رغم الأمطار والبرد يوم السبت الفارط في مدينة الكاف، فقد تدفق الجمهور على مركز الفنون الدرامية والركحية لمتابعة تفاصيل الحفل الذي جمع بين الموسيقى والرسم واستعاد فيه سكان الجهة حبهم للحياة، وعاد الفانون والمبدعون إلى الفضاء العام بعد أسابيع الرعب والقتل في الطريق العام والانفلات الإجرامي الذي شهدته المدينة. وعند منتصف نهار السبت الماضي، تدفق عدد كبير من الأطفال على فضاء المركز حيث نشط طلبة الفنون الجميلة بتونس فضاءات للرسم تحت تأطير «الجبهة الفنية لثورة 14 جانفي». وتمكن أطفال المدينة من نصيب هام من التعبير الفني بعد أن عانوا طويلا من أخبار القتل والرصاص والفوضى والحرق والنهب. أما الحفل الموسيقي، فقد شهد حضور عدد كبير من الجمهور لتثبت مدينة الكاف مرة أخرى قدرتها على حب الحياة والتمسك بالقيم الإنسانية والجمالية. وعند الساعة الثالثة بعد الظهر، اضطر منظمو الحفل إلى الإعلان في مدخل مركز الفنون الدرامية عن امتلاء القاعة تماما وإغلاق الأبواب بسبب الحضور المكثف للجمهور الذي تكون أساسا من العائلات والشباب الذين اكتفوا بالجلوس على أرضية القاعة ومتابعة فصول الحفل. وكما هو منتظر، فقد جمع الفنانون بين الموسيقى الملتزمة أو البديلة التي اشتهرت بها الكاف طويلا، من خلال فرقة أولاد بومخلوف وفنانين مثل رؤوف الهداوي وإبراهيم شيدة وخالد النملاغي ومنذر الجبابلي وسليم المقري وغيرهم، والموسيقى الشبابية العصرية التي تجد رواجا بين الشباب. لكن المفاجأة الجميلة في هذا الحفل هي ما تبين لقدماء الموسيقيين في المدينة من أن الجيل الجديد الذي يغني الراب يحفظ بطريقة مثيرة للدهشة كلمات الأغاني الملتزمة التي نالت شهرتها في سنوات السبعين والثمانين. وفي هذا الإطار أبدع الجيل الجديد من الفانين في استعادة أغاني فرقة أولاد بومخلوف وخصوصا أغنية «جبال الكافالعالية» التي رددها الجمهور الحاضر مرارا. كما كان هذا الحفل فرصة لتؤكد الكاف أنها لا تزال تنجب عددا كبيرا من الفنانين المبدعين، ولا تزال الموسيقى تجلب عددا كبيرا من الشباب من مختلف المشارب الموسيقية والفنية دون أن تفقد علاقتها الوثيقة بتراثها الثري والمتنوع. وفي هذا الإطار، كشف لنا أحد منظمي الحفل عن برنامج بصدد الإعداد لتنظيم مهرجان للموسيقى البديلة في مدينة الكاف خلال الأسابيع القادمة، حيث بدأت الاتصالات مع الفنانين المعنيين بهذا التوجه الموسيقي. هذا ولا يفوتنا أن نعتذر لمؤسسي فرقة أولاد بومخلوف عن الخطإ الذي تسرب في المقال الفارط والذي جاء فيه أن مؤسس الفرقة هو مصطفى العياري، والصحيح أن السيد العياري هو أحد المساهمين في تأسيسها بعد أن انطلقت من مبادرة قام بها في وقتها عدد كبير من مثقفي الكاف.