مازالت العديد من المناطق الداخلية بالبلاد التونسية تعاني من حالة التهميش، طالت كل مفاصل الحياة، ورغم ما قدمته هذه الجهات من شهداء وجرحى من أجل انجاز ثورة الحرية والكرامة، ورغم ما أبداه الأهل في تلك الربوع من صبر على ما تمرّ به البلاد في هذا المنعرج التاريخي، ورغم عدم تورط أبنائها في المطلبية الشخصية الضيقة التي أبداها غيرهم من المرفّهين والحاصلين على الامتيازات، ورغم حرمانهم على مدى عقود كاملة، فإنهم كانوا دائما أبناء هذا الوطن. لا يفكرون إلاّ في همومه وقضاياه. لكن، ورغم كل ذلك فإنّ الدولة التي تتحمّل مسؤوليتها اليوم الحكومة المؤقتة، لم تبد أي استعداد لمعالجة قضايا التنمية والتصدّي للفقر والتهميش والبطالة بل يمكن أحيانا أن نلاحظ حالة اقصائية تبرز من خلال طرح قضايا تدخل مناقشتها في باب الترف السياسي والفكري. فمن لا مأكل له ولا ملبس ولا مشرب ولا مسكن.. لا يمكن اقناعه بما يروّج له من كلمات مثل هدوء النفس والتحلّي بالصبر والعقلانية. فالحقيقة تبدو جليّة وواضحة، بأن الدولة والمسؤولين عنها مطالبون بالعمل على النهوض الاجتماعي بمناطق وفئات وطبقات كانت ومازالت مهمشة وإن اختاروا سياسة غض الطرف، فلا نتساءل يومئذ لماذا يعتصم المهمشون وأبناء الفقراء والمضطهدون في القصبة؟ ولماذا يواجهون هذه الحكومة ويطالبون باسقاط النظام بكل ما يعنيه من كلمة؟