على اثر فشل اجتماع «الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي» المنعقد أمس 17 مارس 2011 وعدم قدرتها على تدارس النقاط المدرجة في جدول أعمالها، فإن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يعتبر أن هذا الفشل كان منتظرا باعتبار أن تركيبة الهيئة كانت محكومة بتوافق مغشوش بين من يحاول الالتفاف على الثورة لتحصين مواقعه القديمة وبين من يمارس الوصاية على الثورة من أجل التموقع في الخارطة السياسية الجديدة وهو وفاق لا تترجم أهدافه عن وفاء حقيقي لمطالب الشعب، وأمام هذا الفشل فإن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يتوجه بما يلي: 1 ان مرحلة الانتقال الى الديمقراطية تستوجب حدا كبيرا من التوافق حول جملة المعاير المحددة للمستقبل السياسي للبلاد بعيدا عن كل أشكال الاستقطاب التي ستمثل عائقا حقيقيا أمام انتقال يضمن الديمقراطية وبناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية ويراعي ضرورات الاستقرار والتنمية. 2 ان ظاهرة التسيب الخطيرة في استخدام مفاهيم الثورة والثورة المضادة دون معايير دقيقة وموضوعية يشكل حالة من حالات الارباك والفرز الخاطئ الذي لن يكون الا عائقا أمام انجاح عملية الانتقال الى الديمقراطية وقد يؤدي الى انتاج نظام سلطوي جديد بأدوات أخرى وتموقعات بديلة لا علاقة لها بأهداف الثورة ومصالح الوطن والمواطن. 3 ان التراوح بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية لم يترافق مع سلوك سياسي مسؤول قادر على انجاح عملية الانتقال الديمقراطي والاصلاح السياسي المنشود بل ترافق مع عقلية ازدواجية المعايير في التعامل مع الشرعيتين بهدف اقصاء بعض الأطراف وتثبيت أخرى دون موجب حق وهو ما يكشف عنه الغموض الذي أحاط بتولي الرئيس المؤقت السلطة وكذلك الوزير الأول والرأي العام على دراية كاملة بمواقعهما القديمة في صلب النظام السابق بنسختيه. 4 ان هذه الاخلالات تعبر عن مسعى واضح في استمرار هاجس التموقع في السلطة وبنائها وهو ما يكشف عن تهميش أولوية بناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية وتركيز أسسها. 5 يستنكر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي اقصاء فعاليات كان لها دور ريادي في الثورة وأهمها الشباب وعائلات الشهداء خاصة في «تونس الأعماق». 6 يذكر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أنه لا يتكلم باسم الشعب وارادته الحرة ولا ينصب نفسه وصيا على الثورة بل انه يتبنى بكل وضوح في هذه المرحلة «برنامج الوفاء لمطالب الثورة» ويعتبر هذا البرنامج مرشده الأول في مواقفه السياسية، ويدعو في ذات الوقت كل الأطراف الى التخلي عن منطق الالتفاف أو الوصاية على الثورة والانخراط في منطق الوفاء لمطالبها بكل ما يستوجبه من مسؤولية عالية ازاء الوطن والشعب. 7 ان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي اذ يذكر بهذه الحقائق فإنه لا يحدد أولوية مطالبه على قاعدة الحضور في مختلف الهياكل وخاصة الهيئة العليا بل ان ما يعنيه أولا الآليات السليمة والعقلية السياسية الرصينة والتوجه بالبلاد نحو حياة ديمقراطية حقيقية وتركيز دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية واشتغال كل المنظمات والجمعيات حسب مقتضيات أدوارها وعلوية القانون على الرهانات السياسية الضيقة. 8 يحذر من ايصال البلاد بهذه الانماط من السلوك الاقصائي والغامض الى خيارين لا يخدمان المصلحة العامة خيار الفوضى وخيار اعادة انتاج الدكتاتورية في أثواب جديدة. 9 أمام كل هذه الحقائق وانطلاقا من برنامجه في الوفاء لمطالب الثورة فإن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يدعو كل القوى الوطنية المعنية الى التصدي لهذه المخاطر والسعي الى عقد مؤتمر وطني للحوار حول السبل الكفيلة بتجاوز المعوقات وانجاح عملية الانتقال الديمقراطية ورسم ملامح الديمقراطية حتى يكون التنافس على قاعدة التراضي حول المعايير الكبرى، كما يدعو كل القوى الفاعلة الى التعقل وتغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة وتجاوز الانتهازية السياسية المغلقة بالجملة الثورية لأنها ستنكشف أمام الشعب ولو بعد حين. الأمين العام