كثيرة هي المناطق والجهات التي عانت الأمرين في مواجهتها للنظامين البائدين اللذين عبثا كما أرادا وحرصا على تهميش تلك الجهات وتجاهلها ونسيانها وحرمانها من كل الحقوق الحياتية والتنموية حتى اعتبرت أهاليها أنها لا تنتمي لهذه البلاد. ومع ذلك زاد حبها لتونس وتعلقها بها... غير أن الخطر المر والمرفوض والمقيت هو محاولة البعض القليل الرد خلال الفترات الأخيرة بانتهاج النزعة الجهوية الغادرة فكانت ردود الافعال من الاقليات أيضا باقتضاء الاثر السلبي... وهي مسألة من المفروض مقاومتها واعلان الثورة عليها حماية عن الثورة ودفاعا عن مبادئها وقيمها وسلوكها وطقوسها والا فإن البلاد ستعود الى الحضيض والمستوى البغيض اذا لم تتحرك القوى الوطنية لانقاذ تونس الابية من هذه النزعة الجهوية... العروشية خطر داهم.؟!! واذا أشرنا الى النزعة الجهوية فإن الأخطر منها والتي تعتبر تخلفا مثلها مثل الجهوية تكمن في «العروشية» التي بدأت أيضا تتجلى بوضوح في بعض المناطق من مختلف الجهات... وهي نعرة ابادة للثورة واجهاض لمبادئها خاصة ان الظالمين المتخلفين من الجهلة والاراذل والاسافل يريدون تغذيتها واشعال نيرانها عساهم يورثونها حتى يستمدون حضورهم منها وبالتالي لابد من الانتباه واعلان الثورة ضدها وضد كل من يمارسها... لا مستقبل دون شفافية وديمقراطية التصريح على الشرف بالمكاسب قبل وبعد التعيين ضروري وواجب سواء سنه القانوني الذي يشمل الوزراء والسفراء والقضاة والقناصل والولاة والمعتمدين وزوجاتهم وأبنائهم ومن المفروض أيضا ان يشمل المديرين العامين والمديرين والمندوبين وكل من له صلة بالمسؤولية حتى يتم القضاء على الرشوة والمحسوبية باعتبار أنه لا مستقبل دون شفافية وديمقراطية ودون محاسبات وبكل روية وجدية... الاحزاب... والمشهد السياسي؟ أعلن كمال مرجان وزير الشؤون الخارجية السابق عن تأسيس حزبه الذي سيكون ذا توجه جمهوري وهو ما يعني أنه كان مصرا على ذلك رغم محاولة تكتمه في البداية لتتضح حقيقة تؤكد أن الذين نشطوا في الحقل السياسي مثله مثل محمد جغام وأحمد فريعة وغيرهم سواء كانوا في الحزب الحاكم أو غيره لا يستطيعون الاحتجاب عن المشهد السياسي... غير أن الكلمة وبشكل أو بآخر تبقى للقواعد المطالبة بالاطلاع على كل شيء والمتابعة الدقيقة وانتظار المشاريع والبرامج.؟؟ مات الملك... عاش الملك؟؟!! التجمعيون الذين تم حل حزبهم بقرار قضائي ظلوا يؤكدون أن حزبهم سيستمد شرعيته من الحزب الاشتراكي الدستوري وعديد أبناء حزب بورقيبة الذين انخرطوا في التجمع ظلوا متناغمين مع منظوميتهم الجديدة... ولكن وبعد 14 جانفي رفعوا اقنعتهم وشتموا الذين ناشدوهم وباركوا أعمالهم قبل الثورة ليعودوا الى تمجيد الحزب الاشتراكي الدستوري ونظافة بورقيبة والحال أنهم هم أنفسهم كانوا قد نكلوا ببورقيبة ومن معه بعد 7 نوفمبر... وهكذا يكون التلون ومات الملك... عاش الملك؟؟! حتى لا تعود حليمة الى عادتها القديمة؟؟ كل حزب في الفترة الاخيرة يوكد أن وراءه قواعده وأنه سيدخل الانتخابات بقوة والحال أن أغلب هذه الاحزاب لا تمثل الا الاقليات... ومنها حتى الاحزاب العائلية وعندها وفي صورة عدم الالتحام وتقريب وجهات العائلات السياسية وتحالفها قد لا تفرز الانتخابات الا الاحزاب «الدكتاتورية» والتي قد لا تستجيب الى طموحات وتطلعات الشعب وخاصة منه الشباب الذي كان رائدا في الثورة... وعندها فقط تعود حليمة الى عادتها القديمة لا قدر الله ويبقى التساؤل عن مبادئ الثورة؟؟ التاريخ يكشف «التاريخ»... قد تكون العودة الى الاشارة الى أن واجب المؤرخين في مثل هذه الفترة ودورهم كبيرين جدا... خاصة أن كل ما درسناه في التاريخ تجلت حقائقه لتؤكد أن أكثره كان مزورا بسبب البرامج التعليمية والثقافية وحتى الاعلامية ولذلك فإن التاريخ سيكشف «التاريخ» وستتضح الحقائق وبالوثائق غير المزورة وذلك اذا أدرك الجميع حجم المسؤولية التاريخية.