للأمانة.. والعهدة عليه تحدث الصديق عبد الخالق قال: أخذ الجوع مني مأخذه. ولم يكن لي ما يسد الرمق. فركنت إلى جذع شجرة في حديقة عمومية هي بقية إرث من الاستعمار. واتخذت منها متكأ وما أكثر المتكئين على الاستعمار وإرثه. وأنا أصارع مخالب الجوع التي تنهش أمعائي. وفجأة دنا مني شاب رقيق أنيق وكلّه في العتيق، وطلب مني إن كنت أرغب في الملك والجاه والشهرة والنجومية؟ فقلت له هات لي خبزا ولك الباقي. قال أنا صاحب سرك وهذا الزمن هو زمن السرك فهل ترضى أن تكون أحد أفراد سركي؟ فقلت خذني سركا لك. وافعل بي ما تريد وما تشاء قال لقد مات أسد من أسودي أريد منك تعويضه. قلت كيف؟ قال سألبسك جلد الأسد المفقود وستلعب دوره. وألبسني الجلد ودربني إلى أن «استأسدت» وما أسهل أن يصبح المرء أسدا إذا ما تعلق الأمر بالسرك طبعا. وكان دوري أن أدخل حلبة السرك هائجا حانقا مكشرا عن أنيابي رافضا أن يقترب مني أي كان. وفجأة تدخل إحدى جميلات السرك وتداعبني ثم تضع رأسها في فمي فأمسّح على شعرها الناعم بلساني وألاطفها ثم أبرك أمامها فتركبني وأحمّلها على ظهري وأخرج من الحلبة وكان الأمر كذلك وكان صاحب السرك يطعمني لحم الترد وبيض الحوت والبيتزا والجوز واللوز والموز. وأثناء الخروج اعترضني أسد أسود كله بطش وهيجان وهو يملأ الفضاء زئيرا ووعيدا بالفتك لكل من اعترضه في الجلبة. وما إن اقترب مني حتى انبطحت أرضا أنتظر سفك دمي وتقطيع لحمي وما كان من هذا الأسد الهائج الثائر إلا أن اتكأ عليّ وهمس في أذني بكل لطف وقال: لا تخف فأنا جلد مثلك. فنهضت من نومي مذعورا من هذا الحلم المرعب ووجدت كل أفراد العائلة يتابعون برنامجا حواريا تلفزيا ساخنا وهو يجمع مجموعة من الأسود في الحقل السياسي فتنفست الصعداء. وحمدت اللّه على أن أحوالنا وأمورنا في اليقظة كما هي في الحلم تماما جلدية! جلدية! جلدية..! وهذا سرك آخر سيبقى مفتوحا إلى يوم الانتخاب حيث سنحاسب بعضنا بالجلد.