بقلم: محمد الصالح العيّاري (مستشار جبائي) هذا شعار من جملة الشعارات التي رفعها المستشارون الجبائيون خلال المسيرة التي قاموا بها يوم السبت 12 مارس 2011 بساحة الحكومة بالقصبة أمام وزارة المالية وبشارع باب بنات أمام وزارة العدل وحقوق الانسان. وتعود الاسباب التي دفعت بالمستشارين الجبائيين الى الاحتجاج لاحساسهم بالتعدّي على حقوقهم المشروعة إزاء مشروع الهيئة الوطنية للمحامين للقانون المنظم لمهنة المحاماة والذي يتضمّن احكاما أقل ما يقال فيها أنها مخالفة للدستور وتتجاهل تماما القانون المنظّم لمهنة المستشارين الجبائيين وذلك كما هو مبيّن كالآتي: إن الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرّخ في 14 ديسمبر 1960 ينص بكل وضوح على: «أن جميع الشركات او الاشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدّهم بيد المساعدة والنصائح او الدفاع عن حقوقهم لدى الادارة الجبائية او المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشاريين سواء كان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية...». إن الفصل 2 من مشروع الهيئة الوطنية للمحامين المنظم لمهنة المحاماة ينصّ بفقرته الاولى على أن المحامي يختص دون سواه بنيابة الاطراف على اختلاف طبيعتهم القانونية ومساعدتهم بالنصح والاستشارة. كما ينص نفس الفصل بالفقرة الرابعة منه على أن المحامي يمكنه القيام خاصة، بأعمال التفاوض والتمثيل لدى المصالح الجبائية والادارية. وباعتبار أن مشروع القانون سالف الذكر يخوّل للمحامي القيام بكل المهام «دون سواه» و«دون غيره» فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كالآتي: ما هي المهام التي بقيت للمستشار الجبائي خاصة وأن القانون المنظم لمهنة المستشارين الجبائيين يخوّل لهم «القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدّهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع عن حقوقهم لدى ادارة الجباية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية...» وذلك كما هو مبيّن أعلاه. إن الفصل 10 من القانون المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين ينص بصريح العبارة على: «أن أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة محام ويقومون بصفة ثانوية بمهنة مستشار جبائي». فلماذا يريد المحامون الاستحواذ على مهنة المستشار الجبائي في حين أن القانون سالف الذكر يعطيهم حق القيام بمهنة مستشار جبائي «بصفة ثانوية»؟ إن مشروع الهيئة الوطنية للمحامين يمثل عائقا أمام خلق مواطن شغل جديدة لطلبة المعهد الوطني للجباية والمالية بسوسة ولطلبة الماجستير المهني في القانون الجبائي بكليّة العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس ولبقية طلبة المعاهد الاخرى التي أدرجت ضمن برامجها شعبا في الاختصاص الجبائي. إن الفصل 7 من الدستور ينص على أنه «يتمتع المواطن بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبيّنة بالقانون، ولا يحد من هذه الحقوق الا بقانون يتخذ لاحترام حقوق الغير ولصالح الأمن العام والدفاع الوطني ولازدهار الاقتصاد وللنهوض الاجتماعي». وبما أن المستشار الجبائي يمارس حقه المشروع في إطار المهام المناطة بعهدته طبقا للقانون، فإن حرمانه من ممارسة هذا الحق هو مخالف للدستور كما هو مبيّن اعلاه، باعتبار أن حقوق الغير محترمة ولأن قيام المستشار الجبائي بواجباته المهنية المحددة بقانون 1960 لا يمس بتاتا بالأمن العام والدفاع الوطني وازدهار الاقتصاد والنهوض الاجتماعي. واعتبارا لكل هذه المآخذ المتعلّقة بمشروع القانون الذي أعدّته الهيئة الوطنية للمحامين فإن الشعارات التي رفعها المستشارون الجبائيون مثل «بعد ثورة الحريّة لا للانتهازية» أو «يا عميد المحامين للمشروع رافضين» تبرهن أن عهد الدكتاتورية ولّى وانتهى ولا يمكن لأي مهنة ان تفرض هيمنتها على مهن أخرى لأن كل أفراد الشعب التونسي يريدون العيش في وئام وفي احترام متبادل ولا يقبل بتاتا أن تمرر الهيئة الوطنية للمحامين مشروع قانون يخدم مصلحة مهنة معيّنة على حساب مهنة أخرى خاصة في ظرف حساس بعد ثورة الكرامة والحرية يتوق فيه كل التونسيون الى وضع اليد في اليد للنهوض بهذا الوطن العزيز وارساء السلم الاجتماعية والديمقراطية وتجاوز هذه المرحلة الصعبة حتى تبقى تونس فوق الجميع وفوق المصالح الضيّقة والآنية.