاريخ في مثل هذه الفترات الفاصلة في تاريخ الشعوب وتقف مع الدول العربية المضطهدة.. أن جاز لنا حصر عدد المنددين والمستنكرين يمكن القول إنهم قاربوا ال100 ألف مواطن خرجوا دون موعد مسبق وبتأطير بارز للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس للتعبير عن غضبهم واستنكارهم لممارسات القذافي مع شعب يطلب الحرية والديمقراطية لا غير.. شهادة يوم أمس، التقت «الشروق» بأحد الليبيين الفارين من قمع القذافي، المواطن رفض أن نلتقط له صورة خوفا من تبعات المقال، يقول بنبرة حزينة ما عشناه في اليومين الأخيرين لا يمكن تصديقه، فعلاوة على انقطاع الهواتف والنور الكهربائي في أكثر من حي، وفضلا عن عدم توفر الأدوية والغذاء والحليب للأطفال الصغار والعجز الكبار، نتعرض إلى حملة تقتيل بل حملة إبادة واضحة.. ويضيف محدثنا الذي فر في حدود الساعة الثالثة من فجر يوم أمس من ليبيا، لقد رأيت بأم عيني أحد المسلحين يفتك طفلا من صدر أمه ويلطم رأسه على جدار بقوة وقساوة .. نعم هشم رأس طفل لا يتجاوز عمره ال 4 سنوات على جدار وأرداه قتيلا على عين المكان.. محدثنا استحضر صورة أخرى لم يرها بعينيه لكن أحد مواطنيه رواها له فجر يوم أمس ويؤكد فيها أن أحد المرتزقة قطع رأس مواطن ليبي دون سبب، كان يمر بجانبه بالصدفة، فأخرج القاتل سيفا وقطع به رأس المواطن الليبي وغادر المكان جريا تاركا وراءه رأسا مفصولا عن جثته.. محدثنا الذي تمكن من الفرار مع زوجته يقول إنه في شوارع العاصمة طرابلس لا تعرف من مع القذافي ومن ضده، فالفوضى عارمة والأفارقة يملؤون الشوارع والأنهج لبث الرعب في صفوف المتساكنين.. نهب سرقة.. قتل.. كلها ممارسات لا يفهم المواطن كيف ينجو بنفسه منها.. المتحدث الليبي، قال كذلك « إن كل هذه الممارسات لن توقف حق الشعب في الإطاحة بالدكتاتور وسفاك الدماء القذافي، فالليبيون هناك صامدون حتى النصر، فكما أطاح الشعب التونسي بالرئيس المخلوع بن علي، وكما أطاح الشعب المصري بفرعون مصر حسني مبارك، آن الأوان ليطيح الشعب الليبي بالجاهل المتغطرس القذافي.. المتحدث الليبي المصاب بمرض مزمن، قال «لم ولن أفر من ليبيا، لكن وضعي الصحي لا يتحمل البقاء دون دواء، ولهذا السبب جئت إلى بلدي الثاني تونس على أمل أن أعود إلى وطني ليبيا دون أن أجد فيه القذافي ونجله منجل الإسلام » كما قال.. هذه صورة عما يحدث في ليبيا، وأهل صفاقس وباعتبار العلاقة المتينة التي تربطهم بأشقائهم في ليبيا جمعوا العديد من الروايات وتناقلوها يوم أمس فيما بينهم كلها تصور بشاعة المشهد في القطر الليبي الشقيق الذي حوله القذافي إلى جحيم.. كل ذلك من أجل كرسي قال القذافي إن الشعب هو الذي منحه إياه.. لكن الشعب اليوم قال لا للقذافي، إلا أن هذا الأخير يصر على الجلوس على كرسي البترول الذي انفجر تحت إليته..