دعا عثمان بوصندل المهندس المختص في الكيمياء التحليلية والامتصاص الذرّي الي ضرورة التخلّي عن مشروع المفاعل النووي الصناعي الذي تسعى تونس لتركيزه بغاية انتاج الكهرباء. وقال في تصريح خصّ به «الشروق» انه «آن الأوان للعدول عن عن هذا القرار نظرا لتوفّر البدائل لإنتاج الطاقة وبالنظر الى خطورة إحداث هذا المشروع». وكان فريق مختص كُلّف صلب شركة الكهرباء والغاز «الستاغ» منذ عام 2006 بإعداد دراسة جدوى لهذا المشروع سينتهي من إعدادها عام 2016 وذلك بدراسة مختلف الجوانب المتعلقة بالمشروع ومنها اختيار موقعه والتكنولوجيا التي سيتم استخدامها فيه. تعليقا عن هذا المشروع قال السيد بوصندل ان الأمر سيكون كارثيا بالنسبة لتونس في حال تمّ تركيز المفاعل نظرا لعدة أسباب. تلوث إشعاعي يعتقد السيد بوصندل الاخصائي في الكيمياء التحليلية والامتصاص الذري أن رفض المشروع لم يكن متاحا في السابق.. فطرح مثل هذه الفكرة تكون نتيجته حتما الموافقة ولا مجال لرفضها خاصة وأن هذا المشروع أذن به بن علي شخصيا عام 2006. وشرح السيد بوصندل خطورة الاشعاع النووي الذي قد ينجرّ عن المفاعل خاصة وأنه لا أحد وأيّا كان التطور العلمي يضمن صفرا من الأخطاء في تركيز المفاعلات.. قائلا ان هناك ثلاثة أنواع من الاشعاعات «قما» الأقل خطورة وهي مستخدمة في المجال الطبي و«بطا» و«ألفا» وهي الاشعاعات الأكثر خطورة إذ تصيب خلايا الكائنات الحية وبالتالي تصيب الانسان بالسرطان وتقتل النبات والحيوان وتصيب حتى المعادن فتصبح موادا مشعّة. ولأن كل مفاعل نووي يحتاج جهاز تبريد فيركّز في الغالب على الشواطئ أو قرب البحيرات حتما سيتسبّب في تلوّث البحر وبالتالي ضرب القطاع السياحي في الجهة حيث سيتمّ تركيزه. خسائر اقتصادية قال أيضا ان المشروع لو تمّ تركيزه سيؤثر سلبا على الانتاج الفلاحي لمحيطه. كما قال ان المفاعل قنبلة موقوتة أيّا كانت إجراءات الأمن والأمان النووي فيه.. مشيرا أنه يحتاج حراسة مشددة بحرا وجوا وبرّا تجنّبا لخطر المسّ به وهي حراسة قد لا نستطيع توفيرها على أكمل وجه. وأوضح المتحدث أن الدول الكبرى احتاجت لتركيز مفاعلات نظرا لاحتياجاتها الكبرى للكهرباء خاصة في المجال الصناعي (منها صناعة السيارات والسفن والطائرات وغيرها) بالاضافة الى كثافة استهلاك سكانها في عدد من مدنها المليونية وفي تونس يختلف الأمر.. إذ أن حاجياتنا من الكهرباء باستطاعة الرياح والشمس والمياه توفيرها لنا ولا منفعة لنا في تركيز مفاعل نووي.. وحتى وإن فكّرنا في التصدير لدول الجوار فإننا سنكون خاسرين حتما لأن أجوارنا ورغم شساعة الصحارى عندهم وبعدها عن السكان ورغم امكانياتهم المادية لم يسعوا لتركيز مفاعلات نووية.. في الوقت الذي تلهث فيه تونس لدسّ هذه «القنبلة» على حدّ وصفه بين السكان. كما أكد أن إيجابيات تركيز المفاعلات في الدول الكبرى غطّت عن سلبياتها ومنها ارتفاع سعر الكهرباء وكثافة استهلاكه لكنهم يعانون من النفايات ويتخلصون منها بالدفن في أراض دول أخرى فقيرة. أزمة النفايات ستواجه بلادنا ذات الاشكالية إذ سنحتاج لدفن النفايات والتخلص منها دون ضرر وسنحتاج لتوريد الوقود النووي بأسعار باهظة جدا كما سنحتاج لضخّ كميات كبيرة من المياه الضرورية في استخدام الوقود النووي.. ستكون لنا خسائر اقتصادية كبرى تغطي أي مكسب قد ينجرّ عن إنجاز هذا المشروع لذلك نناشد كل من له قرار بالتخلّي عن فكرة تنفيذ هذا المشروع الذي لن تستطيع تونس التخلّص من تبعاته.. نحن لسنا في حاجة الى مفاعل ينتج لنا الكهرباء تكفينا الطاقات البديلة لدينا طاقة الشمس والرياح والسدود لنا بدائل فلماذا نسعى خلف النووي في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات عالميا لرفض المفاعلات منها أصوات في اسرائيل تنادي بغلق مفاعل ديمونا» على حدّ قوله. الخضر يرفضونه سياسيا قال عبد القادر الزيتوني المنسّق العام لحزب تونس الخضراء ان الخضر يرفضون هذا المشروع وأنهم سيقفون ضدّ تركيز المفاعل.. «فالعالم يتجه نحو التخلص من المفاعلات إذ أغلقت ألمانيا عددا من محطاتها النووية وستتبعها فرنسا ومثلها ستفعل دول أخرى وفي المقابل تلهث تونس لكسبه» حسب قوله. وأضاف أن خطر الاشعاع لا حدّ له وأيّا كانت اجراءات الأمان النووي تحصل الحوادث وخير دليل على ذلك انصهار مفاعل تشارنوبيل سابقا وإمكانية انصهار مفاعل فوكوشيما الياباني هذه الأيام عقب الزلزال الذي هزّ البلاد بداية الشهر الجاري. ويتساءل بدوره عن المنفعة من تركيز مشروع خطير وله تأثيرات سلبية على الاقتصاد. وقال ان التمويلات الضخمة التي سيتم تخصيصها لتركيز المفاعل من الأجدى أن يتمّ تحويلها لتشغيل الشباب في إنتاج الكهرباء من الطاقات النظيفة.