الخالة نعيمة عجوز قاربت السبعين من العمر (66 عاما) أعيتها سنوات الشقاء وعملية استئصال في الرحم وزادها ارهاقا وتعبا وزنها الذي تحوّل الى عبء حقيقي لم تملك من هذه الدنيا سوى عزة نفسها ومزيد من الصبر على حالها وحال بناتها اللواتي يشتغلن في البيوت لسد حاجات أسرهن. دخلت مكتبنا بعد اتصال هاتفي مسبق لترتيب موعد معها بعد ان سمعنا بقصتها كانت مجهدة ومتعبة أزاحت عن رأسها «السفساري» وراحت تحكي تفاصيل قصتها التي تعود الى بداية سنة 2010 حينما توجهت ابنتها الى معتمدة الشؤون الاجتماعية ببنزرت طالبة الحصول على بطاقة علاج مجاني خصوصا ان زوجها لا يعمل منذ 2006 لأسباب صحية فاقترحت عليها المعتمدة العمل كمعينة منزلية لديها مقابل 150 دينارا تصرف لها في اطار عملة الحضائر على اعتبار ان لها تصريحا بذلك من والي بنزرت وبعد 3 أشهر من العمل لديها طلبت منها ان تتفق مع والدتها (الخالة نعيمة) على الامضاء على وثيقة لاستخلاص مرتب شهري قدره 170 دينارا تستخلصه ثم تمنحه للمعتمدة كل شهر مقابل تحسين وضعيتها المادية مثل تمكينها من منحة تحسين مسكن وغيرها من الاعانات وأفادتها ان لديها تصريحا من الوالي بانتداب معينة منزلية ثانية، فكانت الخالة نعيمة تتوجه شهريا الى الولاية، وتحصل على المرتب الشهري وتسلمه لابنتها التي تسلمه بدورها لمشغلتها (معتمدة الشؤون الاجتماعية)، يحصل هذا دون ان تباشر الخالة نعيمة العمل في منزل المعتمدة السيدة «بشيرة البرڤاوي» وتتقاضى هذا الأجر مع انها في الحقيقة لا تعرف أصلا منزل مشغلتها، كما أنها فعليا غير قادرة على العمل لظروفها الصحية التي أشرنا اليها سالفا ولم يسبق لها ان التقت بمشغلتها الافتراضية. وتضيف محدثتنا قولها: «بعد العيد (الصغير) قررت ان أنقطع عن استخلاص الراتب المذكور وأحسست أنني في ورطة أخلاقية وأن هذه المرأة تمارس على ابنتي نوعا من الضغوط وكنت أخشى أن تطردها من العمل ومع ذلك أعلمتها أنني لن أمضي مستقبلا على أي وثيقة ولن أتقاضى اي أجر عن عمل لم أنجزه ولكن ما راعني بعد ذلك الا والمعتمدة تقوم بطرد ابنتي من العمل كان ذلك في شهر سبتمبر أو بعد ذلك بأسابيع. رأي آخر وتضارب ولاستجلاء حقيقة الأمر في هذه الوضعية الشائكة والخطيرة لم نكتف باعترافات الخالة نعيمة بل توجهنا الى المعتمدة السيدة بشيرة البرڤاوي وأعدنا على مسامعها الحكاية كاملة طالبين توضيحا في هذا الشأن فأفادتنا بأنها تتعرض الى حملة من قبل بعض الأشخاص وأن الخالة نعيمة عملت عندها بالفعل وانقطعت قبل عطلة الصيف وذلك بمجرد أن دخلت ابنتها في عطلة لذلك لم تعد في حاجة اليها. ولما أكدنا لها ان «الخالة نعيمة» امرأة عجوز ومريضة ولا تستطيع العمل قالت ان ابنتها كانت تعوّضها. كما أفادت بأنها لم تطرد ابنتها من العمل بسبب موقف أمّها الرافض لمواصلة الامضاء على استخلاص راتب شهري غير مستحق وقالت أيضا انه بمقدورنا العودة للولاية لمعرفة تواريخ استخلاص تلك الرواتب وأنها لم تعد تذكر بعض التفاصيل، كما أن الوالي السابق منحها حق توظيف خادمتين وسائق. وباتصالنا بالولاية أفادنا مصدر مطلع أن فاطمة (بنت الخالة نعيمة) تقاضت أجرها عن عملها في منزل المعتمدة منذ أكتوبر 2009 الى غاية 15 سبتمبر 2010. وأن نعيمة الغرسلي تقاضت أجورا عن عملها في منزل المعتمدة المذكورة من فيفري 2010 الى نهاية أوت 2010. وهو ما يعني ان الخادمة فاطمة انقطعت عن العمل 15 يوما فقط بعد انقطاع والدتها وهو ما يعني انها عملت خلال كامل العطلة الصيفية ولم تنقطع قبل بدايتها كما أشارت الى ذلك السيدة المعتمدة. وعموما وبصرف النظر عن تضارب واختلاف آراء الطرفين يجب التأكيد على أن هذا الموضوع يحتاج الى متابعة وتحقيق من الجهات المعنية للنظر في ما اذا تم فعلا تبديد المال العام والتلاعب أم لا خصوصا ان هذا الموضوع أصبح حديث عديد البنزرتية وتحديدا موظفي الولاية والدوائر القريبة منها، كما ان أسئلة أخرى تطرح بإلحاح عن موافقة الوالي السابق على منح هذه المعتمدة حق توظيف خادمتين وسائق اضافة الى أنها كانت تتمتع بذات الامتياز حينما كانت تعمل بنفس الخطة ومع نفس الوالي في ولاية باجة قبل الانتقال الى بنزرت؟ فهل تكشف الأيام القادمة تفاصيل أخرى عن هذا الموضوع الحسّاس؟