عندما غصنا في ملفات المجمع الكيمياوي التونسي وأشرنا الى كل تلك «التجاوزات» التي نعتبرها سوء تصرّف طالما أن القضاء لم يقل كلمته في شأن ذلك فإننا نعود لنؤكد ان مهمتنا تفرض علينا الاشارة دون خوف من أحد ودون تحامل على أحد ودون تقديم أي خدمة لأحد أيضا غير المصلحة العليا للبلاد التي ندرك أن الواجب يفرض علينا الدفاع عن مكاسبها وثرواتها ومبادئ ثورة شعبها وفاء لدماء الشهداء سواء منهم الذين استشهدوا قبل 1956 او بعدها في سنوات 1962 (مجموعة الأزهر الشرايطي) او 1978 (ضحايا وشهداء العمل النقابي) او 1980 (شهداء وضحايا أحداث قفصة) او 1984 (شهداء وضحايا أحداث الخبز) او 2011 (شهداء الكرامة والحرية) أو غيرهم في مختلف المراحل الأخرى او الذين منهم من ماتوا تحت التعذيب او في الزنزانات او في المنافي لذلك نعود لنؤكد ان «حلقات» المجمع الكيمياوي التي ستشهدها ايضا بعض المؤسسات الوطنية الاخرى في مواعيد لاحقة لإنارة الرأي العام وابراز الفساد الذي عرفته البلاد في فترات الظلم والاستبداد، يمكن ان نعلن نهايتها هذا اليوم لنعود اليها متى شاءت الظروف لذلك ومتى تحصلنا على وثائق غير شبيهة بالتي في حوزتنا والتي تهم الفساد على المستوى الداخلي منه باعتبار ان ابراز «عمولات» الأطراف الخارجية أكثر قد يؤثر على المجمع الكيمياوي كمؤسسة وطنية داعمة للاقتصاد الوطني وقد يعمق الجرح في الفترات ما بعد الثورة التي نريدها جميعا زاهية لتونس بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها في حين أننا لا نغفل ولا نتردد وبشكل ملح على المسائل الداخلية وخاصة على مستوى تجاوزات الاشخاص مهما كان شأنهم كبيرا او صغيرا سيما وان مؤسسات الفسفاط والمجامع الكيمياوية ومشتقات الفسفاط كلها في العالم تترصد الفرص وتتربص بنا كمؤسسات منافسة ترنو الى الفوز بالاهداف وقد تعتمد الحجج ضد تونس وتتآمر على المجمع الذي نعود لنؤكد أننا لا نريد له ولكل مؤسساتنا الوطنية غير الخير والنجاح. وبشكل أو بآخر فإن الرئيس المدير العام الجديد للمجمع الكيمياوي التونسي وشركة فسفاط قفصة مطالب بالتحرّي والتروي في عديد الأوضاع الداخلية والإدارات المركزية ومن ورائها الادارات الفرعية كما على سلطة الاشراف والحكومة المؤقتة وكل من له صلة بالدولة التونسية في جمهوريتها الثالثة أن ينتبهوا جميعا الى واقع مؤسسة المجمع الكيمياوي وآفاقها في ظل وجود أطراف تعتقد أنها «لا تتزحزح» وبالتالي وحسب ما يتردد في أوساط هذه المؤسسة في شكل مقترحات لابد من احداث تحويرات جذرية في ادارات المبيعات والادارات التجارية منها خاصة حتى تتبدد الشكوك التي مازالت تحوم حول بعض الأسماء خاصة اذا علمنا ان مرحلة ما بعد الثورة تستوجب «التطهير» العميق. تكامل وتعامل... وبشكل أو بآخر فإن فتح المجال أمام الوكلاء التونسيين وتشجيعهم يعتبر أمرا ضروريا أيضا لدعم الاقتصاد الوطني خاصة أن تلك المؤسسات المتداخلة والمتعاملة مع المجمع الكيمياوي تحرص على تشغيل الاطارات وأصحاب الشهائد العليا وغيرهم وتساهم من مواقعها في الانخراط في منظومة القضاء على «البطالة» التي تعتبر أهم عنصر جوهري تصبو الى الوصول اليه بلادنا غير ان ذلك يبقى خاضعا للموضوعية والشفافية والمصداقية التي تفرضها المرحلة الجديدة بعيدا عن تدخلات هذا أو ذاك وفي ذلك ترسيخ لعنصر التكامل الفعلي بين المؤسسات التونسية على مختلف أحجامها. المناولون و«كلاب الحراسة» لماذا؟ كما على المجمع ودائما حسب ما يتردد في الاوساط «المجمعية» تحسين ظروف الموظفين والعملة وتجنب التعامل مع المناولين الذين صدر في شأنهم قرار على مستوى المؤسسات العمومية باعتبار ان في غير ذلك يبقى المجمع خاضعا الى ما قبل ثورة 14 جانفي الخالدة فضلا عن تجنب «تبجيل» الكلاب على البشر على مستوى الحراسة باعتبار ان قصة «جراية» كلاب حراسة مركب قابس مازالت تتردد على كل لسان سيما وانها مرتفعة جدا ويمكن ان تتجاوز العشرين مليونا في العام اذا اعتبرنا «جراية» الشهر الواحد تدرك (1860 دينارا) خاصة ان اي تبرير لقصة الكلاب لا يمكن اعتباره موضوعيا سيما وانه يمكن الحفاظ على مكتسبات وممتلكات المؤسسة دون «تدخل» الكلاب طالما ان كل عون مكلف بالحراسة يمكن محاسبته وتحميله المسؤولية كاملة كما يمكن دعمه بآليات مراقبة من «كاميراوات» فضلا عن ان جراية (1860) دينارا يستطيع بها المجمع تشغيل عدد لا بأس به من المعطلين عن العمل. حماية الثورة والحفاظ على الثروة ومن جهة أخرى فإن الضغط على المصاريف الادارية وسيارات المديرين والامتيازات التي تبدو خيالية أحيانا وأيضا «السفرات» والرحلات التي تتعدد فيها الاسماء وذلك لمهمة واحدة فضلا عن «الصفقات» المحلية والتعامل مع من يعتقدون انهم فوق القانون وما شابه ذلك كلها تبدو ضرورة ملحة ل«تطهير» المؤسسة من التجاوزات التي يحرص بعضهم على محاولة اخفائها بالفاتورات او بالردود والمغالطات وبالتالي لابد من المراقبة ثم المراقبة في مرحلة ما بعد الثورة حماية لمبادئ هذه الثورة وحفاظا على الثروة الوطنية خاصة ان شعبنا يرنو الى العيش في ظل الشفافية والمصداقية والكرامة والحرية. الشفافية وتجنّب التأويلات واذا عدنا الى «العمولات» التي فاز بها وكلاء عديد الدول سواء كانت آسيوية او أوروبية أو افريقية او أمريكية فإننا ندرك ان وراءهم أطراف فساد من ذوي النفوذ والجاه و«السلطة» على غرار ما كان في عهد الفساد والاستبداد للرئيس المخلوع وأصهاره وبعض من أفراد عائلته غير أن الواجب يفرض مراقبة المراقبين أيضا وذلك ترسيخا للشفافية أكثر بعد ثورة 14 جانفي 2011 حتى لا يحصل الشك وخاصة عندما تبقى الاسماء هي الاسماء كما على كل من يتحمل المسؤولية ان يصرّح بممتلكاته ورصيده وممتلكات أبنائه وأرصدتهم لا في المجمع الكيمياوي فقط وانما ايضا في شركات النفط وغيرها من الشركات الوطنية الاخرى تجنبا لكل «الشبوهات» والتآويل باعتبار ان العالم أصبح قرية فما بالك بالوطن فضلا عن ان الألسن التي كانت صامتة واضطرت الى ذلك في فترات سابقة من العهدين البائدين أصبحت «فصيحة» تماما مثل الاعين التي أصبحت «مفتوحة» بعد أن تم اغماضها دون التحدث عن نسخ وتسريب الوثائق هنا وهناك. «الديناصورات» والمحاسبة؟ وحتى لا ننسى فإن المجمع الكيمياوي التونسي الذي سنعدو اليه كلما شاءت المعطيات والأحداث ذلك يضم بعض الذين يقولون عنهم بأنهم «ديناصورات» لا يهمهم شيئا غير مصالحهم الشخصية الضيقة من المفروض عليهم الالتزام بمبادئ الثورة والانخراط في منظومتها بعد ان تشملهم المكاشفة والمصارحة والمحاسبة ايضا باعتبار ان المجمع كان يمكن ان تكون أرقام مرابيحه أوفر بكثير في فترة ما قبل 14 جانفي وفي ذلك (أي في المرابيح) تطويرا للمؤسسة ومساهمة في التشغيل ودعما للاقتصاد الوطني الذي يهمنا جميعا كتونسيين نؤمن بروح الوطنية وبنجاح بلادنا في مختلف المجالات والقطاعات وعلى مختلف الواجهات والمستويات. ... وإن عادوا... عُدنا قد تكون نهاية هذه «الحلقات» التي وجدت التفاعل والتناغم مع الرأي العام عامة وأبناء القطاع خاصة خيبة ايضا لدى البعض الذي ربما كان ينتظر المزيد ثم المزيد من كشف الحقائق ولذلك فإننا ايضا ننتظر الوثائق والمعطيات والأدلة والبراهين لعدم التردد ثانية وثالثة وعاشرة للعودة لهذا المجمع الكيمياوي غير أنه وفي المقابل ندرك ان عديد المؤسسات الوطنية الأخرى في حاجة الى الغوص في طيات ثنايا ملفاتها و«تجاوزاتها» او سوء تصرفها وبالتالي فإنه ومن منطلق قداسة الرسالة الاعلامية لا نتردد في فتح «مسلسل» مؤسسة وطنية أخرى وذلك عبر حلقات متعددة قد تكون مثيرة أيضا وربما أكثر إثارة من ملف المجمع الكيمياوي الذي تناولناه برصانة وهدوء كما يجبرنا واجبنا الاعلامي على ذلك ولا غاية لنا كما كنا أشرنا الى ذلك في أكثر من عدد غير خدمة الثورة والدفاع عن مبادئها والحفاظ على ثروتها والتزاما بأخلاقيات وشرف المهنة.. وإن عادوا.. عدنا...