بقلم: عارف الأحمر (مأمور المصالح المالية) لئن مثل الدين العمومي الشغل الشاغل والهم الأكبر لادارة المحاسبة العمومية والاستخلاص أي للدولة بشكل عام. ويتجلى ذلك من خلال توظيفها لجميع امكاناتها وتركيز أقصى مجهوداتها من أجل استخلاصه وتحصيله، فإنه وفي المقابل كان موقفها إزاء «الأعوان» القائمين على إنجاز عملية الاستخلاص وتحصيل الدين العمومي وهم مأمورو المصالح المالية موقفا مخجلا ومشينا الى أبعد الحدود. حيث تعاملت معهم بتنكر وجحود شديدين دون مراعاة لأبسط حقوق الانسان. فعلاقة الانتاج القائمة بين هذه الادارة ومأموري المصالح المالية مازالت وإلى حدّ الآن علاقة إنتاج اقطاعية بامتياز حيث أنها وإن اختلفت على مستوى الشكل، فإنها تتطابق على مستوى الجوهو والمضمون مع علاقات الانتاج الاقطاعية التي وجدت زمن القرون الوسطى بين السيد الاقطاعي وبين عبيده الأقنان أو بين دولة الاستبداد الشرقية وبين المزارعين الفقراء. ومن العلامات الدالة على ذلك أن القن أو الفلاح الفقير يحيا الاضطهاد في أقصى حالاته وأتمّ تجلياته وهي امتهان ودوس لكرامته وسلب لجميع حقوقه. فهو يعمل ويشقى لا لشيء إلا لمجرد إثراء واسعاد مضطهديه. أما هو فليس له الحق إلاّ في ما يسد رمقه ويحفظ له قوة عمله ليكون قادرا على الاستمرار في عملية الانتاج ومراكمة الثروة «لأسياده» الاقطاعيين. فمأمور المصالح المالية هو قن القرن الواحد والعشرين وهذا ما يتجلى بكل وضوح في القانون المشين المنظم لهذا القطاع وهو القانون عدد 101 لسنة 2002 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 والصادر بمناسبة قانون الميزانية لسنة 2003 وهو قانون على غاية من الخبث والاجرام اللامادي لأنه قد وضع مأمور المصالح المالية في نفق مظلم لا نهاية له حوله إلى مجرد أداة باردة طيعة لا روح فيها تمارس بها الدولة سلطانها وتفعّل من خلاله قوانينها سالبا إياه جميع الحقوق المهنية والاجتماعية والانسانية. فما العمل إذن..؟! إزاء هذه الوضعية الكارثية التي يعيشها مأمور المصالح المالية اليوم. وللإجابة عن هذا السؤال نقول بوجوب ضرورة كسر هذه العلاقة وتغييرها بعلاقة أخرى أكثر تطورا مستجيبة للشروط التاريخية والحضارية التي خلقت في هذه اللحظة التاريخية الجديدة التي نحياها اليوم التي أسست لها انتفاضة شعبنا البطل. فالشرط الأول الذي لا بدّ منه هو استرداد لصفة المواطنة التي سلبت منا طوال العهود السابقة. كما سلب هذا الوطن واسترداد المواطن هو استرداد للكرامة وللحقوق وللحرية والتعويض الكامل عن كل ما تعرضنا له من استيلاب واضطهاد وظلم على امتداد عقود طويلة مع المطالبة كذلك وباصرار شديد بعودة كل الذين وقع طردهم بشكل سافر وتعسفي من أعمالهم الى سالف نشاطهم كمأمورين للمصالح المالية. والمجد والخلود لشهدائنا الأبطال والنصر والحرية لشعبنا الأبي.