أسالت قصة إحراق البوعزيزي لنفسه الكثير من الحبر لكن هناك بعض التفاصيل ظلت غير معروفة ولم يقع تداولها بصفة مكثفة مثل بقية التفاصيل وسنتعرف عليها من خلال هذا اللقاء الذي جمعنا بأحد متساكني مدينة سيدي بوزيد وهو السيد رضا لعيفي وهو صاحب سيارة أجرة (تاكسي) وهو شاهد عيان ومن تولى اخماد النار التي التهمت جسد البوعزيزي. يقول السيد رضا لعيفي: إن ما جعلني أتحدث عن المرحوم محمد البوعزيزي في هذا الوقت بالذات هو ما سمعته من أحاديث واشاعات هدفها تشويه صورة هذا الشهيد الذي أحرق نفسه نتيجة للظلم والقهر والتهميش والمضايقات المقيتة التي عانى منها على يد الفتاة التي تعمل عون تراتيب بلدية اثر صفعه على وجهه وإهدار كرامته. تفاصيل جديدة ويعود السيد رضا لعيفي الى يوم إقدام البوعزيزي على حرق نفسه ليقول كنت على بعد بضعة أمتار من مكان الحادث في انتظار الحرفاء لنقلهم بواسطة سيارة الاجرة (تاكسي). وحوالي منتصف النهار وثلاثين دقيقة سمعت صراخا ولاحظت حركة غير عادية التفت الى جهة هذه الجلبة فشاهدت المرحوم محمد البوعزيزي يحترق بالكامل هرعت الى مكان الحادث فوجدت الجميع مذهولين ويصرخون ولم يقدر أحدهم على محاولة اطفاء النار المستعرة بجسد محمد سوى امرأة تشجعت ورمت بمعطفها على الضحية وعند وصولي عمدت الى نزع بعض الملابس الصوفية التي يرتديها عدد من الناس الحاضرين وبدأت في اخماد النار وقد ساعدتني في ذلك الشهادة التي تحصلت عليها في الاسعافات الاولية. كان المشهد والموقف مرعبا ورهيبا وقد أغمي على عدد من الحاضرين خاصة من النساء ومنهن المرأة التي رمت بمعطفها على جسد الشهيد ويقال انها ظلت مصدومة وغير قادرة على الخروج الى الشارع مدة أسبوعين كاملين. والمؤسف حقا ان الولاية لم تسرع الى إحضار قارورة الاطفاء الا بعد مرور برهة زمنية هامة وعندما أحضروها حاولت استعمالها فوجدتها معطبة وفارغة وقديمة جدا فهل يعقل ان يكون مقر الولاية خاليا من قارورة اطفاء؟ هذا ما لم يستطع استيعابه كل من كان شاهدا على ما حصل. وبقي صديقه بعد إطفاء جسد البوعزيزي الذي أتت النار عليه بالكامل وتركت جلده ملتصقا بالاسفلت حضرت الحماية المدنية وحملته الى المستشفى وتفرق الحضور وعاد من عاد الى منزله وكادت الحادثة ان تكون عادية رغم فظاعتها لولا صديق البوعزيزي الذي ظل في مكان الحادث يدور حول نفسه ويلطم خده ويبكي حرقة صديقه الذي دفع حياته ثمنا لكرامته ورفضه للظلم والحيف الذي لقيه من جميع المسؤولين بالجهة. كان تأثر هذا الصديق بما جرى لصديقه غير عادي والنتيجة كانت تجمع الناس من جديد حول هذا الشاب لتنطلق الشرارة الاولى من ثورة الكرامة والحرية. محاولة تشويه يقول السيد رضا لعيفي لقد استأت كثيرا من الكلام والاشاعات التي حامت حول المرحوم البوعزيزي منها أن عون التراتيب البلدية صفعته على وجهه لأنه تحرش بها وقام بحركة لا أخلاقية تجاهها وهذا كله افتراء وكذب ومحاولة يائسة لتشويه صورة الشهيد والمعروف ان عناصر من التجمع الدستوري الديمقراطي كانوا وراء ما يروج باعتبار أنهم من أعداء الثورة وأعداء الحرية وهدفهم الأساسي هو التشكيك وضرب وتشويه كل ما يمت الى الثورة بصلة. ويواصل قائلا: للتاريخ وللأمانة التاريخية أؤكد ان هذه الفتاة كانت معروفة لدى أهالي سيدي بوزيد بغطرستها وظلمها للناس وانها كانت دائما عبوس وتبحث عن المخالفات الموجودة وغير الموجودة لتسليط الخطايا على المواطنين وانه في يوم الحادثة الأليمة حاولت بشتى الطرق منع محمد البوعزيزي من الانتصاب والعمل كما هو معتاد فأعطته تنبيها أوليا ثم عادت لتستفزه ثانية وتطلب منه الرحيل عن ذلك المكان، وفي المرة الثالثة تقدمت من العربة وحاولت افتكاك الميزان منه وشرعا كلاهما في جذب الميزان اليه وباعتبار عدم تكافؤ القوى بين الطرفين جذب البوعزيزي الميزان بقوة لترتطم يدها بالعربة وتجرح فما كان منها الا ان وجهت صفعة قوية لمحمد البوعزيزي وتولى زملاؤها تعنيفه ضربا وركلا وشتما. هذه هي حقيقة ما جرى ولابد للذين يحاولون تحريف ما وقع ويشوهوا صورة البوعزيزي الكف عن هذا الصنيع لأن التونسي لا يمكن تصديق أعداء الثورة بأي حال من الاحوال.