«البورجوازية» وحليب «الزووالة» والكتاب.. ومصير الضحايا.. بعضهم يؤكد أن الثورة في تونس شعبية والبعض الآخر يشير الى أنها «بورجوازية» مقابل تمسك الطرف الثالث بالتأكيد أنها كانت من أجل الحرية والكرامة فقط ولكل مبرّراته واستشهاداته وتحاليله التي يرفض فيها المطلبية حينا ويدافع عن المعطلين عن العمل حينا آخر مقابل الدعوة الى حسن تفعيل المرحلة الانتقالية والقضاء على الرواسب السلبية وانتخاب المجلس التأسيسي وترسيخ الديمقراطية في أرقى معانيها وتأسيس الثوابت والخيارات الناجعة لما بعد 24 جويلية المقبل.. ليبقى الأمل كبيرا والتفاؤل أكبر إذا حرص كل طرف ومن موقعه على زرع بذور الخير بمفهومه العميق في كل شبر من تراب البلاد دون تطرف ولا ميوعة ولا نزعات ضيقة ولا نرجسية ولا اتهامات مجانية ولا دعوة للتفرقة ولا غيرها غير الدعوة وبصوت واحد الى حماية الثورة والدفاع عن مبادئها من أجل حماية تونس وكرامة شعبها وحريته وارتقاء البلاد الى ما يرنو إليه كل تونسي مهما كان لون حزبه أو استقلاليته أو حجمه أو مستواه أو فكره.. تناقضات صارخة؟!! من يوم إلى آخر تبرز تناقضات بعض الذين يحضرون وباستمرار في منابر القنوات التلفزية ومختلف الفضائيات ولعلّ آخر ما استقطب اهتمام الكثيرين من المثقفين وغيرهم وبشكل سلبي للغاية هو ما أكده أحدهم للفضائية الليبية في الليلة الفاصلة بين الاربعاء والخميس المنقضيين الذي تناقض تماما مع نفسه ومع ما كان يردّده منذ أيام قليلة حول ما يحصل في ليبيا الشقيقة حيث كان متطرفا ومنحازا للثوار ومنكّلا بنظام القذافي.. وسبحان مغير الأحوال حيث بعد ذلك أصبح انحيازه متطرفا وبشكل كبير للقذافي مقابل اعتبار الثوار عملاء وشرذمة مرتزقة ولا تجني غير الفشل والغبن والجبن ومشيدا بمواقف كان منذ أيام فقط في المقابل يندّد بها وبشدّة..؟؟!! أقوى من المطر والشمس عندما تسقط الأقنعة تتجلى الحقيقة دون مساحيق لتبدو عارية دون غموض ولا تلبدات، ولذلك فإن الثورة كانت مثل المطر الذي تطهر الأجواء من تلوثها ومثل الشمس التي تبدّد ظلام الليل إلاّ أن البعض ظهروا وكأنهم أقوى من «المطر والشمس» (بالتعبير المجازي طبعا)،حيث رغم كل هذا وذاك ولمجرد سقوط أقنعتهم ارتدوا وبسرعة أقنعة جديدة وركبوا الصهوات وكأنه شيء لم يقع؟ حرام.. و«الزواولة» محرومون؟! المعروف أن سعر الحليب في تونس يعتبر مرتفعا خاصة أنه من المواد الأساسية غير أن ما رأيناه خلال الأيام الأخيرة يثير الحيرة والتعجب والتساؤل حيث أن بعضهم يسقون الأرض حليبا نتيجة لعدم تقبل تلك الكميات من قبل المجمعات وغيرها وأيضا غياب المؤسسات أو قلّتها والمختصة في التجفيف وما شابهها.. «واللّه حرام.. أن نرى الحليب في التراب دون أن يتمتع به «الغلابة» من «الزواولة» وغيرهم ودون أن ندعم الاقتصاد ولا غيره لتذهب هذه المادة الحياتية الأساسية هدرا وهباء منثورا؟؟!! الكتاب خير أنيس.. ولكن تحدث الكثيرون في منابرهم حول كل شيء تقريبا غير أن موضوع صناعة الكتاب والمسائل الثقافية الأخرى المتداخلة ظلت كلها منسيّة أو دون اهتمام حتى خيّل للكتاب مثلا أن الأمر لا يهمّ أحدا والحال أن علاقة الكاتب بالناثر مازالت غامضة ومتسمة بالاستغلال مما يجبر الكاتب على الترفيع في سعر تأليفه طالما أن انجاز هذا التأليف يعتبر باهظا للغاية.. مقابل ترك الكثيرين كتبهم أو تآليفهم في رفوف المكتبات دون أن ترى النور على مستوى الاصدار والنشر بسبب عدم القدرة على ذلك.. فهل من مراجعة لهذه المسألة التي تبقى مهمة وخاصة بعد الثورة حتى نعيد للكتاب هيبته وحجمه وللكاتب أمله وللقارئ فرصة القدرة على الشراء وللبلاد وهي الأهم اشعاعها الثقافي على مستوى الكتاب الذي يبقى خير أنيس مهما تطورت الوسائل الأخرى. «كرومة» المصحّحين؟؟ من العناصر الفاعلة في عالم الصحافة المكتوبة نجد المصحّحين الذين بفضلهم يتمّ انقاذ الصحف من الأخطاء المطبعية وغيرها والتي قد تؤدي الى تغيير المعاني فضلا عن الأخطاء الأخرى التي يمكن أن تتسرب وتتسبب في «كوارث» للصحيفة ماديا ومعنويا شأنها شأن المجتمع ككل وقطاع الاعلام بصفة خاصة غير أن هؤلاء المصّحيين مازالوا في بلادنا مثل «الكرومة متاكلة ومذمومة» وخاصة على مستوى عدم ادماجهم وإدراجهم في العائلة الصحفية وذلك من حيث الجرايات والامتيازات وغيرها على الرغم من أن هذه الشريحة الصحفية المهمة تضمّ الكفاءات وأصحاب الشهائد العليا من المختصين وغيرهم. مصير الضحايا؟؟ كثيرون هم الذين نهبوا منازلهم وسرقوا أنفس ما فيها ومنهم من وجد منزله «سقفا وقاعة» ومن حرقوا سياراتهم ونهبوا متاجرهم ولكن دون جدوى وخاصة عند التسجيل «ضد مجهول» واستغلال الثورة «سلبا» لذلك..هؤلاء يتساءلون عن مصيرهم؟