المدّ التضامني الفعلي والحقيقي الذي برز خلال الفترات الأخيرة على أكثر من مستوى وخاصة بعد التدفق الكبير لجاليتنا التونسية وبعض الجاليات الأخرى الحاملة لجنسيات مختلفة على رأس الجدير وبن قردان فرارا من طغيان القذافي وعصاباته المرتزقة حيث حرصت عديد المنظمات النقية في تونس على غرار جمعية المعوقين بسيدي بوزيد على توفير عشر قاعات للإقامة وكل المستلزمات الأخرى لاحتضان الوافدين على بلادنا إلى أن يتم تسوية وضعياتهم ويعودون إلى أهاليهم سالمين... ومثلما نجد هذه الحركة النبيلة في سيدي بوزيد فإن عديد الأطراف مستعدة لذلك رغم الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا على أكثر من مستوى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لتتجلى حقيقة التضامن الحقيقي للتونسيين بعيدا عن مساحيق 8 ديسمبر سواء بينهم أو مع الأشقاء والأصدقاء من الأجانب وخاصة في مثل هذه الفترات العسيرة... انفلات أمني وعجز كبير.. ولكن؟ هرب الطاغية والدكتاتور وعصابة الفساد والاستبداد واستقال الوزير الأول وتم تعيين رئيس حكومة جديد... ولكن من المسؤول عن الانفلات الأمني البارز في مختلف الجهات وفي شارع الحبيب بورقيبة بالذات؟.. وهل أن وراء هذا العجز أطرافا خفية لا تريد إنجاح الثورة التي مازال الرأي العالمي يؤكد أنها «نموذجية»؟ حماية الوطن أكثر من أربعين حزب جديد... قد تبدو الظاهرة في ذلك صحية باعتبار أن في التنظيم مسؤولية وتصورات وأطروحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لإفادة البلاد والعباد وفي المقابل فإنّ بعض المنظمات والجمعيات المستقلة ظلت غير مستقيلة وأبدت رأيها وموقفها مما يحدث... ولكن لماذا المزايدات والزعماتية في غياب المقترحات العملية لحماية الثورة وإنقاذ الوطن من الإحن والفتن؟ يطهرون أنفسهم؟ بعضهم حرص على الحصول على منابات لتشغيل المقربين منهم على حساب الذين يستحقون هذا الشغل ومنهم من «باع» منابته (نعم باعها).. هؤلاء ركبوا على صهوة الثورة وحرصوا على تطهير أنفسهم من ذنوب المظالم التي سلطوها على الأبرياء من المعطلين عن العمل والذين تعتبر ظروفهم صعبة.. وصعبة جدا؟ أي دور للفلاسفة؟ قديما قالوا إن الفلاسفة ينظرون للثورة والأبطال ينفذونها.. والانتهازيون يركبون صهوتها... كما قالوا: في ساحة الشهداء يجعجع الجبناء ويرفعون الشعارات.. ولكن اليوم وقد حصل ما حصل أي دور للفلاسفة بعد رحيل الشهداء الأنقياء.. وهل سيبقى الانتهازيون في المشهد يتحدثون بأسماء الشهداء؟ العقل... والعقلانية... بعضهم لم يرق لهم دور الشبكة العنكبوتية ال«فايس بوك» والانترنات والحال أنه ساهم بشكل كبير في الإطاحة بالدكتاتور وفضح ممارسات العصابات وزبانيتهم وفي المقابل فإن لكل شخص عقله الذي يجعله يميز بين الغثّ والسمين وخاصة في مثل هذه الفترات الصعبة التي يجب أن نكون فيها جميعا عقلانية...