أعلن السيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت في كلمة توجه بها مساء أمس إلى الشعب التونسي عن الدخول بالبلاد في «مرحلة جديدة أساسها ممارسة الشعب لسيادته كاملة في إطار نظام سياسي جديد يقطع نهائيا وبلا رجعة مع النظام البائد». و«عملا بأحكام الفصل 57 من الدستور وحفاظا على الدولة وعلى استمرارها وديمومتها ومن منطلق الوفاء لأرواح الشهداء والحرص على تجسيم مبادئ الثورة» أعلن السيد فؤاد المبزع التزامه بمواصلة مهمته كرئيس جمهورية مؤقت بعد أجل 15 مارس 2011 خلافا لما أشيع وذلك لحين إجراء الانتخابات. وكشف في كلمته عن خطة مفصلة لما ينتظر البلاد من مواعيد سياسية سوف تقرر مستقبل تونس القريب، وهي خطة قال إنه «حصل حولها وفاق واسع بين مختلف الأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية تجسيما لتطلعات صاحب السيادة، الشعب التونسي الأبي، الذي عبر عن إرادة القطع النهائي مع الماضي، خلال ثورته المجيدة ضد الطغيان والاستبداد وعن عزمه الراسخ على ممارسة سيادته كاملة عن طريق اختيار ممثليه اختيارا حرا وبدون وصاية قصد تحقيق الانتقال الديمقراطي السليم والهادئ». كما أعلن عن اعتماد تنظيم وقتي للسلط العمومية متكون من رئيس الجمهورية المؤقت وحكومة انتقالية برئاسة السيد الباجي قائد السبسي، وهو تنظيم ينتهي العمل به يوم مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه اثر انتخابه انتخابا شعبيا حرا تعدديا شفافا ونزيها يوم 24 جويلية المقبل. وأضاف أنه ما دام المصدر الوحيد للشرعية الشعبية يكمن في صندوق الاقتراع فلا بد من تنظيم انتخابات لتكوين مجلس وطني تأسيسي يتولى إعداد دستور جديد للبلاد يكون مرآة تعكس بصدق طموحات الشعب. ولغاية تحقيق هذا الهدف تم ضبط خطة عمل بالنسبة للمرحلة القادمة تم الحرص على ان تكون محطاتها واضحة ومواعيدها مضبوطة والمشاركة فيها مفتوحة لجميع الاطراف السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني المعنية. وأعلن أن هذا البرنامج يتضمن المراحل الاساسية التالية: اولا : اعتماد تنظيم وقتي للسلط العمومية متكون من رئيس الجمهورية المؤقت وحكومة انتقالية برئاسة السيد الباجي قائد السبسي. وينتهي العمل بالتنظيم الوقتي للسلط العمومية يوم مباشرة المجلس الوطني التاسيسي مهامه اثر انتخابه انتخابا شعبيا حرا تعدديا شفافا ونزيها. ثانيا: دعوة المواطنين الناخبين لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي. وسيصدر أمر رئاسي للغرض. وقد حدد تاريخ انتخاب هذا المجلس ليوم الاحد 24 جويلية 2011 ثالثا: وحتى يكون انتخاب المجلس الوطني التأسيسي انتخابا ديمقراطيا طبقا لمبادئ الثورة يتعين اعداد نظام انتخابي خاص لذلك. وأفاد رئيس الجمهورية المؤقت أن «هيئة تحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي» تعكف حاليا على اعداد مشروع نص قانوني سيكون محل مشاورات صلب مجلس الهيئة المتكون من شخصيات سياسية وطنية وممثلين عن مختلف الاحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني في العاصمة والجهات ممن شاركوا في الثورة وساندوها. وأعلن أن هذا النظام سيصدر على اقصى تقدير قبل نهاية شهر مارس الجاري. رابعا : بعد صدور الاحكام الانتخابية الجديدة يبدأ الاعداد الفعلي للعمليات الانتخابية. وقال رئيس الجمهورية المؤقت ان بتنفيذ هذا البرنامج سيكتمل العمل بالنسبة للمرحلة القادمة استجابة «لانتظارات الشعب التونسي ووفاء لارواح شهداء تونس الابرار بما يتيح نقل صورة صادقة للعالم عن الثورة التونسية تنزلها المكانة الرفيعة التي هي بها جديرة في الحضارة الانسانية». وأكد ما يحدوه من عزم قوي على تنفيذ هذا البرنامج بكل صدق وبكل شفافية لتجسيم الانتقال الديمقراطي ووضعه «في أياد أمينة، أيادي مجلس وطني تأسيسي يكون خير معبر عن ارادة الشعب في بناء اسس تونس المستقبل تونس الحرية والكرامة». وعلى صعيد آخر طمأن السيد فؤاد المبزع الشعب التونسي بتأكيده أن «الحالة الأمنية شهدت تحسنا ملحوظا بفضل تضافر جهود الجميع من قوات الأمن الداخلي، والقوات المسلحة والمواطنين». واستنكر «المحاولات التي يقوم بها البعض لبث الرعب في النفوس ولتعطيل مسار الثورة والحيلولة دون تهيئة الظروف الملائمة للانتقال الديمقراطي السلمي والحضاري، مستخدمين في ذلك أساليب مشبوهة وغير مشروعة تنال من الأمن العام ومن حريات الآخرين وتربك نسق التنمية والسير الطبيعي للمرافق العمومية في وقت يستوجب من كل وطني غيور مزيدا من العمل والجهد لخلق مواطن الشغل والقضاء التدريجي على جيوب الفقر والرفع من مستوى المعيشة خاصة للفئات الأقل حظا». وشدد على ضرورة تحلي الجميع بروح المسؤولية والتخلي في هذا الظرف عن المطالب الشخصية والفئوية «لقطع الطريق أمام كل جيوب الردة وصون إرادة الشعب في تقرير مصيره واختيار النظام السياسي الذي يرضاه» خاصة أن الوضع الدقيق جدا على الحدود الجنوبية للبلاد جراء الأحداث التي تعرفها ليبيا يحتم اليقظة والتضامن مع التونسيين العائدين من ليبيا ومؤازرة الأشقاء والأصدقاء الذين لجأوا إلى تونس.