عندما أشرنا الى المعطيات التي توفرت في المجمع الكيمياوي التونسي والتي أكدت سوء التصرف حتى لا نقول شيئا آخر في هذه المؤسسة الوطنية فإننا أردنا التأكيد على أن الفساد دعم البلاد وأثر على العباد وساهم بقسط كبير في تردي الأوضاع وتعطيل عشرات الآلاف من الشباب عن العمل فضلا عن بعثرة أوراق الاقتصاد الوطني خاصة إذا علمنا أن الأرقام التي يتعامل بها المجمع الكيمياوي تعتبر ضخمة جدا على مستوى العملة الصعبة وأيضا العمولات التي يحصل عليها الوكلاء الأجانب والتي كنا نشرنا على أعمدة«الشروق» البعض منها مدعمة بالحجج والبراهين والوثائق التي تترجم الحقائق على أمل نشر البعض الآخر الذي يثبت أن ما خفي كان أعظم ولذلك نعود في الحلقة الجديدة للإشارة الى بعض النقاط الأخرى ولا هدف لنا غير إنارة الرأي العام والمساهمة في إنقاذ مؤسساتنا الوطنية من أي سوء تصرف وذلك من منطلق مهمتنا كإعلاميين نرفع الحقائق ونبدي الآراء بشكل موضوعي دون مجاملة ولا تجاهل إيمانا منا بقداسة الرسالة الإعلامية خاصة أن المتفاعلين إيجابا مع ملفات سوء التصرف في عديد مؤسساتنا كثيرون وظلوا مساندين بمزيد تقديم الوثائق التي تثبت «التورطات» و«التجاوزات» مقابل تململ البعض القليل الذي تبهره أشعة شمس الحقيقة والذي يحاول الاستمرار والمواصلة في المغالطات والتبريرات عساه يتطهر أو يبدو كذلك أمام الرأي العام تارة، وتارة أخرى الإلتجاء الى التهديدات التي لا تخيفنا ولو عبر«التاكسيفونات» أو غيرها من الوسائل الأخرى التي نعرف أن أصحابها يرقصون رقصة الديكة المذبوحة??!!. إذا أشرنا في عدد سابق الى فاتورة«كلبي الحراسة» وكرائهما لمدة شهر واحد بما قدره(1860)دينارا فإن المسألة تثير الجدل والتساؤل والحيرة باعتبار أن هذين «الكلبين» ومعهما كان دورهما ومهما كانت متابعتهما البيطرية وتغذيتهما وقوتهما نعتقد أنه كان من الأجدر المساهمة في تشغيل آلاف المعطلين عن العمل في قابس في المجمع الكيمياوي المنتصب في المدينة عوضا عن هذين «الكلبين» المتحصلين عن كل هذه الجراية التي طبعا يحرزها صاحبهما أو المؤسسة المشغلة وهو ما يعني أن هذه المسألة تتضمن سوء التصرف إلا إذا كان«الكلاب» أفضل من البشر في عهد الفساد والاستبداد...فتلك مسألة أخرى??!. سوء التصرف...أم تجاوزات? سوء التصرف هذا الذي نجده في فرع أو مركب المجمع الكيمياوي بقابس قد نجده ولا شك في المركبات الأخرى وفي الادارة العامة وذلك على أكثر من مستوى مثل سيارات الإدارة المستعملة لظروف شخصية وخاصة جدا وما يترتب عن ذلك من وقود وإصلاحات وقطع الغيار وغيرها فضلا عن السفرات التي يدفع المجمع الكيمياوي ثمنها والتي تبقى مبررة بالمهمات وأيضا الغيابات المستمرة ومدفوعة الأجر وعمولات الوكلاء وخاصة الأجانب وتحويل الأموال الى المصارف التي يريدها أولئك الوكلاء الذين لوقمنا بعمليات حسابية بسيطة لوجدنا آلاف المليارات فقدتها الخزينة العامة بسبب ذلك على الرغم من أن القوانين واضحة والأمر جليّ ويؤكد قبول العروض الأفضل???. لماذا اللّهث وراء الإدارات التجارية..? والغريب أن عديد المديرين في المجمع الكيمياوي الذين يؤكد البعض أنهم أجدر من غيرهم ليكونوا مسؤولين في الإدارة التجارية لم يجدوا حظوظهم بسبب أنهم غير مسنودين من بعض الأطراف المؤثرة في سلطة الإشراف وفي«التجمع الدستوري الديمقراطي» وأيضا في عائلة الفساد والاستبداد وهو ما يعني أن بعض المسؤولين في الإدارة التجارية الذين رفعت بعض المؤسسات التونسية المتعاملة مع المجمع الكيمياوي عليهم قضايا عدلية تتضمن أسماء كما تحتوي التقارير الموجهة لمجلس المنافسة وللجنة التي تم حلّها مؤخرا بقرار قضائي ونعني بها لجنة تقصي الحقائق والتي قد تستأنف القرار ليبقى القضاء مستقلا والكلمة الأخيرة له... وبالتالي فإن المنطق يفرض التحوير من سنة الى أخرى لتبديد كل الشكوك طالما أن أصابع التأويل تبقى موجهة للإدارات التجارية والتي تتعامل مع الوكلاء الأجانب وتارة تبيع البضاعة بأسعار منخفضة قياسا مع الأسعار المقترحة من المؤسسات التونسية...كما أن تلك المؤسسات الأجنبية تجد التسهيلات الكبيرة مقابل غلق الأبواب أمام التونسيين...فقط لأنهم تونسيون وقد لا يكون التعامل معهم مقيدا...وقد تكون وراءهم أطراف أخرى ولهم أحجامهم وبالتالي قطع خيوط التعامل طالما أن الحقيقة قد تظهر...قد تنكشف الأسرار وعندها قد تكون المحاسبة??!! نجاح المؤسسة في شفافية تعاملاتها قد تبدو المسائل جليّة وقد تبدو بعض الوضعيات الأخرى غامضة رغم ما توفر من ملفات مازالت في حوزتنا غير أن الضرورة وان تستوجب التحقيق والتدقيق والمحاسبة والمكاشفة فإن هذا لا يخدش من سمعة أي طرف من الأطراف النقيّة التي عملت بكل صفاء وكرامة ونظافة وفي الإطار القانوني الشرعي كما لا يمسّ من المؤسسة التي تبقى سمعتها رهينة نجاحها وحسن تصرفها باعتبار أن أي متجاوز أو ممارس لسوء التصرف يتحمل مسؤوليته بمفرده وقد لا يجد نفسه في المجموعة ما بعد الثورة الخالدة التي لا شك أن أصحابها يؤمنون بمبادئها ويدركون أن الواجب الوطني يفرض العمل في كنف احترام القانون ودون سوء تصرف ولا سوء اختيار ولا حتى سوء تقدير... استعادة هيبة الدولة... وبشكل أو بآخر فإن عناوين الحرفاء والوكلاء الأجانب سواء كانت العادية أو الالكتروانية موجودة وأرقام معاملاتهم مع المجمع الكيمياوي التونسي مدونة كما هي موجودة في وثيقة البيوعات المنجزة لمجلس المنافسة ولوزارة الاقتصاد والتكنولوجيا ومن خلالها يمكن التوغل في الثنايا واستجلاء الحقائق من البداية الى النهاية من أجل كشف العمولات وكشف «السفرات» أيضا التي كان يقوم بها بعض المسؤولين فضلا عن الجوانب الخفية في تمويل الأرقام والاستفادة منها سواء للأبناء أو لغيرهم وعندما يتم إدراك الحقائق التي ربما تبحث عنها أطراف من الوزارة ومن اللجان الباحثة عن عمليات الفساد التي سادت البلاد خلال فترة الاستبداد خاصة أن الوزير الأول أو رئيس الحكومة المؤقتة أكدها وقالها صراحة أن كل متجاوز ومهما كبر أو صغر شأنه لابد أن يحاسب حفاظا ودفاعا عن الأموال العمومية وعن هيبة الدولة التي فقدت معناها في فترة الرئيس المخلوع بسبب تجاوزات عائلته وأصهاره ومن معهم من الزبانية في مختلف الوزارات والمؤسسات والدواوين والإدارات على مختلفها وهو ما يعني أن كل طرف منصهر في منظومة مبادئ الثورة عليه المساهمة في استعادة هيبة الدولة ولما تحمله من معان راقية بعد الانفلات الاقتصادي والأمني والاجتماعي والسياسي في فترة سابقة. أي مساهمة للمجمع في التشغيل? وبالعودة فقط الى«كلبي الحراسة» بالمجمع الكيمياوي بقابس وكرائهما ب(1860) دينارا وذلك لمدة شهر واحد لا شك أن«كلابا» أخرى في مركبات المجمع الكيمياوي التونسي وربما في مؤسسات أخرى أصبحت تتناقلها الشبكات العنكبوتية «فايس بوك» بعد نقلها عن «الشروق» التفاصيل والفاتورات لتؤكد أن المسألة في أشد الحاجة الى مراجعة عديد الجوانب والملفات في هذا المجمع الكيمياوي حتى يبقى مؤسسة وطنية تقوم بواجبها على كل الواجهات وذلك في كنف الشفافية دعما منها للإقتصاد الوطني وخدمة للبلاد ومساهمة منها وبشكل فاعل في تشغيل المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وغيرها سواء في قابس أو في المظيلة أو الصخيرة أو في أي مكان آخر قد يساهم في فض اشكال التشغيل الذي ظل من أكبر الملفات أمام الحكومة.