الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    فستان ميغان ماركل يقلب مواقع التواصل الاجتماعي ؟    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    جندوبة: حجز مخدّرات وفتح تحقيق ضدّ خليّة تنشط في تهريبها على الحدود الغربية للبلاد    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    النادي الإفريقي يكشف عن تفاصيل تذاكر مواجهة النجم الساحلي    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    أوّل أمريكيّة تقاضي أسترازينيكا: "لقاحها جعلني معاقة"    وزراء الصناعة والتجارة والفلاحة يؤكدون ضرورة توفير الأسمدة طبقا لخصوصية كل فترة من الموسم الفلاحي    سوسة: تفكيك شبكة لترويج المخدرات والاحتفاظ ب 3 أشخاص    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    تركيز نظام معلوماتي للتقليص من مدة مكوث البضائع المورّدة بالمطار ..التفاصيل    عقوبة التُهم التي تُواجهها سنية الدهماني    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    عاجل/ الديوانة تحذر التونسيين العائدين من الخارج..وهذه التفاصيل..    عاجل/ مستجدات الكشف عن شبكة دولية لترويج المخدرات بسوسة..رجلي اعمال بحالة فرار..    تحذير من الديوانة بخصوص المبالغ المالية بالعُملة الصعبة .. التفاصيل    9 جرحى في حادث مرور على مستوى طريق مطار تونس قرطاج..وهذه التفاصيل..    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المعهد النموذحي بنابل ...افتتاح الأيام الثقافية التونسية الصينية بالمعاهد الثانوية لسنة 2024    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    ملفات «الشروق» (4) كيف تغلغلوا في الجامعات التونسية؟.. عندما يتحكّم الفساد يكون المجد للصامدين    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    غوغل تطلق تحديثات أمنية طارئة لحماية متصفح Chrome (فيديو)    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    مذكّرات سياسي في «الشروق» (22) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... ...لهذا كنّا نستورد الحبوب من أمريكا    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    نقابة الصحفيين تنعى الزميلة المتقاعدة فائزة الجلاصي    أخبار المال والأعمال    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    بقيمة 25 مليون أورو اسبانيا تجدد خط التمويل لفائدة المؤسسات التونسية    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    مقتل 14 شخصا بعد انهيار لوحة إعلانية بهذه المنطقة جراء عاصفة رعدية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطالبات بالتعويض ومحاولة الإثراء على حساب الثورة
نشر في الشروق يوم 17 - 03 - 2011


٭ بقلم: الأستاذ عيادي بوسرويل (المحامي بتونس)
ما إن وضعت الثورة أوزارها أو تكاد حتى تعالت أصوات البعض مطالبة بتعويض ما لحق أصحابها من أضرار ينسبونها أو ينسبون أسبابها إلى النظام السابق أو رموزه أو غيرهم ممن كانت تربطهم به علاقات وطيدة، وهذا الفعل ليس غريبا على مر التاريخ، فبعد كل ثورة أو تغيير يظهر من الخفاء من ينسب لنفسه دور الضحية ويسرد قصصا أو حكايات فيها الصحيح، وهو نزر قليل، وفيها الأكاذيب والسعي إلى الاستفادة من الوضع الجديد ولو على حساب الأخلاق ودماء الناس الشرفاء الذين ذهبوا بالفعل ضحية لأحداث تلك التغيرات التي تكون تاريخية في بعض الأحيان.
انهالت إذن على الدولة المطالبات بالتعويض من أناس يزعمون أنهم كانوا ضحية للنظام السابق لكننا لم نسمع أبدا عن مطالباتهم تلك على مر السنوات الماضية، فأين كانوا يا ترى؟
الجواب هو أن أغلب هؤلاء هم من ذلك النوع من البشر الذي يسعى دائما إلى استغلال الفرص مهما كانت، فهم لم يلحق بهم أي ضرر كما يزعمون لا من النظام السابق وأعوانه ولا من غيرهم. أما البعض الآخر الذين قد يكونون بالفعل لحقهم شيئا من الضرر أو الظلم فإن سكوتهم عنه طيلة الفترة السابقة يجعل من مطالبهم الآن في التعويض فاقدة للشرعية لسببين على الأقل:
السبب الأول قانوني، ذلك أن جل التشاريع تعتبر تعرض الشخص للاضرار به وعلمه بمن ألحق به الضرر دون القيام بالمطالبة يعد رضاء منه وتنازلا عن حقه في التعويض لأن الرغبة في تعويض الضرر لا بدّ من أن تتجلى صريحة بأن يقوم صاحب الحق بطلبه والسعي إلى ذلك بشتى الوسائل، وقد نص القانون المدني مثلا على سقوط حق المطالبة في التعويض بمضي ثلاث أعوام من تاريخ حصول الضرر وعلم المتضرر بالمتسبب فيه (الفصل 115 مدني) فلا يعقل حينئذ أن يزعم هؤلاء أن حصول الضرر أو العلم بالمتسبب فيه قد حصل لهم اليوم وفقط بعد ثورة 14 جانفي ولا يمكن لهؤلاء أن يحتجوا بأنه لم يكن بإمكانهم المطالبة أو تتبع من أضر بهم لخوف منهم أو جبن اعترى قلوبهم لأن ذلك يؤدي بنا إلى الحديث عن السبب الثاني وهو ذو طابع سوسيولوجي. فهؤلاء الذين إذا صح زعمهم كانوا قد تعرضوا للاعتداء على حقوقهم ومع ذلك التزموا الصمت ولم يحركوا ساكنا يكونون قد ساهموا في سطوة أولئك المجرمين وتعديهم على مزيد من الضحايا، إذ أن الموقف السلبي للضحية لا يزيد الجلاد إلا تسلطا وعربدة فيتفشى بذلك ظلمه ليشمل ضحايا جددا.
هؤلاء بسكوتهم يكونون قد انخرطوا في المنظومة وتعايشوا معها وقبلوا أن يكونوا جزءا منها ولا يحق لهم تبعا لذلك أن يتنصلوا اليوم من مواقفهم السابقة.
وعلاوة على هؤلاء، ظهر بعض المتضررين من الأحداث التي صاحبت الثورة وهم من أثرياء القوم اللذين حرقت أو نهبت مصانعهم أو محلاتهم وهؤلاء سارعت حكومة السيد الغنوشي إلى التفكير في مساعدتهم على الخروج من محنتهم بحسب رأي تلك الحكومة وذلك بواسطة أموال الشعب لكي يزداد الأثرياء ثراء ويزداد الفقراء فقرا.
إن تعويض هؤلاء أيضا عما خسروه ليس من مشمولات الدولة لأن الدولة لم ترتكب خطأ تحاسب عليه وحتى عندما أقرت قوانين بعض الدول المتقدمة إحداث تعويضات لمتضرري الحروب أو الكوارث على سبيل التضامن الاجتماعي، فإن تلك التعويضات كانت خاصة بفئة من المجتمع تكون عادة من الفقراء أو الفئات الضعيفة وينحصر التعويض في الأضرار البدنية التي قد تلحق بالشخص ولا تشمل أبدا أو تكاد، الأضرار التي تلحق بالممتلكات وهو حل وموقف منطقي وقانوني.. لماذا؟ لأن خطر الحريق أو السرقة أو النهب هو خطر وارد ومتوقع بالنسبة للمحترف مهما اختلفت أسباب وقوعه وعلى هذا الأخير أن يتحمل ذلك الخطر الممكن لأن من يجني الأرباح يتحمل الخسائر أيضا أو بعبارة قانونية من له النما فعليه التوا.
فمن يباشر مهنة أو تجارة أو صناعة عليه أن يقرأ في الحسبان حصول الخسارة مثلما يتوقع من نشاطه الحصول على الأرباح.
ومن جهة أخرى فإن المحترف الذي يستغل محلا أو مصنعا أو نحوه من المفروض أن يكون قد اكتتب عقد تأمين للأخطار التي قد يتعرض إليها ذلك المحل وإذا لم يفعل فإنه يخل بواجب حسن التصرف ويرتكب خطأ لا يتحمل نتائجه سواه ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحميل الدولة تعويض ذلك الضرر.
إن تفاقم ظاهرة طلب التعويض والتجاء الكل إلى الدولة أصبح يشكل محاولة للإثراء على حساب الثورة كما أنه يشكل أيضا إرهاقا كبيرا لميزانية الدولة ولو وقعت الاستجابة إلى تلك المطالب وذلك على حساب أموال الشعب وتطلعاته لذلك فإننا نهيب بجهاز المكلف العام بنزاعات الدولة بأن يدافع بكل صرامة عن ميزانية دولتنا من أطماع هؤلاء فما عسى أن يرفع من قضايا مطالبة كلها بالتعويض، كما أهيب بأجهزتنا القضائية عدلية أو إدارية بأن لا تستجيب لهاته الأطماع التي تكون فاقدة للسند القانوني والواقعي في أغلبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.