«البدون» في لساننا الشعبي هو تلك الآنية التي نضع فيها الزيوت والسوائل. وجمعها «أبّادن» وهي إمّا أن تكون حديدية أو من مادة البلاستيك. وأكثرها شهرة ونجومية هي المعروضة على حواشي الطرقات حيث ازدهرت تجارة البنزين المهرب. ويعرف عند الفرنسيين بال«Bidon» ويطلقونها أيضا على القضايا والأفكار الفارغة نعتا حتى أن بعض شبابنا إن لم تعجبه فكرة يقول إنها «فكرة بدُونة». و«البدون» عند أشقائنا الكويتيين هم المهاجرون إلى الكويت والمستوطنون فيها منذ آماد مهما كانت طويلة أو قصيرة معنى ذلك أن «البدون» هو الذي بدون جنسية كويتية رغم أنه مستوطن بالكويت وهو ما يضعه في درجة سفلى من المواطنة. ذلك هو البدون الكويتي. ولكن هل يوجد بدون تونس؟ أجيب «بدون» تردد هنالك 2.5 مليون بدون في تونس يلاحقهم الاقصاء والرفض وهنالك من يسعى أن يسلب منهم حق المواطنة تماما كالبدون الكويتي وربما بصفة أحد وأعمق وأسحق للذات والكيان. فالبدون التونسي هم أولئك ال2.5 مليون الذين كان لهم حزب واليوم أصبحوا «بدونه». وهؤلاء البدون باتوا على صفة «لحمة الكرومة متاكلة ومذمومة» مرفوضون جهرا ومطلوبون سرّا وبأغلى ثمن فكل الأحزاب من أقصى يمينها إلى قصى يسارها تتسارع وتصارع على أن تجعل من هؤلاء البدون «أبّادن» لشحن مسارها ومصيرها الانتخابي إذ بدأت التحركات على كسب ود هؤلاء البدون على أكثر من واجهة وصعيد وفي أكثر من مكان وزمان. والتحركات مرشحة للزيادة والارتفاع في نسقها في كل شبر من تونس أي حيثما تواجد البدون. وإذا «كانت الغاية تبرر الوسيلة» عند الساسة بالخصوص فهلا تكون ذئات الأحزاب بقديمها وجديدها أدركت ببديهتها الانتخابية أن التفريط في 2.5 مليون بدون هي «فكرة بدونة».