تكررت صيحات الفزع التي يطلقها خبراء الغابات بسبب ما تتعرض اليه شجرة النخيل بقرقنة من انتهاكات قد تؤدي الى انقراض بعض الأنواع منه التي يعتبرها الخبراء النادرة جدا بشمال افريقيا. وفي بادرة عملية لحماية الموارد الطبيعية لجزر قرقنة انطلق نادي «الليونس» صفاقسطينة في الفترة الأخيرة وبالتعاون مع صندوق البيئة العالمية والمعهد الدولي للمصادر الوراثية ومعهد المناطق القاحلة وكلية العلوم بصفاقس في اجراء بعض البحوث الميدانية الهادفة الى تشخيص التنوع الجيني للنخيل بالجزيرة الذي يتمتع بخصوصيات فريدة. 600 ألف أصل نخيل وأفادنا مدير المشروع الزميل الصحفي باذاعة صفاقس السيد حافظ الهنتاتي أن فريق العمل يضم باحثين من تونس وخارجها تحولوا في الفترة الأخيرة الى الجزيرة للقيام ببعض الدراسات العلمية الدقيقة بغية الخروج بنتائج علمية حول خصائص أنواع النخيل. فجزيرة قرقنة أو «الجزيرة الواحة» تعد 600 ألف أصل نخيل تحتل ثلاثة أرباع المساحة الجملية بالأرخبيل المقدرة ب14 ألف هكتار ثلثها من السباخ (أراض مالحة) وما بين 15 و20 بالمائة منها مناطق عمرانية. وحسب خبراء الغابات والفلاحة يمثل نخيل جزيرة قرقنة مشاتل طبيعية لأنواع عديدة من النخيل الطبيعي «الوحشي» أي الذي لم يتدخل البشر في غرسه بل إن الطبيعة والمناخ هما اللذان أفرزا هذه الأنواع المختلفة من النخيل الذي ميز الخصائص الطبيعية والبيئية للجزيرة كما تؤكده كتب الرحالة والمؤرخين. المشهد البيئي مهدد واعتمد نخيل قرقنة فيما سبق وإلى حد بداية القرن الماضي في مجالات عديدة كالفلاحة والصناعات التقليدية والمسكن والمؤونة، لكن في السنوات الأخيرة انحصر استعماله في الصيد البحري وخاصة الصيد «بالشرافي والدراين» مع بعض الاستعمالات العلفية للمواشي وقطعان الجمال والنوق التي بدأ يتضاءل وجودها هي أيضا في المشهد الطبيعي القرقني وقد أصبحت النخلة اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى نتيجة ظروف طبيعية ومناخية أهمها «التسبخ» وقلة العناية والاستغلال غير المدروس الذي من مظاهره «التلقيم» اي استخراج عصير «اللاقمي» مع بعض الاستعمالات في المخابز التقليدية التي حولت النخيل الى أعجاز يابسة. ونظرا للتهديد الواضح الذي بات يستهدف هذه الثروة الطبيعية والبيئة النادرة وبعد المبادرة التي أقدم نادي «الليونس» صفاقسطينة خلال السنة الفارطة بتلقيح أو تذكير 11 ألف نخلة يعود النادي في هذه الفترة لدراسة النخلة القرقنية لحمايتها. والثابت أن اهتمام نادي الليونس والذي يبسط بعد غد السبت نتائج دراساته المتعلقة بقطاع النخيل بقرقنة لن يكون مجديا لو نظرنا اليه خارج اطار مشروع متكامل يهدف الى العناية بالبيئة القرقنية وصيانة مكوناتها وخصائصها الطبيعية خاصة أن مجموعة جزر قرقنة تستعد لتكون قطبا من أقطاب السياحة البيئية في حوض البحر الأبيض المتوسط من خلال المشروع الرئاسي الرائد «سيدي في النخل» الذي من المنتظر أن تنطلق أشغاله في فترة لاحقة حسب ما أكده الوزير الأول السيد محمد الغنوشي خلال شهر جوان من السنة الحالية لدى افتتاحه لمعرض صفاقس الدولي.